الكتاب: "الجهاد الأمريكي من كابول إلى إسطنبول"
الكاتب: د. عبد الله علي صبري
الناشر: اتحاد الكتاب العرب بدمشق، الطبعة الأولى سبتمبر 2023
(199
صفحة من الحجم المتوسط).
يعد الجهاد من المصطلحات الفضفاضة في حياة المسلمين، وقد ابتليت
الأمة الإسلامية منذ مراحل التكوين الأولى بفهم مشوش للجهاد والقتال، فغدا بأس
الأمة شديداً في إدارة الصراع فيما بينها، حيث سلت السيوف، وانتُهِكَتِ الحُرمات،
وسُفِكَتِ الدماء تحت رايات ومقولات إسلامية، بلغت ذروتها وانحرافها في أيامنا
المعاصرة، مع نشوء تنظيمات وجماعات إرهابية استحلت القتل، وأعلنت " التوحش
على أبناء الأمة قبل أعدائها، ومضت في غيها وإرهابها، وهي تزعم الصلاح والتقوى
والسير على خطى السلف واستعادة قوة وأمجاد الدولة الإسلامية. وما يؤسف له أن هذه
الجماعات قد نبتت وترعرعت في مجتمعات أسيرة لفقه الماضي والموروث العصبوي التقليدي
ومدعومة من أنظمة وسلطات لا تكف عن العبث بالمفاهيم الإسلامية الصحيحة، ولا تتورع
عن إقحام الدين في خدمة أجندتها السياسية وتوظيف علماء السوء باتجاه خلق حالة من
الدين المغشوش والمنحرف عن جوهر الإسلام وتعاليمه السمحة.
لقد مثل غموض الظاهرة السلفية وعلاقتها بالإسلام السياسي منطلق تساؤل
الباحث التونسي كمال الساكري وحيرته، فكان أهم دواعي كتابه عن السلفية . فأصبح
السؤال المركزي للبحث: كيف يمكن اعتبار السلفية حركة سياسية لها فهمها السياسي
ومشروعها السياسي بالرغم من الاعتقاد السائد حول رفضها للسياسة وعدم انتمائها
بالتالي إلى الإسلام السياسي.
ويرى الباحث، أنّ الإجابة عن هذا السؤال آثارلديه ثلاث إشكاليات:
الأولى : هل السلفية حركة دينية دعوية صرف أو حركة سياسية وإن بطريقة
مغايرة؟
والثانية هي: هل السلفية حركة واحدة موحدة وإنْ بدتْ متعددة الفروع
أو هي حركات متعددة ومتباينة حد التناقض فيما بينها؟
والثالثة هي: هل السلفية حركة تجديد ديني ونهوض سياسي وحضاري أو هي
مجرد توجه تقليدي نكوصي يريد إعادة إنتاج الماضي المتخلف تحت شعار خلاب هو استعادة
الدولة الإسلامية النموذجية؟
ويعتقد الباحث أنّ الإجابة عن هذه الإشكاليات الثلاث تنبع من فرضيتين
كبريين تؤطران البحث وتوجهاته إلى تحقيق أهدافه المرجوة، وهما الفرضية الأولى: السلفية
صاحبة مشروع سياسي على عكس الاعتقاد السائد. والفرضية الثانية: السلفية أصل
الإسلام السياسي وليست خارجه عنه أو مجرد فرع منه.
فقد أثارت تلك الإشكاليات وهاتان الفرضيتان أسئلة جوهرية قادرة في
تكاملها على تناول الظاهرة السلفية تناولاً شاملاً ويعطي إجابة وافية عن
"الكل السلفي". وهو تميز ينفرد به هذا الكتاب طالما أنَّ جميع الأعمال
السابقة التي أمكن للباحث الاطلاع عليها لم تنل هذا التميز لأنها اتصفت ـ على
تفاوت إحاطتها بالظاهرة السلفية ـ بالتناول الجزئي.
بينما تسعى الأيدولوجية السلفية الكلاسيكية إلى إحياء الماضي وإعادة إنتاجه لكونه فترة مقدسة ونموذجية وغاية المنتهى ولا تميز بين قداسة الإسلام المعياري ودنيوية الإسلام التاريخي فإن الإيديولوجيا السلفية الحديثة تقدر الماضي الديني في بعده العقدي ومبادئ الإسلام المعياري الإنسانية السمحة وتنطلق منه لبناء نهضة حديثة قوامها العلم والمدنية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والسلام العالمي.
ولقد وفق الكتاب في تقديم مفهوم واف عن الظاهرة السلفية حينما لم
يكتف بملاحظة تضارب
مفاهيم السلفية ولبسها وتقلقلها فحسب وكان ذلك مجهود الأعمال
السابقة وإنَّما تجاوزها إلى تفسير سبب ذلك التقلقل عندما رَدَّهُ إلى تعددِ
تياراتِ السلفية،إذ بلغت سبعة وانقسامها إجمالاً إلى أيديولوجتين كبيرتين
متناقضتين: أيديولوجيا كلاسيكية ماضوية وأيديولوجيا حديثة تجديدية تتفقان في أهمية
السلف والإسلام كهوية ومرتكز لكن تختلفان في نظرية التغيير.
فبينما تسعى
الأيدولوجية السلفية الكلاسيكية إلى إحياء الماضي وإعادة إنتاجه لكونه فترة مقدسة
ونموذجية وغاية المنتهى ولا تميز بين قداسة الإسلام المعياري ودنيوية الإسلام
التاريخي فإن الإيديولوجيا السلفية الحديثة تقدر الماضي الديني في بعده العقدي
ومبادئ الإسلام المعياري الإنسانية السمحة وتنطلق منه لبناء نهضة حديثة قوامها
العلم والمدنية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والسلام العالمي.
وإذ تضافرت عوامل كثيرة فمنحت السلفية الوهابية الصدارة في المنابر
الدينية والإعلامية، فإن الأمة لم تعدم نماذج مستنيرة ومتحررة أثرت المكتبة
الإسلامية بمؤلفات واجتهادات تنم عن حالة من الورع والعقلانية في التصدي للمسائل
والفتاوى الدينية. ومن هؤلاء العلامة والمفكر الإسلامي محمد سعيد رمضان البوطي،
الذي استشهد في مارس/ آذار 2013م، بتفجير إرهابي وقع داخل جامع الإيمان بحي
المزرعة في دمشق ونفذ بواسطة انتحاري مجهز بحزام ناسف واستشهد إلى جواره العشرات
من المصلين.
يقول الدكتور عبد الله علي صبري في هذا السياق: "للسيد البوطي
عشرات المؤلفات والمحاضرات، ومن أهمها كتابه الشهير" الجهاد في الإسلام، كيف
نفهمه وكيف نمارسه؟. يضعنا البوطي في مؤلفه أمام حقيقة تغيب كثيراً في التناولات
الفكرية والتوجهات العملية للحركات الإسلامية المعاصرة، وجوهر هذه الحقيقة يكمن في
التفريق بين مفهومي الجهاد والقتال، فليس كل قتال جهاداً، كما أن القتال نفسه ليس
إلا صورة من صور الجهاد.
وللتدليل ولفت الانتباه معاً يستعرض البوطي التجربة المكية حيث كان
النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ والرعيل الأول من المسلمين يواجهون أذى
قريش بالصبر والاحتساب والثبات على المبدأ، دون عنف أو قتال.
رؤية البوطي للجهاد
يذهب البوطي إلى أن الصدع بكلمة الحق والدعوة إلى الله كانت من أهم
أنواع الجهاد التي شرعت مع فجر الإسلام، مستدلاً على ذلك بقوله تعالى: ((فلا تطع
الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً)) الفرقان: 52 وبقوله: ((ثم إن ربك للذين
هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم)) النحل:
110. وهاتان آیتان مكيتان ذكر فيهما الجهاد بمعنى مختلف عن القتال الذي فرض على
المسلمين بعد هجرتهم إلى يثرب هنا يقرر البوطي أن للجهاد مفهوماً أوسع من القتال،
مستدلاً أيضاً بأحاديث نبوية صحيحة مثل: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان
جائر" و"أفضل الجهاد أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله تعالى".
قد يقول قائل: إنَّ التفريق بين الجهاد والقتال ليس جديداً، وهذا
صحيح، لكن المشكلة تكمن في الفهم المستقر بأن القتال قد شرع للمسلمين بعد أن
أصبحوا قوة يعتد بها في المدينة، وهذا ما يدحضه البوطي في كتابه وفتاويه.
لكن لماذا شرع القتال في المدينة وليس في مكة مع بواكير الدعوة
الإسلامية؟
للإجابة عن السؤال العريض أعلاه يحشد البوطي الآيات القرآنية
والأحاديث النبوية الصحيحة والوقائع التاريخية التي تدعم استنتاجات هي على خلاف ما
تطفح به كثير من أقوال المتفيقهين وأمراء الجماعات الإرهابية. فالقتال شرع
بالمدينة بعد أن أصبح للمسلمين وطن وجماعة يجب الدفاع عنهما، وقد نصت وثيقة
المدينة على هذا المعنى:
ـ
المسلمون من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق
بهم وجاهد معهم، أمة واحدة من دون الناس.
ـ إن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين
نفقتهم، وإن بينهم النصر على من حارب أهل الصحيفة وإن بينهم النصح والنصيحة.
علماً أن وثيقة المدينة كانت بمثابة الدستور الناظم للعلاقة بين
المهاجرين والأنصار، وبين المسلمين من جانب والقبائل اليهودية التي كانت في
المدينة من جانب آخر، وقد دلت بنودها على قبول المسلمين وتعايشهم مع المختلف
دينياً، واحتكامهم جميعاً إلى حقوق وواجبات أصيلة عنوانها المواطنة والدفاع عن
الوطن. ومع ذلك، نجد من يتمسك بدعوى أن القتال شرع في الإسلام للقضاء على الكفرة
وليس للدفاع عن الوطن أو الجماعة، وهذا ما جعل البوطي يستفيض في شرح ونقاش آيات
القتال بسورة التوبة، التي أشكلت على بعضهم، فجعلتهم يتوهمون أن الإسلام يحث على
قتال الكفر والكفار بالمطلق.
إنَّ التفريق بين الجهاد والقتال ليس جديداً، وهذا صحيح، لكن المشكلة تكمن في الفهم المستقر بأن القتال قد شرع للمسلمين بعد أن أصبحوا قوة يعتد بها في المدينة، وهذا ما يدحضه البوطي في كتابه وفتاويه.
وكما اختلف الفقهاء بشأن علة قتال المشركين، فقد أشكل عليهم وعلى
كثير من المتأخرين الفرق بين القتل والقتال، وهنا يستدل العلامة البوطي بمقولتين
هامتين إحداهما للإمام الشافعي والأخرى لابن دقيق العبد، إذ يقول الشافعي: "
ليس القتال من القتل بسبيل وقد يحل قتال الرجل ولا يحل قتله. ويقول ابن دقيق
العبد: لا يلزم من إباحة المقاتلة إباحة القتل، لأن المقاتلة مفاعلة تستلزم وقوع
القتال من الجانبين على ذلك.
وأقول هنا: ألا يدرك القتلة والمجرمون كم يجنون على الإسلام وهم
يقتلون الأبرياء والمسالمين في عمليات انتحارية وفي عمليات إعدام جماعية بالرصاص
أو ذبحاً بالسكاكين ولا يفرقون في جرائمهم بين مسلم وغير مسلم ولا بين مسالم أو
محارب.؟!!
ويتخذ البوطي من التفريق بين مصطلحي "أقتل"
و"أقاتل" مدخلاً لكشف اللبس حول الحديث النبوي: "أمرت أن أقاتل
الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا
الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على
الله".
يرى البوطي أن كلمة "أقاتل" التي هي على وزن
"أفاعل" تدل على المشاركة من طرفين، كأن تقول لأقاتلن هؤلاء على
ممتلكاتي أو على عرضي، ولا يفهم أحد من كلامك هذا إلا أنك عازم على مجابهة العدوان
بمثله، وإذا، فمعنى الحديث هو: " أمرت أن أصد أي عدوان على دعوتي الناس إلى
الإيمان بوحدانية الله، ولو لم يتحقق صد العدوان على هذه الدعوة إلا بقتال
المعادين والمعتدين. ومن هنا يخلص المؤلف إلى نتيجة هامة جداً مفادها أن حكم
الدعوة إلى الإسلام عن طواعية واختيار باق لم ينسخ بآية السيف.
إضافة إلى ما سبق يلفت البوطي إلى مسألة غاية في الأهمية، تتعلق
بتنوع معاني الجهاد، وأن هذه المعاني لا يمكن التعاطي معها على طريقة تطور الأحكام
التي عرفتها الشريعة الإسلامية في مسائل أخرى كالخمر مثلاً، ولكنها عبارة عن شرائع
جهادية متعددة تنفذ كل شرعة منها في حالاتها وظروفها الملائمة. فللجهاد بالسيف
موجبات وظروف معينة على عكس الجهاد باللسان والقلب، كما أن جهاد الكفار يختلف عن
جهاد المنافقين، ومثل هذا كله فإن الجهاد بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر هو الأصل بينما الجهاد القتالي فرع منه.
وإذا كان جهاد الدعوة بمثابة الغذاء الذي لا غنى عنه، فإن الجهاد
القتالي أشبه بالدواء الذي يلجأ إليه مراراً من عوارض الأوجاع والأمراض، لكن مهما
تنوع الجهاد واختلفت أساليبه فإن مصدر قدسيته في كونه "سبيلاً للوصول إلى
الحق ولإيصال الآخرين إليه". ولا يمكن الوصول إلى الحق عبر الإكراه، وهذا
يعني أن الجهاد بالدعوة يقوم على النصيحة الطوعية ويتوقف عند حدود التعريف والنصح
والتذكير، وفي آيات كثيرة يخاطب الله نبيه ويأمره بتنبيه الناس إلى التكاليف التي
حملهم الله إياها، والجزاء الذي ينتظرهم، على أن يترك لهم حرية الخيار بعد ذلك:
((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ وَجَادِهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ
بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)) النحل: 125.
(وَقُل الحق مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ
فَلْيَكْفُرْ) الكهف: 29. (لا إكراه في الدين قد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ
الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَمَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) البقرة:
256.
شبهات الجهاد القتالي
للتوسع أكثر في مفهوم الجهاد ينبغي الإشارة إلى المعنى اللغوي لهذا
المصطلح الخطير، حيث يقصد به بذل ما في الوسع من القول والفعل سواء في الخير أو
الشر. وإذا كانت التجربة التاريخية للمسلمين لم تسمح بالتفريق والفصل بين الجهاد
والقتال، فإن إنعام النظر في آيات القرآن الكريم، تضعنا أمام إطار واسع وشامل
للجهاد، وخاصة في معناه الإيجابي المقترن بالله والله. فعلى سبيل المثال استخدم
القرآن الكريم الجهاد بمعنى التضحية بالمال، وبالإنفاق في سبيل الله، وقدمه على
التضحية بالنفس في أكثر من مقام.
((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
ثُمَّ لَمَّ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)) الحجرات: 15.
((لكن الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الخيرَاتُ وَأُولئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ)) التوبة: 88.
وفي مكة المكرمة وقبل أن يشرع القتال كانت آيات الذكر الحكيم تصدح
بمفهوم الجهاد وتحث الرعيل الأول من المسلمين على الصبر والثبات في مواجهة
الاضطهاد والعنت وكل صنوف الأذى المادي والمعنوي الذي تعرض له الرسول وصحبه مع
بواكير الدعوة الإسلامية. وقبل إعمال السيف في الدفاع عن الدين والوطن، خاطب
المولى عز وجل نبيه محمد بإعمال القرآن في الدعوة إلى وحدانية الله في قوله:((فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا
كَبِيرًا)) الفرقان: 52.((وأنْ أَتْلُو الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي
لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ)) النمل: 92.
يعلّق المفكر الإسلامي جمال البنا على هاتين الآيتين، فيقول: كنت
أفكر في استخدام القرآن كأداة للجهاد.. فتوصلت إلى أن قراءة القرآن والاستماع إليه
بصفة منتظمة أو شبه منتظمة تبني شخصية المسلم وتزوّده بروح الكفاح وتعده لهذا
الكفاح. ثم يشرح كيف أن الرسول جاهد المشركين بالقرآن حين كان يتلوه عليهم ويدعوهم
بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة، فيزلزل شركهم ومعتقداتهم، ومن ناحية ثانية فإن
صلواته بالمسلمين خاصة في مكة، وقراءته بالسور المكية الطوال كان من أكبر العوامل
التي غرست هدي القرآن في نفوس الصحابة بحيث خلقهم خلقاً جديداً.
غير أن أذى قريش المتصاعد بحق القلة المؤمنة في مكة دفعت الرسول
الكريم إلى خطوة احتجاجية تمثلت بالهجرة خارج مكة، فقد وجه رسول الله بضعة من
المؤمنين والمؤمنات للهجرة إلى الحبشة حرصاً على استمرار إيمانهم، وحتى لا يضطروه
إلى القتال مع أعدائهم فيتأثر السلم الاجتماعي بمدينة مكة، أو يتعرض النبي وصحبه
لإبادة جماعية نظراً لقلة عددهم وعتادهم، وهذا دليل يضاف أن الجهاد لا يعني القتال
بالضرورة.
اقرأ أيضا: القاعدة وأمريكا والحرب على الإرهاب في لعبة المجابهات الدولية.. كتاب جديد
اقرأ أيضا: الحرب الأمريكية الجديدة في آسيا الوسطى وقضية النفط.. قراءة في كتاب