حذرت دبلوماسية إسرائيلية من الأخطاء التي ينتهجها
الاحتلال في سياسته الخارجية، وما قد يترتب عليه من "عواقب مدمرة".
روث
واسرمان لاندا، عضوة الكنيست والدبلوماسية السابقة، وخبيرة السياسة الخارجية
والساحة العربية، قالت: "نستحضر وزراء الخارجية السابقين شمعون بيريس،
ويغآل ألون، وغولدا مائير وأفا إيفان وغيرهم الكثير، الذين أُطلق عليهم
"الدبلوماسي رقم واحد في الدولة"، ممن جعلوا من مناصبهم وسيلة لزيادة تأثير
الاحتلال على دول العالم في القضايا الاقتصادية والأمنية وغيرها، وحرصوا على وضع
وزارة الخارجية بمكانها الصحيح في السياسة الإسرائيلية".
وأضاف: "أما اليوم، فإن هناك تراجعا
مستمرا في مكانة الوزارة التي أصبحت منصة جذابة للترويج الذاتي، ونادرا ما تحظى
بالاحترام الذي تستحقه في عملية صنع القرار في إسرائيل".
وأضافت
في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن
"السنوات الأخيرة شهدت تعيين سياسيين إسرائيليين في منصب وزير الخارجية، دون
وجود صلة واضحة بينهم وبين العلاقات الخارجية، وحتى عندما تم تعيين سياسيين جديرين
في المنصب، فإن انخفاض قيمة وتأثير الوزارة على صنع القرار، وانخفاض ميزانيتها مع
مرور الوقت، تسبب في أن عمل الدبلوماسيين الإسرائيليين أصبح أكثر صعوبة في التنفيذ،
فالراتب الضئيل الذي يدفع لهم يجعل من الصعب تصور أنه يمكنه تمثيل دولة في
الخارج".
وأشارت إلى أن "تقرير مراقب الدولة سلّط الضوء على النقص الكبير في القوى العاملة بوزارة
الخارجية، على خلفية العدد المتزايد لبعثات الاحتلال في مختلف دول العالم، في حين
أن رواتب الموظفين كما هي، كما أن التغييرات المتكررة للحكومة، بجانب ميزانية
الوزارة المتضائلة، تجعل وزراء الخارجية يواجهون صعوبة في العمل خلال فترة وجودهم
القصيرة في مناصبهم، ونظراً لتعقد الساحة السياسية الداخلية، والحاجة المستمرة لإرضاء
شركاء الائتلاف، فقد ترسخت عادة تجريد وزارة الخارجية من أصولها ومسؤولياتها، بما
في ذلك العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ومواجهة حركة المقاطعة، ونزع الشرعية
عن إسرائيل".
وأوضحت
أن "الإسرائيليين ليسوا على دراية كافية بجميع التحديات التي يواجهها
الدبلوماسيون، وما يبذلونه من جهود لصالح تعزيز المصالح الأساسية المتعلقة بالدولة،
ومنها على سبيل المثال، أهمية إقامة علاقات مع السودان كجزء من اتفاقيات التطبيع، لأن
هذه العلاقات توفر فوائد كبيرة على المستوى الجيو-ستراتيجي، باعتباره مدرجا في
القائمة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب، لكن التعقيدات والحساسيات في العلاقات
معه كثيرة ومعقدة، وأي خطوة غير متوازنة وغير دقيقة قد تسبب أزمة دبلوماسية، ناهيك
عن أزمة أمنية كبيرة جدا، وهو ما يستدعي من إسرائيل إقامة المزيد من العلاقات الخارجية
مع الدول الأفريقية التي لا تقيم معها علاقات دبلوماسية".
وأكدت
أن "الجهد الدبلوماسي الإسرائيلي في أفريقيا يواجهه عمل دؤوب من الصين وإيران
في القارة منذ سنوات بهدف تعزيز موطئ قدمهما، وبالتالي زيادة نفوذهما في قرار
دولها، وقد ظلت إسرائيل تفعل ذلك لسنوات خلف الكواليس، مستفيدة من سلسلة طويلة من
التدابير الدبلوماسية والدورات التدريبية في المجالات ذات القيمة المضافة،
والمساعدات الإنسانية، والأصول التكنولوجية والمعرفة والابتكار والوصول الخاص للولايات
المتحدة، بهدف تحقيق إنجازات سريعة، بما لا يعرض مكانة إسرائيل وأمنها للخطر، كما
تسببت بذلك تصريحات وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش ضد الولايات المتحدة، أهم دولة
داعمة في المجال الأمني".
ويشير التدهور الجاري في علاقات الاحتلال الخارجية يتزامن مع ما تقوم به الصين وروسيا
وإيران من محاولة لإنشاء تحالف ضد قوة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، وليس
صعبا أن نفهم أن الاحتلال ليس لها مكان في مثل هذا التحالف، رغم أن الولايات
المتحدة أظهرت في السنوات الأخيرة ضعفًا في أحسن الأحوال، واعتمدت سياسة خاطئة
وإشكالية في أسوأ الأحوال تجاه شركائها في الشرق الأوسط، لكنها لا تزال أفضل وأهم
صديق لدولة الاحتلال.
في
الوقت ذاته، فإن التراجع الحاصل في الأداء الدبلوماسي الإسرائيلي يحدث في وقت تجد
دولة الاحتلال نفسها مهددة للغاية على المستوى الأمني، داخليًا وخارجيًا، وفي
الوقت ذاته فإن فرص إقامة علاقات تطبيعية مع العديد من دول المنطقة تجري بصورة غير
مسبوقة، وأي خطأ في السياسة الخارجية سيكون له عواقب مدمرة من شأنها أن تؤدي لنتائج
وخيمة، يستغرق وقتا طويلا لتصحيحه، إذا كان ذلك ممكنا من الأساس.
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)