اقتصاد عربي

مئة دولار تعادل مليون ليرة.. الأسد فشل بجلب الاستثمارات رغم التطبيع العربي

النشاط الاقتصادي في سوريا مشلول تماما نتيجة عجز حلفاء النظام عن تقديم الدعم- جيتي
سجلت الليرة السورية انهيارا تاريخيا أمام العملات الأجنبية، بعد وصول سعر الصرف في السوق السوداء إلى عشرة آلاف ليرة مقابل كل دولار، ما انعكس بشكل فوري على حركة الأسواق الرئيسية في المحافظات السورية، التي سارعت في إغلاق أبواب المحال لوقف عمليات البيع قبل وضع تسعيرة جديدة للبضائع.

وبحسب موقع "الليرة اليوم" المتخصص بمتابعة أسعار الصرف بالسوق السوداء، فقد وصل سعر صرف الليرة أمام الدولار في مدينة حلب إلى أكثر من عشرة آلاف ليرة ما يعني أن كل مئة دولار تعادل مليون ليرة سورية، بينما سجل السعر في دمشق إلى 9750 ليرة.

من جهته، أصدر مصرف سوريا المركزي لائحة أسعار جديدة لسعر الصرف خاصة بالحوالات المالية والصرافة، الإثنين، والتي قدر فيها سعر الدولار بـ8800 ليرة، فقط، وذلك للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام.

وبحسب بيانات موقع "الليرة اليوم"، تراجع سعر الليرة السورية خلال العام 2022، بنسبة 68 بالمئة على أساس سنوي، في حين تراجعت بنسبة 13 بالمئة على أساس شهري.

وتزامن بدء انهيار الليرة السورية لمستوى تاريخي، مع إعادة الدول العربية تطبيع العلاقات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي تتهمه منظمات حقوقية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق السوريين، إبان اندلاع الثورة السورية ضد نظام حكم حزب البعث عام 2011.

ولم تنجح مساعي النظام السوري في إقناع أقرب حلفائه (روسيا وإيران والصين)، في جلب استثمارات حقيقية إلى سوريا لمساعدة الاقتصاد المنهار، فيما لا تزال الدول العربية المطبعة مع الأسد تعيش حالة من التردد في بدء الاستثمارات في سوريا خشية تعرضها للعقوبات الأمريكية والغربية المفروضة على النظام السوري، بحسب ما أوردته تقارير صحفية.


فشل الحصول على استثمارات

المستشار الاقتصادي أسامة قاضي، قال لـ"عربي21"، إن النظام فشل في الحصول على المدد المالي من روسيا وإيران، رغم توقيع عشرات الاتفاقيات التجارية والصناعية مع كلا البلدين، لكنها بقيت حبيسة الأدراج أو في طور المناقشات حتى اليوم.

وأشار إلى أن النظام السوري فشل في الحصول على الأموال من الدول العربية، لأنه لم يخطُ ولا خطوة لقاء المساعي العربية، لذا واصلت الليرة السورية هبوطها منذ حضور الأسد للقمة العربية في جدة السعودية متجاوزة الـ10 آلاف ليرة للدولار.

وأضاف: "تراجع سعر صرف الليرة ينبئ عن فشل لقاء جدة الذي سرع بعملية تأهيل النظام السوري".


لا انفراجة اقتصادية

واستبعد الخبير الاقتصادي حدوث انفراجة في الاقتصاد السوري لعدة أسباب أهمها التعطيل الأمريكي لأي علاقة اقتصادية مع النظام السوري عبر العقوبات المفروضة على سوريا قبل الوصول إلى حل سياسي في البلاد وفق القرار الأممي 2254.

وأوضح أن النشاط الاقتصادي في سوريا مشلول تماما، نتيجة عجز حلفاء النظام عن تقديم الدعم بسبب وضع روسيا وإيران الحرج عقب الحرب الأوكرانية، مؤكدا أن هناك ضعفا بالنشاط الاقتصادي في سوريا بسبب تفشي الفساد في كافة المؤسسات، كما أن هناك نفورا من رجال الأعمال السوريين الموالين للنظام من إقامة نشاطات داخل سوريا، نتيجة تحكم زمرة محددة بالاقتصاد.

ورأى أن رقم عشرة آلاف للدوار الواحد لا يعكس القيمة الحقيقية لليرة السورية، معتبرا أن تعويم الليرة يمكن أن يوصلها لأرقام تشابه سعر صرف الليرة اللبنانية التي تجاوزت المليون ونصف المليون ليرة أمام الدولار.

ولفت إلى أن الاقتصاد السوري والموازنة السورية محرومة من مساهمة النفط بناتج الدخل القومي منذ 2011، حيث يقدر النظام خسائر قطاع النفط بأنها قد تجاوزت مئة مليار دولار حتى الآن.

ومع هبوط سعر الصرف لمستوى تاريخي غير مسبوق، بات متوسط رواتب الموظفين في سوريا المقدر بنحو 150 ألف ليرة سورية يعادل أقل من 15 دولارا أمريكيا، بينما تشير الإحصائيات الأممية إلى أن أكثر من 90 بالمئة من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر المدقع.


مسيرة تراجع الليرة
ومنذ العام 2011 حيث اندلعت الثورة السورية، والليرة السورية تواصل تكبد الخسائر، في ظل شبه اتفاق على تحميل الحرب وتسخير النظام مقدرات الدولة لتمويل آلته العسكرية وإرضاء روسيا وإيران، مسؤولية تراجع العملة.

وقبل الحرب، كان سعر الليرة بحدود 50 ليرة مقابل الدولار الأمريكي الواحد، ومع انتهاء العام 2011 بدأت مسيرة الليرة بالتراجع، حيث سجلت الليرة في نهايته 60 ليرة أمام الدولار.

ولم ينته 2012 إلا وقد ارتفع الدولار إلى حدود الـ75 ليرة، وسجل العام 2013 تراجعا كبيرا؛ حيث ارتفع سعر الدولار إلى حدود 165 ليرة.

وفي العام 2014 واصلت الليرة الخسائر متجاوزة في نهاية العام حاجز الـ200 ليرة لكل دولار، ومع نهاية العام 2015 تضاعف سعر الدولار إلى نحو 400 ليرة، رغم إعلان روسيا عن تدخلها العسكري المباشر في سوريا.

ولم ينته العام 2018 إلا وقد تجاوز سعر الدولار حاجز الـ500 ليرة سورية، وفي العام 2019 لامس الدولار عتبة الألف ليرة، وكان العام 2020 قاسيا على الليرة، حيث قفز الدولار إلى 3 آلاف ليرة.

أما في العام 2021، بدأت الليرة مسيرة انفلات، مسجلة نحو 6500 مقابل الدولار، واستمر الحال في العام الحالي، حتى اقترب سعر الدولار الواحد من الـ10 آلاف ليرة.