أعلنت العديد من الصفحات
المصرية
المعارضة نقلا عن مصادر عسكرية لم تسمها، أن رئيس
النظام عبد الفتاح
السيسي، أطاح الاثنين الماضي، برئيس أركان الجيش أسامة عسكر،
الذي دارت حوله الكثير من الأحاديث سابقا، وعين بديلا له.
وفق بيان المتحدث الرسمي باسم رئاسة
الجمهورية، فإن السيسي، التقى وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي، الاثنين،
في اجتماع قرأ مراقبون توقيته بأنه متزامن مع عرض حركة تنقلات كبار قادة الجيش على
السيسي، ومن ثم اعتمادها.
ورغم أن هذا هو موعد النشرة السنوية
الدورية لتغيير قيادات الجيش وتنقلات ضباطه وخروجهم إلى الاستيداع، إلا أن المتحدث
العسكري المصري لم يعلن الخبر، ولكن العديد من الصفحات نقلت أسماء 7 قيادات جديدة
لإدارات القوات المسلحة، وقالت إنه نقلا عن مصادر عسكرية لم تسمها.
"بديل عسكر"
أهم تلك التسريبات كانت تعيين رئيس
هيئة العمليات بالقوات المسلحة، الفريق أحمد خليفة، بمنصب رئيس الأركان، ليتقدم من
ترتيبه السادس بين قادة الجيش إلى الترتيب الثاني في هرم القيادات العسكرية عقب
وزير الدفاع، ومتخطيا بذلك قادة الأفرع الرئيسية الثلاثة (البحرية والجوية والدفاع
الجوي).
ولرئيس الأركان أهمية خاصة داخل وحدات
الجيش، كونه القائد المباشر لجميع التشكيلات الرئيسية، لكن يظل تعيين خليفة وفق
التسريبات تدرجا منطقيا من رئاسة هيئة العمليات، إلى رئاسة أركان الحرب، بحسب
مراقبين.
وكان السيسي قد رقى خليفة، من رتبة
لواء في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، بجانب قائدين آخرين، هما رئيس هيئة الشؤون
المالية للقوات المسلحة اللواء أحمد الشاذلي، ومدير الأكاديمية العسكرية اللواء
أشرف سالم.
وهو ما اعتبره محللون حينها تمهيدا
لتغييرات كبيرة بين القيادات العسكرية، خاصة وأنه في العرف العسكري ظلت رتبة
الفريق قاصرة على منصب رئيس أركان الجيش، وقادة الأفرع الرئيسية، دون أن ينالها
رئيس هيئة عمليات من قبل.
"رعب السيسي"
اللافت في الأمر هنا أن تلك التغييرات
لـ7 من قادة الجيش وفق التسريبات، تأتي بعد 3 أيام من تقرير مثير لمجلة
"إيكونوميست"، البريطانية، أكد أن السيسي يغير قادته العسكريين
باستمرار، وأنه قلق من بعض الجنرالات، وينقل إقامته بشكل يومي بين القصور الرئاسية.
"إيكونوميست" قالت:
"بسبب انعدام ثقته في جنرالاته، يقوم السيسي بتقييم وظائفهم بانتظام، فقد
يرغب في كبح طموح محمود حجازي، رئيس المخابرات السابق، وهو والد زوجة ابنه،
ويُعتقد أن الرئيس ينام في مكان مختلف كل ليلة، فبعد كل شيء؛ لديه ما يكفي من
المنازل الفاخرة للاختيار بينها".
ويبرز هنا أن آخر لقاء رسمي ومعلن لرئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق أسامة عسكر، كان الأحد الماضي، خلال اجتماع
وزير الدفاع محمد زكي، بممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل، في
وزارة الدفاع، وفق موقع "egypttoday".
ومنذ
الانقلاب العسكري الذي قاده
السيسي، ضد الرئيس الراحل محمد مرسي، 3 تموز/ يوليو 2013، بمشاركة اللواء أسامة
عسكر، الذي كان يتولى حينها منصب قائد الجيش الثالث، تباينت علاقات الرجلين، ثم أبعد
بعد تسريبات حول مخالفات مالية، ثم تقريب وتعيين بمنصب رئيس هيئة العمليات، ومنه
إلى رئاسة أركان الجيش، ثم أبعد مجددا.
ففي كانون الثاني/ يناير 2015، رقى
السيسي، عسكر لمنصب الفريق، ليصبح أصغر عسكري مصري ينال هذه الرتبة، كما أسند له
قيادة منطقة شرقي القناة، ومكافحة الإرهاب، لمدة عام.
وتم إبعاده عن المشهد العسكري، ليُوليه
السيسي ملف تنمية شبه جزيرة سيناء، بمنصب مستحدث بمسمى مساعد وزير الدفاع لشؤون
تنمية سيناء في كانون الأول/ ديسمبر 2016.
ورغم خروج تسريبات عن تجريد السيسي،
لعسكر، مما تبقى من مناصبه عام 2017، إثر مخالفات مالية، لكنه وفي تطور مثير للجدل
أعاد السيسي، عسكر، للمشهد العسكري، بعد عامين، في كانون الأول/ ديسمبر 2019،
بمنصب رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة.
ليتوج الأمر في تشرين الأول/ أكتوبر
2021، بقرار من السيسي، بتعيين الفريق أسامة رشدي عسكر، بمنصب رئيس أركان حرب
الجيش المصري.
والمثير بحسب المنشور أن تغيير عسكر،
شريك السيسي في مجزرة فض رابعة في 2013، كرئيس أركان للجيش، وتعيينه مستشارا
للسيسي، وفق تلك التسريبات، يأتي بعد نحو 16 يوما من عملية المجند المصري
محمد صلاح على الحدود الإسرائيلية وقتل 3 من جنود الاحتلال فجر 4 حزيران/ يونيو
الجاري، ما وضع السيسي، في حرج أمام تل أبيب.
"درس مبارك"
ويظل هنا السؤال، لماذا يواصل السيسي
التخلص من كبار قادته ولا يستخدم سلطاته في مد خدمة قياداته العسكرية كما فعل حسني
مبارك الذي أبقى على وزير دفاعه المشير حسين طنطاوي، ورئيس أركانه الفريق سامي
عنان لنحو عقدين كاملين؟
وفي إجابته على سؤال
"عربي21"، قال الباحث المصري في الشؤون العسكرية محمود جمال: "بحسب
القوانين العسكرية المطبقة، وطبقا للتعديلات التي أقرها السيسي وبرلمانه 13
حزيران/ يونيو 2021، فيمكث قادة الأفرع الرئيسية بمناصبهم لمدة أقصاها
سنتان".
وأضاف: "أعطى القانون للقائد
الأعلى (رئيس الجمهورية) الحق في مد خدمة القادة بعد انتهاء مددهم
القانونية".
وأوضح أنه "تم تعيين أسامة عسكر،
في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وهذا يعني أنه قد أوشك على انتهاء المدة؛ وبذلك فخروجه أمر يأتي في إطار القوانين العسكرية المطبقة والمعمول بها بالجيش، وأيضا
بالوقت الاعتيادي الذي تتم فيه حركة تنقلات القيادات".
وقال إنه "بشكل عام يحرص السيسي،
على عدم تثبيت القيادات العسكرية بأماكنها لمدة طويلة، واستراتيجيته التي يتبعها
هي التحريك السريع للقيادات بخلاف استراتيجية مبارك".
وبين أن "ذلك حتى لا تتكون مراكز
قد تشكل تهديدا له في فترة من الفترات عند الاختلاف حول قضايا معينة، أخذا بالدرس
مما تم مع مبارك في كانون الثاني/ يناير 2011".
"سياسة التدوير"
ولا يرى الباحث المصري وجود علاقة بين
عملية قتل المجند المصري محمد صلاح، لثلاثة جنود إسرائيليين، وبين إنهاء السيسي
مهمة رئيس أركان جيشه، مؤكدا أن استراتيجية السيسي هي التحريك السريع للقيادات.
ويوافقه الرأي، الباحث المصري في
الشؤون الأمنية أحمد مولانا، بقوله لـ"عربي21"، "الأمر ليس له علاقة
بحادث محمد صلاح، لأنه حادث فردي، ورئيس أركان الجيش وهو هنا أسامة عسكر، لا يتحمل
مسؤوليته".
وأكد أن هذا التغيير "يأتي في
إطاره الزمني، وفي عام 2021، أقر السيسي، تعديلا أصبح بموجبه رئيس الأركان يخدم
بمنصبه لمدة عامين بدلا من 4 أعوام مع إمكانية المد له، لذا فمدة خدمته عامان
وبالتالي فهذا موعد التغيير الدوري المنتظر".
وأوضح أن "سياسة السيسي، في الدولة
بشكل عام عدم الإبقاء على مسؤولين كبار في مناصب حساسة لمنع تشكل مراكز قوى يمكن
أن تنازعه في اتخاذ القرار".
وضرب المثل بـ"منازعة قائد الجيش
في ستينيات القرن الماضي عبد الحكيم عامر، الرئيس جمال عبد الناصر، القرار، بعد مكوثه سنوات طويلة بالمنصب ما أدى إلى أزمة بينهما".
ولفت إلى أن الأمر تكرر في عهد مبارك،
حيث مكث كل من وزير الدفاع المشير طنطاوي، ووزير الداخلية حبيب العادلي، ورئيس
المخابرات عمر سليمان، مدة طويلة بمناصبهم "ما أدى لحالة من التكلس والجمود
وخلق مراكز قوى داخل النظام".
وأكد أن "السيسي، يتجنب هذا بأن
تكون هناك حركة تغيير مستمرة بالمؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية والوزارات
المختلفة ما عدا الأوقاف التي يظل وزيرها مختار جمعة الأقدم منذ 2013".
وختم بالقول: "أما المناصب
الحساسة فيعتمد فيها حركة التدوير المستمر بحيث يتجنب تشكل مراكز قوى تنازعه في
اتخاذ القرار في أي مرحلة".