تبددت أحلام
الحكومة
المصرية في تحصيل أكبر قدر من
الدولارات من مبادرة تيسير
استيراد سيارات
المصريين بالخارج، التي انتهت رسميا منتصف الشهر الماضي بعد قرار تمديد المهلة، وتعديل بعض الاشتراطات لحث المصريين المغتربين على الاستفادة منها.
وكشفت مساعدة
وزير المالية، الدكتورة منى ناصر، أن "قانون منح تسهيلات للمصريين في الخارج
لاستيراد السيارات لم تنجح بالشكل المطلوب، قياسا على حجم التوقعات المنتظرة قبل
العمل بالمبادرة".
وأضافت في تصريحات متلفزة، إلى أن المبادرة لم
تحقق سوى 415 مليون دولار نظير 84 ألف وديعة من إجمالي عدد بلغ 185 ألفا من
المسجلين على البوابة الإلكترونية، مشيرة إلى أن مصلحة الجمارك أفرجت عن 1500
سيارة إلى الآن.
وكانت
الحكومة المصرية تأمل في أن تبلغ الحصيلة
النهائية بعد تطبيق القانون ما بين 2.5 و 5 مليارات دولار، لكن قيمة التحويلات جاءت أقل بكثير.
وأصدر البرلمان قانونا خصيصا لمنح تسهيلات إلى المصريين المقيمين في الخارج، يسمح بإدخال سياراتهم من بلدان إقامتهم، ولكن بشرط وضع
قيمة الرسوم والجمارك بالعملة الأجنبية في حساب تابع إلى وزارة المالية، واستردادها
بالعملة المحلية بعد مرور 5 سنوات من تاريخ السداد من دون فوائد.
التعديلات
التشريعية الأخيرة تضمنت خفض الضريبة الجمركية بنسبة 70% بأثر رجعي على المستفيدين
من المبادرة بالدول خارج الاتفاقيات التجارية.
شح الدولار
وتراجع مصادره، دفع وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني إلى خفض تصنيف مصر،
للمرة الأولى منذ 2013 من "بي +" إلى "بي"، وتعديل نظرتها
المستقبلية من "مستقرة" إلى "سلبية"؛ بسبب صعوبات تأمين
احتياجاتها من التمويل الخارجي.
من جهته، رأى
عضو مجلس إدارة شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، منتصر زيتون، أن
"قانون استيراد سيارات المصريين بالخارج بصورته الأولى لم يشجع المغتربين للإقبال
على المبادرة، وقامت الحكومة بتعديلها مرة أخرى، ومعظم التعديلات لم يعلم بها
الجميع؛ لذلك لم تحقق المطلوب".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21":
"أن مدة المبادرة كانت 4 شهور تخللها تعديلات كثيرة، إضافة إلى أن من بين
الأسباب الرئيسية في عدم الإقبال هو كثرة الإجراءات وتعقيداتها".
وأعرب زيتون
عن اعتقاده أن "تكون الحكومة أدركت مكامن الضعف والخطأ في المبادرة، وتقوم
بطرح مبادرة جديدة لاستيراد السيارات، أو تفعيلها مرة أخرى مع الأخذ في الاعتبار
تيسير الإجراءات".
وبشأن تأثير المبادرة على سوق السيارات في مصر،
قال: "في الظاهر لم تؤثر على السوق المصري، لكنها نالت بلا شك من حصة توزيع
وكلاء السيارات"، مشيرا إلى أن "هناك أزمة في عدم توافر السيارات والمبالغة
في أسعارها بسبب تقييد الاستيراد".
فشل على
صعيدين
من جهته، يرى
رئيس منتدى التنمية والقيمة المُضافة، الدكتور أحمد خزيم، أن "المبادرة فشلت
على صعيدين؛ الأول، لم تحقق المستهدف من العملة الصعبة، الثاني، لم تنجح في تهدئة
سوق السيارات في مصر أو خفض أسعارها".
وأضاف لـ"عربي21": "السبب
الرئيسي في عدم تحقيق المبادرة لأهدافها هو البيروقراطية التي تقوم المسالة برمتها
في البلاد، وتأثير مافيا وكلاء السيارات من أجل عدم تمديد المبادرة أو عرقلتها
بالإجراءات المختلفة".
وأوضح خزيم أنه كان يفترض بالمبادرة توفير المليارات لمصر، لكنها
لم تطبق بالشكل الصحيح، ولا يوجد إدارة حقيقية لتنفيذ المبادرة على أكمل وجه.
واعتبر
المستشار الاقتصادي أن زمن المبادرة كان ضيقا، وأن ما صدر عن الحكومة بشأنها كان
مجرد قرارات مكتبة تفتقر للتطبيق الصحيح.
ويصل عدد
المصريين بالخارج إلى 11 مليون شخص نحو 70% منهم في دول الخليج، وهم أكبر مصدر
رئيسي للعملة الأجنبية، وتمثل نحو 7% من إجمالي الناتج المحلي، وتحتل بها مصر
المركز الخامس بين أعلى الدول المتلقية للتحويلات المالية، بحسب تقرير حديث للبنك
الدولي.
خالفت تحويلات
المصريين بالخارج، التوقعات عام 2022 وسجلت أول انخفاض سنوي منذ عام 2015 لتصل إلى
28.3 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
وحققت هبوطا كبيرا بنسبة 23% خلال النصف الثاني
من العام المالي 2022-2023 على أساس سنوي، لتصل إلى 12 مليار دولار، مقابل 15.6
مليار دولار العام الماضي.