كشف مركز بحثي إسرائيلي عن حالة من القلق المتصاعد لدى المحافل الإسرائيلية المختلفة من تنامي شبكة العلاقات بين
روسيا وإيران، والتي تعمق التحديثات أمام
تل أبيب.
وأوضح "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في
تقديره الاستراتيجي الذي أعده داني سترينوفيتش، أن "الأشهر الأخيرة شهدت تعميقا للعلاقات الاستراتيجية بين روسيا وإيران، على خلفية المساعدات الكثيفة من طهران لموسكو في حربها ضد أوكرانيا".
وهذه المساعدات تمثلت بالأساس في إرسال المسيرات الإيرانية لروسيا، وإقامة مصنع لإنتاج المسيرات في روسيا، سينتج في السنوات القريبة القادمة نحو 6 آلاف طائرة مسيرة من أنواع مختلفة، ويبدو أن إيران بدأت ترسل لروسيا عددا كبيرا من القذائف والمقذوفات ووسائل قتالية مختلفة، وعلى الأجندة توجد أيضا إمكانية أن توفر طهران لموسكو صواريخ بالستية من إنتاجها.
منافع أمنية متبادلة
وأضاف: "إلى جانب استمرار مساعدة إيران لروسيا، ازدادت مؤخرا المساعدات العسكرية المختلفة التي تزودها روسيا لإيران في إطار تعميق العلاقات بينهما، ونشر أن إيران اشترت طائرات قتالية من نوع "سوخوي إس. يو 35" من روسيا، ثلاث طائرات منها وصلت إلى إيران، في حين، تقوم إيران بإعداد قاعدة تحت أرضية تمهيدا لوصول الطائرات، فالأمر يتعلق بـ"دفعات" مقابل تزويد المسيرات لروسيا".
ولفت المركز، في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان "نظرة عليا"، إلى أن "إيران في نفس الوقت تواصل الدفع قدما بالمفاوضات مع
الصين وروسيا، لشراء وقود الصواريخ ومادة كيميائية تستخدم لتشغيل الصواريخ البالستية، إضافة إلى ذلك، إيران تحصل من روسيا على سلاح غربي يوجد في ساحة المعركة في أوكرانيا لإعادة هندسته، مثل "جافلين"؛ وهو صاروخ متقدم مضاد للدبابات من إنتاج أمريكي، كل ذلك بالتزامن مع استمرار إيران في مناوراتها البحرية في الخليج مع الصين وروسيا، والدليل على ذلك، المناورة التي أجريت في 15 آذار/ مارس الماضي".
وأكد أن "مجال السايبر لم يغب عن هذه المساعدات، حيث تعهدت موسكو بأن تحول لطهران أدوات سايبر متطورة ستحسن من قدرتها الدفاعية في هذا المجال، وحتى ستمكنها من تطوير وسائل هجومية، كما أرست روسيا أجهزة تنصت متقدمة للمخابرات الإيرانية ومنظومات رقابة على المضامين في الشبكات الاجتماعية لمساعدتها، وكل ذلك يجري تماما مع توطيد العلاقات بينهما على المستوى السياسي والاقتصادي. وتعهدت روسيا وإيران بربط المنظومات البنكية فيهما كوسيلة لتجاوز العقوبات المفروضة عليهما، ومنعهما من استخدام منظومة "سويفت"، في موازاة موضوع شركات نفط روسية في تصدير النفط والغاز إلى إيران بواسطة القطارات".
وأضاف: "بشكل عام، روسيا وإيران تبذلان جهودا كبيرة للتوقيع على اتفاقات مشتركة تتعلق بإنتاج الطاقة، ومؤخرا وافقتا حتى على زيادة
التعاون في مجال تصدير الكهرباء وإنتاج النفط والغاز، وحتى في كل ما يتعلق بالطاقة النووية"، منوهة بأن "الأمر حتى الآن يتعلق بتعاون غير مسبوق بين الدولتين".
تحديات تل أبيب تتعمق
وأكد المركز الإسرائيلي، أن "التقارب بين إيران وروسيا يمكن أن يعمق التحديات أمام إسرائيل في مجال حرية عملها في
سوريا"، موضحة أن "التزام روسيا لإيران ريما يدفع إسرائيل لتجنب القيام بخطوات متحدية واستفزازية لروسيا، علما أن التقارب بين روسيا وإيران يضر بالتنسيق الأمني معها في سوريا، الذي يمكن من استمرار النشاطات في المعركة بين حربين؛ أي أنه رغم الحذر المبالغ فيه لإسرائيل بالنسبة لروسيا، وبالتأكيد في سياق أوكرانيا، يبدو أن التقارب العسكري مع إيران يطور بشكل كبير قدرة إيران في عدد كبير من المجالات، وحتى يمكن أن يعطيها "يدا حرة" للعمل في سوريا".
ورجح أن "تتعمق شبكة العلاقات في المستقبل بين إيران وروسيا، رغم التحديات التي تواجهها هذه العلاقات، فالدولتان مفروض عليهما عقوبات وعزلة سياسية من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، لذلك، التعاون بينهما تكمن فيه إنجازات لهما، ففي الأشهر الأخيرة، نشر أنه يوجد على الأجندة بين الدولتين صفقات سلاح أخرى مثل إمكانية بيع صواريخ "إس 400" لإيران، التي في حال تحققت، سيصعب على إسرائيل العمل في إيران".
ونبه بأنه "بسبب الاعتماد المتزايد على إيران، روسيا تتجاهل تماما المخاوف الإسرائيلية، وتعمل بشكل متعمد على تسليح الإيرانيين بما يحسن قدرتهم على المواجهة مع إسرائيل".
وفي مقابل هذه التطورات، "يجب على إسرائيل إعادة تقدير مركبات علاقتها مع موسكو، مع التأكيد على سياسة تصدير السلاح من إسرائيل لأوكرانيا"، بحسب مخرجات البحث الإسرائيلي التي خلصت إلى أن " سلوك روسيا يثبت أنه سواء قامت إسرائيل بتصدير السلاح لأوكرانيا أم لا، فإن موسكو لن تغير سياستها تجاه طهران"، وفق المركز.
وزعم المركز أن "إسرائيل تدفع ثمنا سياسيا باهظا، بالأساس أمام الإدارة الأمريكية، بسبب سياسة الحذر التي تتبعها بخصوص أوكرانيا، وهو ثمن لا حاجة إليه على ضوء التعامل الروسي تجاه إيران، إضافة إلى ذلك، ما دامت الإدارة الأمريكية تقلق أكثر من شبكة العلاقات الوثيقة بين موسكو وطهران، التي تعتبرها تهديدا مباشرا لها ولمصالحها، فإن قدرة إسرائيل على مسك العصا من الطرفين، والحفاظ على شبكة العلاقات الحالية مع روسيا، آخذة في الانخفاض".