فيما لا يتوانى الاحتلال في جهوده
العسكرية لعزل
إيران عن باقي دول المنطقة، فإنه يسعى لتسخين المزيد من الجبهات
ضدها، رغم محاولات إيران مغازلة البحرين، والأردن ومصر لتخفيف قبضة الولايات
المتحدة في المنطقة، وتراجع العقوبات عنها، مما يعزز أكثر من أي وقت مضى الحاجة
لطرح الخيار العسكري على الطاولة من وجهة نظر
إسرائيلية.
شيريت أفيتان كوهين مراسلة صحيفة "
إسرائيل
اليوم" أكدت أن "دولة الاحتلال لم تعد تلعب وحدها على خريطة آسيا
الوسطى، ففي الأشهر الأخيرة انسحبت إيران ببطء من الحصار المفروض عليها، وباتت
تشكل شراكات استراتيجية مع روسيا والصين وبعض دول الخليج، وتحدق النظر باتجاه
الأردن ومصر، وتقول شخصيات سياسية إسرائيلية إن اللوم على الوضع الجديد الذي نشأ
أمام أعيننا ملقى على الولايات المتحدة التي خففت قبضتها على المنطقة، رغم أنه لا
يزال مطروحًا على الطاولة تهديد عسكري موثوق به يمكن أن يبطئ إيران".
وأضافت في تقرير ترجمته
"عربي21" أن "وزير الخارجية إيلي كوهين فور توليه منصبه قفز حول
الدول المحيطة بإيران لمواصلة قيادة الجهود الدبلوماسية لعزلها، فقبل شهر واحد فقط
فتحت أذربيجان سفارة في تل أبيب، ثم توجه كوهين إلى تركمانستان لافتتاح سفارة على
بعد 20 كم فقط من حدود البلاد الطويلة مع إيران، ناقلة عن سيما شين رئيسة برنامج
إيران بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب أن كوهين يولي أهمية كبيرة لمنطقة
أوراسيا، وهو في خضم جهود لتحقيق اختراقات جديدة في المنطقة".
وأشارت إلى أن "هذا استمرار مباشر
لاتفاقات التطبيع التي أوجدت واقعًا جديدًا تجاه دول الخليج، وكذلك الجهود
المستمرة تجاه السعودية، فيما تراقب إيران تحركات إسرائيل بلا حول ولا قوة، وتشن
هجوماً سياسياً متكرراً بتحدّي نظام العقوبات ضدها، أي أننا أمام هجوم سياسي
متبادل، فإسرائيل لا تلين في جهودها، وإيران لم تعد تقف على الهامش، وبجانب
محاولاتها لخلق تطويق عسكري لإسرائيل بتفعيل ودعم حزب الله والجهاد الإسلامي
والمليشيات في لبنان، فقد أصبحت إيران لاعباً دبلوماسياً قوياً على الساحة
المحلية".
من جانبه، أكد مائير بن شبات الرئيس
السابق لمجلس الأمن القومي، أن "إسرائيل لا تستطيع وقف خطة المصالحة
الإيرانية الإقليمية، لأنها تعكس مصالح كل أطرافها، لكن النقطة الأساسية بهذا
التطور هي خيبة الأمل من الأمريكيين، ومخاوف دول المنطقة من حقيقة أن الطريقة
الوحيدة للحفاظ على مصالحها هي تجديد العلاقات مع الإيرانيين، مما يشار بإصبع
الاتهام لإدارة بايدن الذي جعل الظروف الحالية أكثر ملاءمة لإيران للسماح لها بمواصلة المسيرة دون عوائق لتعزيز
موقفها السياسي وجهودها في المجال النووي".
وأضاف أن "موقف الولايات المتحدة
وتأثيرها في الشرق الأوسط يمكن تعلمه من سلوك السعودية ودول الخليج التي تجنبت
الوقوف بجانب واشنطن ضد موسكو، مما شجع تجديد العلاقات بين إيران ودول الخليج رغم
عدائهما العميق، ورغم العزلة الدولية تمكن الإيرانيون من تسجيل أنهم عرفوا كيفية
الاستفادة من الفرص، فمن يتفحص مكانة إيران، وقدرتها على شق طريقها لتجديد
العلاقات مع السعودية والإمارات، بجانب المفاوضات الجارية مع
مصر والأردن، يرى
إنجازاتهم البالغة الأهمية".
وأوضح أن "من مصلحة إسرائيل دخول
المعسكر المعادي لإيران، وهي موجودة هناك بفضل الولايات المتحدة، رغم أن السعودية
غير ناضجة للتطبيع، وفي الوقت ذاته لا تستطيع إسرائيل فعلاً فعل أي شيء لمنع
التقارب بين دول المنطقة وإيران، مما جعل من تجديد علاقات السعودية معها ضربة
للاستراتيجية الإسرائيلية لبناء جبهة معادية لإيران، وهذا يعني سياسة فشل
عزلها".
تكشف هذه القراءة الإسرائيلية أن جهود
الاحتلال ضد إيران في الأشهر الأخيرة لعزلها إقليمياً فشلت، بل إن إيران تمكنت من تحسين وضعها بشكل كبير
للغاية، مما يشكل انتكاسة إسرائيلية، بدليل أن إيران أصبحت لاعبًا مهمًا في الحرب
بين روسيا وأوكرانيا، وأصبح تعاونها مع موسكو ضروريًا لها في المجهود الحربي لإخضاع
كييف، أي أن تحالفهما العسكري بات استراتيجيًا، بعد أن وقعتا اتفاقية لبناء خط سكة
حديد من الهند إلى روسيا.
في مثل هذه الحالة، قد يلجأ الاحتلال
لردع إيران عسكرياً أمام فشل جهوده الدبلوماسية السياسية، حيث يتجه باستمرار نحو
الحل الفعال الوحيد المتبقي على الطاولة، وهو التحضير لتهديد عسكري ذي مصداقية،
لأنه لا يكاد يمرّ أسبوع إلا ويكرر فيه نتنياهو التهديد العسكري الإسرائيلي
لإيران، أي أن الورقة التي سيلوّح الاحتلال بها ضد إيران لن تكون سياسية، بل
عسكرية، على الأقل وفقا للتقديرات الإسرائيلية.