دعت الولايات المتحدة، البرلمان
اللبناني إلى
انتخاب رئيس للجمهورية بعد مرور ستة أشهر على شغور المنصب الأول في البلاد، بعد انتهاء ولاية الرئيس
ميشال عون في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
جاء ذلك في بيان للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، حيث قال إن "الولايات المتحدة تدعو القيادات السياسية في لبنان إلى التحرك بشكل عاجل لانتخاب رئيس لتوحيد البلاد وإقرار الإصلاحات المطلوبة على وجه السرعة لإنقاذ الاقتصاد من أزمته".
وأضاف: "على قادة لبنان عدم وضع مصالحهم وطموحاتهم الشخصية فوق مصالح بلدهم وشعبهم".
وأعرب ميلر في البيان عن "اعتقاد الولايات المتحدة بأن لبنان يحتاج إلى رئيس متحرر من الفساد وقادر على توحيد البلاد (...) وتنفيذ إصلاحات اقتصادية أساسية على رأسها تلك المطلوبة لتأمين اتفاق على برنامج مع صندوق النقد الدولي".
وأكد ميلر أن "الحلول لأزمات لبنان السياسية والاقتصادية يمكن أن تأتي فقط من داخل لبنان وليس من المجتمع الدولي".
وتتولى حكومة تصريف أعمال بصلاحيات محدودة إدارة البلد منذ أيار/ مايو العام الماضي، في أعقاب انتخابات نيابية لم تفرز غالبية واضحة لأي طرف.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فشل البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب خلف له جراء انقسامات سياسية عميقة.
وفي 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، فشل البرلمان اللبناني للمرة الحادية عشر منذ أيلول/ سبتمبر في انتخاب رئيس للجمهورية، خلفا لـ ميشال عون.
حصل ميشال معوض، مرشح حزب الكتائب والقوات اللبنانية والحزب الاشتراكي وآخرين، على 34 صوتا، في حين صوت 37 نائبا بورقة بيضاء، بينما توزعت باقي الأصوات على عدد من الشخصيات اللبنانية، وقد ألغيت أوراق أخرى.
وبسبب عدم اكتمال نصاب الدورة الثانية من الجلسة، خرج رئيس المجلس نبيه بري من القاعة، دون تحديد موعد جديد لانتخاب رئيس للبنان.
وبحسب المادة 49 من الدستور، فإنه يُنتخب رئيس الجمهورية في دورة التصويت الأولى بأغلبية الثلثين 86 نائبًا، ويُكتفى بالغالبية المطلقة (النصف +1) في الدورات التالية.
وأعلن
حزب الله الذي يتمتع بهيمنة على الحياة السياسية في لبنان دعمه مع حلفائه لوصول النائب والوزير السابق سليمان فرنجية المقرب من سوريا الى سدة الرئاسة في لبنان.
في المقابل، تتهم كتل برلمانية نواب جماعة "حزب الله" وحلفاءها، بتعطيل انتخاب الرئيس عبر التصويت بأوراق بيضاء في الدورة الأولى، ثم بالانسحاب كي لا يكتمل نصاب الدورة الثانية، بينما يقول مسؤولون في الجماعة؛ إنهم يريدون "رئيسا لا يطعن المقاومة (حزب الله) في الظهر".
وعُقدت أول جلسة في 29 أيلول/ سبتمبر 2022، ثم 20 و2 تشرين الأول/ أكتوبر، و3 و10 و17 و2 تشرين الثاني/ نوفمبر، و1 و8 و15 كانون الأول/ ديسمبر، قبل أن تُعقد آخر جلسة في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، دون النجاح في انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وتدوم ولاية الرئيس اللبناني 6 سنوات غير قابلة للتجديد، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته الأولى، ولا يُلزم الدستور الراغبين في خوض انتخابات الرئاسة بتقديم ترشيحات مسبقة، حيث يمكن لأي نائب أن ينتخب أي لبناني ماروني (وفق العرف السائد لتقاسم السلطات طائفيّا)، شرط ألا يكون هناك ما يمنع أو يتعارض مع الشروط الأساسية مثل العمر والسجل العدلي.
وأعلن الرئيس ميشال عون في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2022 عن مغادرته قصر بعبدا الرئاسي، قبل يوم واحد من انتهاء ولايته رسميا، بعد أن فشل البرلمان في انتخاب خليفة له في 3 جلسات متتالية، سبقت موعد انتهاء فترته بحسب الدستور اللبناني.
ودخل لبنان للمرة الخامسة منذ استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي عام 1943، مرحلة الفراغ السياسي عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق للبنان ميشال عون.
وكرّس اتفاق الطائف لعام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975- 1990) معادلة اقتسام السلطة والمناصب الرئيسية، وفقا للانتماءات الدينية والطائفية، بحيث يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس البرلمان شيعيا، ورئيس الحكومة سُنيا.
وعلى مدى 79 عاما، لم تنتقل السلطة من رئيس إلى آخر بطريقة سلسة وفي سياق انتخابات رئاسية طبيعية، إلا خلال عهدين فقط من أصل 13؛ إذ طبعت نهاياتِ معظم العهود صراعاتٌ وحروبٌ وفراغاتٌ، كان معظمها ينتهي بتسويات داخلية أو إقليمية ودولية تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد.
وفي إشكال سياسي آخر، يتعين انتقال صلاحيات الرئيس إلى مجلس الوزراء، وفق الدستور، لكن الخلافات السياسية حالت منذ الانتخابات النيابية في أيار/ مايو 2022 دون تشكيل حكومة جديدة، بينما تواصل حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي ممارسة مهماتها.
ورفضا منه لأن تمارس حكومة ميقاتي صلاحيات الرئيس، استبق عون انتهاء ولايته بتوقيع مرسوم اعتبار حكومة تصريف الأعمال مستقيلة.
وأدخلت خطوة عون البلاد في جدل دستوري حول صلاحيات حكومة ميقاتي، الذي أكد أن حكومته، التي تعد عمليا مستقيلة منذ الانتخابات البرلمانية، ستتابع قيامها بتصريف الأعمال.