حطمت
مصر الرقم القياسي لمتوسط سعر
الفائدة في بيع
ديون محلية للبنوك والمستثمرين لتمويل
عجز
الموازنة والذي تم تسجيله في 11 تموز/ يوليو 2017 في أعقاب تعويم الجنيه في تشرين الثاني/
نوفمبر 2016، وسط توقعات باستمرار كسر جميع الأرقام القياسية في الفترة المقبلة.
وكانت
مبيعات أذون الخزانة المصرية (ديون محلية) لأجلي 273 و91 يوما قفزت في عطاء الأحد الماضي
من أدنى مستوياتها مطلع الشهر الجاري بعد أن دفع البنك المركزي عوائد قياسية مرتفعة
لتلبية احتياجات وزارة المالية لتمويل عجز الموازنة.
وارتفع
متوسط العائد على الأذون لأجل 273 يوما إلى 23.34 بالمئة، بحسب
بيانات البنك المركزي
المصري، متجاوزا الرقم القياسي البالغ 22.44 الذي تم تسجيله في تموز/ يوليو 2017، كما
ارتفع متوسط العائد على أذون الخزانة لأجل 91 يوما إلى 21.29 بالمئة.
بالتوازي،
تراجعت السندات الحكومية المصرية المقومة بالدولار، الأربعاء، وفق بيانات "تريدويب"
إذ جاء أداؤها منخفضا بشكل حاد عن نظيراتها في الأسواق الناشئة الأخرى، ونزل الإصدار
القياسي المستحق في 2025 بأكثر من 2.2 سنت.
تعاني
مصر من ارتفاع الفائدة والتضخم وشح النقد الأجنبي ما دفع وكالة "موديز" للتصنيفات
الائتمانية، في آخر تقييم لها، إلى خفض تصنيفها الائتماني درجة واحدة من B2 إلى B3، وتغيير نظرتها المستقبلية إلى مستقرة بدلا من
سلبية.
وأدى
استمرار زيادة أسعار الفائدة إلى اقتراب معدلات التضخم من تجاوز المستوى القياسي غير
المسبوق التي تم تسجيلها في تموز/ يوليو 2017، وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة
العامة والإحصاء ارتفاع التضخم في المدن إلى 32.7 بالمائة في آذار/ مارس على أساس سنوي،
وهو ما يقل قليلا عن أعلى معدل قياسي مسجل حتى الآن والبالغ 32.95%.
اتساع
عجز الموازنة وتراجع الجنيه
ويرى
خبراء اقتصاد في تصريحات لـ"عربي21" أن زيادة العوائد على أذون الخزانة سوف
يترتب عليها العديد من النتائج السلبية، على رأسها إعادة وزارة المالية النظر في تقديراتها
لعجز الموازنة العامة البالغ 6.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ورفع أعباء الدين،
واتساع عجز الموازنة المثقلة بالديون.
"رضوخ
لشروط المستثمرين"
في هذا
الصدد، حذر المستشار الاقتصادي، الدكتور أحمد خزيم، من الاعتماد على القروض المحلية
والخارجية، وقال: "شَكّلَ الإفراط في الاقتراض ومنح عوائد مرتفعة للبنوك والمستثمرين
رضوخا لشروط المستثمرين، ولكنه لا يستطيع تلبية كل مطالبهم، لذلك فهو يبيع أقل بكثير مما
يريد لأنه غير قادر على منح عائد أعلى مما قدمه لمخاطر ذلك على عجز الموازنة".
وأكد
في تصريحات، لـ"عربي21" أن "منح عوائد مرتفعة لشراء أدوات الدين المحلية
أدى إلى إضعاف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية الأخرى، ما نجم عنها خفض متكرر
للجنيه، وارتفاع فاتورة الواردات، حيث تستورد مصر نسبة كبيرة من احتياجاتها الغذائية
من الخارج، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل كبير".
ورأى
خزيم رئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة أن "تداعيات السياسة النقدية الخاطئة
للبنك المركزي سوف تستمر لفترة طويلة، وسوف تشكل ضغوطا متزايدة على موارد
الدولة المحدودة من جهة، وعلى موازنة الدولة المثقلة بسداد فوائد الدين وأقساطه من
جهة أخرى، وهو الشكل الآخر من التوسع في فرض المزيد من الضرائب (والجباية) على المواطنين
لسد العجز المستدام".
في هذا
الصدد غير صندوق النقد الدولي توقعاته لعجز الموازنة المصرية، وتوقع أن يبلغ 7.6 في
المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري، على أن يواصل الارتفاع
ليسجل 9.2 في المئة في العام المالي المقبل.
الأداء
السلبي لديون الحكومة انعكس سلبا على العقود الآجلة للعملة المصرية لأجل 12 شهراً،
بعد أن تراجعت بنحو 3% إلى 42.1 جنيه لكل دولار لأول مرة على الإطلاق، حسب بيانات
"بلومبرغ" فيما بلغ سعر الدولار في البنك المركزي المصري 30.95 جنيه.
"عواقب
وخيمة"
يعتقد
الخبير الاقتصادي إبراهيم نوار أن "استمرار إخفاق الحكومة في الحصول على التمويل
اللازم لتغطية عجز الموازنة إلا بفائدة مرتفعة سيترتب عليه اتساع فجوة التمويل المحلي
والخارجي، وبالتالي فسوف يضغط على قيمة الجنيه إلى أسفل من جهة، ويدفع معدل التضخم إلى
أعلى من جهة أخرى".
وأضاف
لـ"عربي21": "أن تجاوز تكلفة العوائد على الديون المحلية والخارجية
الحدود العادية يعني أن تكلفة خدمة الدين الحكومي في السنة المالية الحالية ستتجاوز
تقديرات الميزانية بما يقرب من النصف، وسيكون الأمر أكثر سوءا في حال قام البنك المركزي
بطباعة النقود دون غطاء لسد العجز، والذي سوف يترتب عليه خفض قيمة الجنيه وبالتالي
استمرار ارتفاع التضخم مدفوعا بموجة من ارتفاع أسعار الواردات، وزيادة الإنفاق الحكومي".
وتوقع
نوار أن "تواصل أسعار الفائدة الرسمية ارتفاعها وكذلك العائد على أذون وسندات
الخزانة، وهو ما يعني زيادة أعباء سداد الدين العام حيث يشكل بند سداد الفوائد والأقساط
المستحقة على الدين العام أكبر بنود الإنفاق الحكومي وهو ما يبرر فشل الحكومة في تمويل
العجز بواسطة الجهاز المصرفي المحلي"، مشيرا إلى أن "90% من حصيلة الضرائب
لسداد الفوائد المستحقة على الدين الحكومي".
تفجر
أزمة العزوف عن الديون المصرية
وكان
البنك المركزي المصري فشل في المزاد السابق في جمع سندات الخزانة ذات العائد الثابت بالجنية
المصري بقيمة 3 مليارات جنيه (نحو 97 مليون دولار) لأجل 3 سنوات لتمويل احتياجات الحكومة
المالية، وباع نحو مليون جنيه فقط أي ما يعادل (35.3 مليون دولار).
وطلب
المستثمرون بحسب موقع البنك المركزي على شبكة الإنترنت عائدات تصل إلى 28% وهو ما رفضه
البنك المركزي الذي قبل ما قيمته 1.09 مليون جنيه، أي نحو 0.04% من قيمة السندات المطروحة
بمتوسط عائد 21.7%، وهو أقل مبلغ جمعه البنك على الإطلاق من بيع سندات محلية، وفقاً
لبيانات جمعتها "بلومبيرغ".
واستمرارا للأرقام السلبية للاقتصاد المصري، فقد واصل الدين الخارجي تحطيم الأرقام القياسية وقفز
إلى مستوى تاريخي جديد وبلغ 162.9 مليار دولار بنهاية كانون الأول/ ديسمبر 2022 مقابل
154.9 مليار دولار في أيلول/ سبتمبر 2022، بحسب بيانات منشورة على موقع وزارة التخطيط.