اقتصاد دولي

3 دروس من انهيار بنك "وادي السيليكون".. ما أفضل سيناريو لتجاوز الأزمة؟

النقل السريع والمنظم لأصول والتزامات بنك وادي السيليكون إلى بنك جديد سيكون أفضل سيناريو- جيتي
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقال رأي للكاتب كيفن روز استعرض فيه الدروس المستخلصة من انهيار بنك وادي السيليكون.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن بنك وادي السيليكون يدعم العديد من الشركات الناشئة والشركات الاستثمارية الأكثر شهرة في صناعة التكنولوجيا. ومن المؤكد أن إفلاسه سيكون له آثار مضاعفة في جميع أنحاء قطاع التكنولوجيا على المدى القصير، حيث ستكافح الشركات التي تتعامل معه لاستعادة ودائعها وكشوف الرواتب.

وأشار الكاتب إلى أن إقراض الشركات الناشئة المغامرة أو المراهنة على العملات المشفرة أو غيرها من المخططات التقنية غير المدروسة ليست الأسباب التي أدت إلى انهيار بنك وادي السيليكون، وإنما سلسلة من القرارات السيئة القائمة على أسلوب إدارة قديم الطراز تم اتخاذها في سنة 2021. في تلك السنة، ازدهر سوق الأسهم  وظلت أسعار الفائدة قريبة من الصفر، وتدفقت الأموال في قطاع التكنولوجيا. أودعت العديد من الشركات الناشئة أموالها في بنك وادي السيليكون، وأخذ البنك بدوره تلك الأموال واستثمرها بما في ذلك في مجموعة من السندات طويلة الأجل.



وأوضح الكاتب أن تلك الاستثمارات بدت آمنة نسبيًا في ذلك الوقت ولكنها أصبحت أكثر خطورة خلال السنة الماضية في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وفقدان السندات جزءًا من قيمتها. ومع تباطؤ الاستثمار التكنولوجي وسحب الشركات الناشئة الأموال من البنك لدفع نفقاتها، كان بنك وادي السيليكون بحاجة لبيع بعض سنداته بخسارة والسعي للحصول على رأس مال جديد للوفاء بالتزاماته.

وذكر الكاتب أن بعض عملاء البنك شعروا بالقلق من المأزق الذي وقع فيه. أصيب مستثمرو رأس المال المغامر بالفزع وطلبوا من مَحافظ الشركات الناشئة سحب أي أموال يودعونها في بنك وادي السيليكون. ومن الدروس التي يمكن للبنوك استخلاصها من قصة بنك وادي السيليكون أنه إذا كنت مؤسسة مصرفية وكان العديد من عملائك من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا التي تكون قدرتها التمويلية حساسة لارتفاع أسعار الفائدة، فلا تستثمر ودائعهم في السندات طويلة الأجل التي من شأنها أن تفقد قيمتها إذا ارتفعت أسعار الفائدة. 

"بنك صغير بسمعة جيدة"
وأشار الكاتب إلى أن الدرس الأول الذي يمكن استخلاصه أن بنك وادي السيليكون كان بنكًا صغيرًا وفقًا لمعايير وول ستريت (كان البنك السادس عشر في الدولة، بأصول تبلغ حوالي 200 مليار دولار اعتبارًا من  كانون الثاني/ يناير)، وقد احتل مكانًا متميزًا في مجتمع التكنولوجيا. بدأ البنك العمل في سنة 1983، وكان يتمتع بسمعة جيدة في محيط الشركات الناشئة في وادي السيليكون.

كان هذا البنك يشتهر بدعمه للشركات الناشئة. ومن السيناريوهات الأكثر ترجيحًا هنا هو أنه في المستقبل القريب، سيستحوذ بنك كبير في وول ستريت على بنك وادي السيليكون  لإخراجه من الحراسة القضائية. وسيتكفل البنك الكبير بأصول والتزامات بنك وادي السيليكون. وبالتالي، لن يتكبد أحد خسائر فادحة باستثناء حاملي أسهم البنك.

ويرى الكاتب أن النقل السريع والمنظم لأصول والتزامات بنك وادي السيليكون إلى بنك جديد سيكون أفضل سيناريو. أما السيناريو الأسوأ فهو ألا يظهر مشترٍ ويتعين على عملاء البنك الانتظار لأسابيع أو شهور للوصول إلى أموالهم، وينهار نظام الشركات الناشئة بالكامل لأن الكثيرين لا يستطيعون إعداد كشوف مرتبات. 



ذعر العملاء 

وأوضح الكاتب أن الدرس الثاني هو أنه من المحتمل أن يكون عملاء بنك وادي السيليكون عبر الإنترنت قد تسببوا في انهياره، ذلك أن العملاء المودعين في بنك وادي السيليكون ليسوا عملاء عاديين بل هم مؤسسو شركات ناشئة ومستثمرون في الشركات ومن الأشخاص الذين يدققون في إيداعات الأوراق المالية للبنوك، والذين يولون اهتمامًا وثيقًا للمخاطر والتقلبات والذين يتحدثون مع بعضهم البعض عبر الإنترنت طوال اليوم. وبمجرد أن أثار عدد قليل من العاملين في مجال التكنولوجيا أسئلة حول الملاءة المالية للبنك، امتلأت قنوات سلاك وخلاصات تويتر بتحذيرات من أصحاب رؤوس الأموال المغامرة، وسرعان ما شعر عملاؤه بالذعر.

تنظيم مصرفي فعال
وأضاف الكاتب أن الدرس الثالث الذي يمكن استخلاصه من انهيار بنك وادي السيليكون أن التنظيم المصرفي فعال. بمجرد أن اتضح يوم الجمعة أن بنك وادي السيليكون انهار، اتخذت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع الإجراءات العادية التي تُتخذ عندما يفلس أحد البنوك -  إذ تولت مسؤولية خدمة عملاء البنك. نتيجة لذلك، سيتمكن عملاء بنك وادي السيليكون الذين قاموا بإيداع 250 ألف دولار أو أقل في حسابات مؤمّنة من الوصول إلى هذه الأموال بسرعة.

وأشار الكاتب إلى أنه نظرًا لأن بنك وادي السيليكون كان في الغالب بنكًا عاديًا - وليس كازينو تشفير غير منظم أو شركة ناشئة محفوفة بالمخاطر في مجال التكنولوجيا المالية - حيث قد لا يكون للمستثمرين والعملاء أي حل إذا اختفت أموالهم - فمن المرجح أن يكون انهيار البنك مصدرا للقلق على المدى القصير أكثر من كونه أزمة طويلة الأمد.