طالبت "جبهة الخلاص الوطني"، أكبر تكتل معارض للرئيس
التونسي قيس سعيّد، السلطات بإطلاق سراح جميع "المعتقلين السياسيين" خلال وقفة احتجاجية بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة.
وتجمع عدد من أنصار الجبهة، رافعين شعارات من قبيل "الحرية الحرية لكل المعتقلين" و"حريات حريات لا قضاء التعليمات"، و"يسقط يسقط الانقلاب"، و"يسقط
قيس سعيد".
وقال رئيس "جبهة الخلاص الوطني" أحمد نجيب الشابي إن "النظام يُخوّن كل من يعارضه من مختلف التوجهات، ويريدون توظيف أجهزة الدولة في احتراب داخلي".
وفي تصريح لـ"
عربي21"، أكد الشابي أن "الحرية ستنتصر، نقول لمن يحكمون البلاد عودوا لرشدكم أطلقوا سراح جميع المعتقلين، عودوا للشرعية الدستورية".
وتشن السلطات الأمنية التونسية منذ أسابيع حملة
اعتقالات طالت سياسيين معارضين ورجل أعمال وإعلاميًا بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، ما ينذر بتزايد القمع في بلد يواجه أزمة اقتصادية وسياسية منذ قرار الرئيس قيس سعيّد احتكار السلطات في العام 2021.
وسبقت عمليات الاعتقال تلميحات واضحة من الرئيس خلال لقاء بوزيرة العدل ليلى جفال، جاء فيها: "من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن".
بدأت حملة الاعتقالات بتوقيف رجل الأعمال كمال اللطيف، صاحب النفوذ الكبير في الأوساط السياسية والذي بقي لفترة طويلة مقربا جدا من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، إضافة إلى القيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والناشط السياسي خيام التركي وقاضيين معزولين.
وتواصلت الاعتقالات لتشمل المدير العام في المحطة الإذاعية الخاصة "موزاييك أف أم" نور الدين بوطار، ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، والمحامي لزهر العكرمي.
ولاحقا، طالت الاعتقالات قيادات "جبهة الخلاص الوطني"، أكبر تكتل معارض للرئيس سعيّد، حيث تم إيقاف شيماء عيسى وجوهر بن مبارك ورضا بلحاج، وكذلك الوزير السابق غازي الشواشي وأمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي.
كما تعتقل السلطات التونسية منذ نهاية العام الماضي رئيس الوزراء السابق علي لعريض، حيث تم توجيه تهم تتعلق بقضايا إرهابية.
وتتزامن حملة الاعتقالات وسعي الرئيس قيس سعيّد إلى وضع حجر الأساس لنظامه الرئاسي والذي تميز بمقاطعة كبيرة من قبل الناخبين لا سيما إثر مقاطعة نحو تسعين في المئة من الناخبين دورتي الانتخابات النيابية الفائتة.
بدورها قالت النائب الأول لرئيس البرلمان المنحل سميرة الشواشي: "نحن اليوم هنا للتضامن مع المعتقلين الذين عارضوا الانقلاب، كل صوت حر بات اليوم مستهدفا ويجب إسكاته".
وأفادت الشواشي في تصريح لـ"
عربي21" أن "تونس منذ عامين وهي تحت الحكم الواحد، هذا الانقلاب ألحق ضرارا وبلغ حد اتهام تونس الديمقراطية بالعنصرية".
وشارك في الوقفة الاحتجاجية عائلات عدد من الموقوفين، من ضمنهم ذوو القيادية بجبهة الخلاص شيماء عيسى، ونجل الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، وعز الدين الحزقي، والد القيادي بجبهة الخلاص جوهر بن مبارك.
وفي كلمة له، قال الحزقي إن "هذا انقلاب بائس يتخبط، ويقوم بإيهام الشعب أنه ينجز فقام بوضع المعارضين بالسجن حتى يغطي على فشله على جميع المستويات".
وتابع الحزقي: "هو منقلب يخاف السجن ويظن أن الأحرار يخافونه مثله... هم عشاق حرية وهو لا يعرفها"، مضيفا أنه "منقلب تافه هدم الدولة وكل المؤسسات قام بانقلاب في الليل فأجرم بحق البلاد وسيحاسب... قيس سعيد اشتغل في السرية وانقلب".
من جهته شدد القيادي بحركة النهضة محمد القوماني على أن المعتقلين يدفعون ثمن معارضتهم لانقلاب قيس سعيد، مضيفا في تصريح لـ"
عربي21"، أن "أغلبنا من أجيال النضال، لسنا مستعدين للتفريط في الحريات كلفنا ذلك ما كلفنا وما هذه إلا بداية".
وكانت جبهة الخلاص الوطني قد خرجت الأحد المنقضي في مسيرة حضرها عدد كبير من أنصارها للتنديد بحملة الإيقافات وللمطالبة بحماية الحريات.
وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية مستمرة منذ مدة طويلة وتعمقت أساسا بعد قرارات 25 تموز/ يونيو 2021 حين تم تجميد عمل البرلمان وحل الحكومة قبل تعليق العمل بدستور 2014، من قبل الرئيس سعيّد.