حثت كوثر فرجاني، ابنة المعارض
التونسي سيد فرجاني الموقوف منذ 27 شباط/ فبراير الماضي، الحكومة البريطانية على المساعدة في حماية آخر شعلة للربيع العربي من خلال الدعوة إلى إطلاق سراح والدها، السياسي التونسي البارز الذي زُج به في السجن، ضمن حملة
الاعتقالات التي تعرفها البلاد.
كان فرجاني، أحد الشخصيات البارزة في حزب النهضة، قد تعرض للاعتقال والتعذيب في السابق عندما كان الرئيس السابق زين العابدين بن علي في السلطة في تونس، ما أدى إلى نفيه في لندن لأكثر من 20 عامًا منذ عام 1989. وعاد إلى تونس بعد الإطاحة بنظام بن علي.
وكشفت صحيفة "
الغارديان" أن السيد فرجاني لم يطلب جنسية المملكة المتحدة رغم أنه قضى فيها أكثر من عقدين، وذلك بسبب التزامه تجاه بلاده تونس.
وبحسب الصحيفة، فإنه يُنظر إلى تونس على أنها مهد الربيع العربي، لكن كوثر فرجاني، المقيمة في لندن، قالت إن "انهيار البلاد إلى ديكتاتورية فاشية يمثل إحدى المآسي الكبرى للسياسة الحديثة".
وفي مقابلة مع "الغارديان"، قالت فرجاني إنها تطلب من أعضاء البرلمان البريطاني حث وزارة الخارجية البريطانية على بذل المزيد من الجهد للمطالبة بالإفراج عن والدها قائلة إنه سُجن بتهم ملفقة.
وأضافت كوثر فرجاني: "حقيقة إنه محتجز الآن كسجين سياسي في ظل نظام الرئيس
قيس سعيد أمر مقلق ويجب إدانته من قبل المجتمع الدولي".
وقالت فرجاني إن والدها نُقل إلى المستشفى بعد فترة وجيزة من اعتقاله لكنه عاد الآن إلى السجن. وأضرب عن الطعام بعد اعتقاله ومن المقرر أن يلتقي بمحاميه يوم الاثنين، لمناقشة عدم توجيه تهم إليه.
وتابعت: "بصفته شخصية سياسية منتخبة ديمقراطياً وشخصية بارزة في السياسة التونسية، فقد لعب والدي دوراً أساسياً في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في تونس منذ الربيع العربي. إن سجنه، إلى جانب ما لا يقل عن 16 سجينًا سياسيًا آخرين هذا الشهر - بمن فيهم سياسيون وصحفيون وقضاة - محاولة سافرة لقمع أصوات المعارضة".
وختمت بالقول إن "تونس تسير في طريق مقلق للغاية من الاستبداد ومن المهم أن تتحدث المملكة المتحدة بقوة ضد هذا".
وأصدر القضاء التونسي حكما بسجن السيد فرجاني على ذمة قضية "إنستالينغو"، التي تنفي أي صلة لها بحركة النهضة.
وأدانت حركة النهضة بشدة إصدار حكم بالسجن في حق النائب وعضو مجلس الشورى لحركة النهضة السيد فرجاني، واعتبرته "استهدافا جديدا في ملف ملفق".
وأكدت أن قياداتها ليس لهم أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بشركة "إنستالينغو" معتبرة إيقاف فرجاني، "مواصلة في سياسة استهداف المعارضين السياسيين والتنكيل بهم للتغطية على العجز والفشل الذريع لسلطة الانقلاب في الملفات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية ذات الأولوية، ولتصفية الخصوم السياسيين تحت شعار المحاسبة بعد النكسة التي منيتت بها في الانتخابات التشريعية التي قاطعها أكثر من 90% من التونسيين"، بحسب بيان صادر عن الحزب.
وتشن السلطات الأمنية التونسية منذ أسابيع حملة اعتقالات طالت سياسيين معارضين ورجل أعمال وإعلاميًا بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، ما ينذر بتزايد القمع في بلد يواجه أزمة اقتصادية وسياسية منذ قرار الرئيس قيس سعيّد احتكار السلطات في العام 2021.
وسبقت عمليات الاعتقال تلميحات واضحة من الرئيس خلال لقاء بوزيرة العدل ليلى جفال الأسبوع الفائت، جاء فيها: "من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن".
بدأت حملة الاعتقالات بتوقيف رجل الأعمال كمال اللطيف، صاحب النفوذ الكبير في الأوساط السياسية والذي بقي لفترة طويلة مقربا جدا من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، إضافة إلى القيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والناشط السياسي خيام التركي وقاضيين معزولين.
وتواصلت الاعتقالات لتشمل المدير العام في المحطة الإذاعية الخاصة "موزييك أف أم" نور الدين بوطار، ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، والمحامي لزهر العكرمي.
ولاحقا، طالت الاعتقالات قيادات "جبهة الخلاص الوطني"، أكبر تكتل معارض للرئيس سعيّد، حيث تم إيقاف شيماء عيسى وجوهر بن مبارك ورضا بلحاج، وكذلك الوزير السابق غازي الشواشي وأمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي.
وتتزامن حملة الاعتقالات وسعي الرئيس قيس سعيّد إلى وضع حجر الأساس لنظامه الرئاسي والذي تميز بمقاطعة كبيرة من قبل الناخبين لا سيما إثر مقاطعة نحو تسعين في المئة من الناخبين دورتي الانتخابات النيابية الفائتة.