نجحت السورية نور
أتيم، بتحقيق حلم حياتها، حيث أصبحت قائدة طائرة بإحدى شركات الطيران التجارية في
بلد اللجوء
كندا، بعد اضطرارها إلى الفرار مع عائلتها من سوريا عام 2015، نتيجة تردي
الأوضاع المعيشية واستمرار الاضطرابات.
وأعربت
اللاجئة السورية عن أملها في تحقيق حلم جديد، يتمثل في التحليق فوق دمشق، والهبوط
في أحد المطارات السورية، لمواصلة مسيرة والدها الراحل، الذي توفي عندما كان عمرها
لا يتجاوز الخامسة.
تدرك الشابة السورية (27 عاما) جيدا أن تحقيق حلمها
الجديد غير ممكن على المدى القريب، لأن إرساء السلام لا يزال يبدو أمرا بعيد
المنال في سوريا، وفق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وقامت اللاجئة السورية برحلاتها الجوية الليلية خلال
الشتاء مع شركة Air Inuit "إير إنويت"، وهي شركة طيران مقرها مدينة مونتريال الكندية، وتشغل رحلات
إلى المناطق التي تعيش فيها مجتمعات معزولة من السكان الأصليين، الذين يعرفون باسم
شعب إنويت، ويعيشون في منطقة مغطاة بالثلوج شمالي كندا.
وقالت نور
أتيم: "لا شيء يمكن أن يمنحك إحساسا بالسيطرة أكثر من قيادة طائرة. ويزداد
هذا الشعور قوة عندما يكون غالبا باستطاعتك أن ترى أضواء الشفق الشمالي"،
وتضيف مازحة: "بل طوال الوقت".
وانتقلت عائلة
اللاجئة إلى كندا ضمن برامج إعادة التوطين بعد إقامتها لمدة عامين في لبنان، وضمن
إجراءات عملية التوطين كان على نور الخضوع لاختبار لتحديد المسار المهني المناسب
لها، وجاءت النتائج تقترح وظيفتين: مهندسة معمارية، وقائدة طائرة. وكان الاقتراح
الثاني متماشيا مع رغبتها الدفينة في الحفاظ على تقاليد الأسرة، واتباع مسار
والدها، وجدها من قبله.
لكن اللاجئة
السورية اصطدمت بمهمة صعبة تتمثل بإيجاد المال الكافي لنفقات دراسة الطيران، وهي
مهمة صعبة بما يكفي لكي تكون عائقا كبيرا أمام الراغبين بهذه الدراسة من أبناء
البلد الطموحين. وحسب المجلس الكندي للطيران والفضاء، فإن تكاليف التدريب
المرتفعة، هي أحد أسباب النقص في إعداد الطيارين في البلاد.
وتمكنت نور من
تمويل دراستها من خلال العمل في وظيفتين، موظفة استقبال في مكتب طبيب، ونادلة في
مطعم، إضافة إلى جمعها مبلغا ماليا من خلال حملة تمويل جماعي، فضلا عن اقتراض بعض
المبالغ من الأصدقاء والأقارب.
وفي سعيها
للحصول على التمويل، تواصلت نور حتى مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وكان ذلك
خلال فعالية عامة أقيمت في مونتريال.
وفي
سبتمبر/أيلول عام 2018، حصلت نور على شهادة تؤهلها لقيادة الطائرات، وبعدها بعام
بدأت العمل مدربة طيران قبل أن تنضم إلى شركة تشغل رحلات جوية في مناطق نائية في
شمالي كندا. لكنها كانت تضع نصب عينيها العمل مع "إير إنويت" فقد أعجبت
بعمل الشركة مع المجتمعات المعزولة، ووجدته ملهما.
وقالت إن
"هذه الشركة هي شريان الحياة بالنسبة لتلك المجتمعات، فلا يمكن الوصول إلى
مناطقها إلا عن طريق الجو. وهذا يجعل عملنا خدمة أساسية" لا غنى عنها.
وأكدت قائدة
الطائرة السورية الشابة أنها لم تتعرض أبدا للتمييز في قمرة القيادة من قبل
زملائها، وإن كانت تتذكر مواقف مرت بها حين كانت تدرب على الطيران، وقد شعرت حينها
بما تسميه "نظرات الأحكام المسبقة" من قبل الطلاب.
لكن نور تشير
إلى أن تلك الحوادث لا يمكن اعتبارها نموذجا لكامل التجربة، وتقول: "كانت
مواقف متفرقة، وقليلة، وقد حدثت خصوصا عندما كان الطلاب الذين أدربهم رجالا أكبر
سنا. كنت أرى عدم الارتياح واضحا في عيونهم حين يجدون أمامهم في قمرة القيادة شابة
أجنبية".
لا تزال نور
تعمل مدربة طيران في الأوقات التي لا يكون لديها رحلات مع شركة "إير
إنويت"، وهي تأمل في أن يحضر دروسها يوما ما لاجئ راغب بتعلم الطيران، الأمر
الذي لم يحدث حتى الآن.
وهذا ما دفع
الشابة السورية إلى التواصل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
لتنظيم لقاءات تتحدث فيها عن تجربتها أمام لاجئين آخرين، قد يكونون مهتمين بتعلم
الطيران واحتراف قيادة الطائرات مستقبلا، لكي تكون نموذجا ملهما ومشجعا بالنسبة
لهم.
وأضافت:
"أعتقد أنني أستطيع مساعدة لاجئين آخرين على إدراك أن التحليق عاليا أمر ممكن
بالنسبة لهم أيضا".