زعمت أوساط سياسية ودبلوماسية إسرائيلية أن "وثيقة سرية" للاتحاد الأوروبي من ست صفحات، دعت لتوسيع الوجود
الفلسطيني في المناطق "ج" بالضفة الغربية، ما دفع وزارة خارجية
الاحتلال إلى مهاجمة الاتحاد الأوروبي، واعتبار الوثيقة جزءا من سلسلة مواقف أوروبية غير مقبولة بالنسبة لـ"إسرائيل".
موريا والبيرغ المراسلة السياسية لـ"
القناة 13"، كشفت أنه "بعد وقت قصير من الكشف عن الوثيقة المكتوبة في سفارة الاتحاد الأوروبي في شرق القدس، فقدعقدت إسرائيل والاتحاد الأوروبي اجتماعا بحوار سياسي، ناقشا فيه القضايا المطروحة على جدول الأعمال في علاقاتهما بطريقة شاملة ومركزة، بما فيها الجهود الأوروبية لتوسيع نطاق التواجد الفلسطيني في مناطق (ج)، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة".
وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21" أن "الأراضي الفلسطينية التي تقصدها الوثيقة الأوروبية ذاتها التي طالب رئيس حزب الصهيونية الدينية بيتسلئيل سموتريتش بفرض السيطرة الإسرائيلية عليها، وكانت جزءًا لا يتجزأ من مفاوضات الائتلاف الحكومي، مع العلم أن جزءًا من الوثيقة تمت كتابته قبل بضعة أشهر، ومن أهم نقاطها الرئيسة: السعي لتعزيز الوجود الفلسطيني في المنطقة (ج)، وإثبات حق الفلسطينيين في هذه الأراضي من خلال الوثائق، ومتابعة ومراقبة النشاط الأثري الإسرائيلي في المنطقة، لأن الاحتلال يستخدمه لتبرير سيطرته على أراض في
الضفة الغربية، ودمج منطقة ج مع منطقتي أ و ب".
وأوضحت أن "الوثيقة تنص على الحاجة لرؤية أوروبية مشتركة، ونهج أكثر تنسيقًا بين الأطراف الأوروبية لتعظيم القدرة على توسيع مشاركتهم في المنطقة (ج)، وتعزيز البنية التحتية للفلسطينيين فيها، وتقديم المساعدة القانونية والعديد من الخطوات الأخرى التي يريد الاتحاد الأوروبي الترويج لها فيها، ولأنه تمت كتابة الوثيقة قبل الانتخابات الإسرائيلية، فلا يمكن ربطها برد فعل لحكومة أو أخرى، لأن موقف الاتحاد الأوروبي من هذه القضية بالذات ليس جديدا، لكنه الآن سيزيد عملياً المشاركة فيها".
وأشارت إلى أن "سياسة الاتحاد الأوروبي بجميع دوله الأعضاء الـ27 لم تتغير، فهم ملتزمون بحل الدولتين، مع القدس عاصمة مستقبلية لهما، وتدعو إسرائيل إلى السماح بتحسين ملموس في حياة الفلسطينيين، والسماح لهم بالبناء، ووقف تدهور ظروفهم المعيشية في المنطقة (ج)".
سموتريتش رد على الوثيقة الأوروبية بالزعم أنه "سيكافح ضد ما وصفه "الاستيلاء" الفلسطيني على المناطق المفتوحة في الضفة الغربية، باعتبارها أحد التحديات الملحة والمهمة التي يجب على الحكومة القادمة مواجهتها، وأحد الأسباب الرئيسة لمطالبتي بالحصول على مزيد من الصلاحيات بوزارة الحرب، ولأن التورط السافر للاتحاد الأوروبي في الجهود الفلسطينية لإثبات الحقائق على الأرض، وإقامة دولة معادية بحكم الأمر الواقع في قلب إسرائيل من جانب واحد، غير مقبول".
عضوة الكنيست أوريت ستروك من الصهيونية الدينية، اعتبرت الوثيقة الأوروبية "كشفاً لحقيقة مفزعة تتمثل في استثمار ضخم من الاتحاد الأوروبي في خطة تخريبية لإقامة دولة فلسطينية مخالفة للاتفاقيات"، وقالت: "سنقود الحكومة لبذل جهد مشترك دبلوماسي واقتصادي ضد النشاط العدائي للفلسطينيين والأطراف الدولية، وسنوقفه بعزم، يجب وقف هذه المهزلة الخطيرة، وستتوقف".
أما عضوة الكنيست ليمور هار- ملاخ من حزب العصبة اليهودية، فزعمت أن "الوثيقة السرية الأوروبية تؤكد صوابية ما ناقشناه منذ سنوات عديدة، وهو أن الفلسطينيين وحلفاءهم في الاتحاد الأوروبي لا يميزون بين مناطق الدولة التي تم تقسيمها إلى "أ، ب، ج"، ويديرون خطة استيلاء ضخمة لصالح إقامة دولة فلسطينية على كل الضفة الغربية، وحان الوقت لتعلن إسرائيل بصوت عالٍ أن اتفاقيات أوسلو باطلة ولاغية، ومن الآن فصاعدًا تعمل على إقامة مستوطنات جديدة في المناطق المفتوحة الخالية منها، وفي الحكومة المقبلة سأعمل على وقف أنشطة الاتحاد الأوروبي في الضفة الغربية الذي يعمل بنشاط ضد إسرائيل".
الوزير المكلف بوزارة التراث الحاخام أميشاي إلياهو، زعم أن "الوثيقة الأوروبية تكشف أن الاتحاد الأوروبي يعمل خلافًا للقانون والأخلاق الإنسانية"، وهددت قائلة: "سأفعل كل ما بوسعي لمنع التدخل الأجنبي، وتدمير التراث اليهودي"، فيما أكدت منظمة "يش دين" أن مناطق "ج" أراض فلسطينية تخضع لسيطرة واحتلال عسكري إسرائيلي، يفعل كل ما بوسعه لتأسيس وتعميق سيطرته هناك، ويتعامل معها كما لو كانت جزءا من أراضيه السيادية الشرعية، ولذلك فإن إصرار الاتحاد الأوروبي على احترام القانون الدولي خبر جيد وهام".
وتكشف هذه الأزمة الناشئة عشية تشكيل حكومة اليمين الفاشي الإسرائيلي لتصب مزيدا من الزيت على نار التوتر القائم أصلا بين الاحتلال والاتحاد الأوروبي، ولعل فوز اليمين مؤخرا سيكسب الموجة العدائية للاحتلال زخما جديدا في السنوات المقبلة، بدل التعاطف معه، حيث يتهم اليمين الإسرائيلي الاتحاد الأوروبي بأنه منذ سنوات عديدة اتخذ موقفاً عدائياً منظماً تجاه الاحتلال، بسبب مجموعة متنوعة من العوامل الاقتصادية والسياسية، وتبنى المواقف الفلسطينية، وساهم مساهمة حقيقية بوجود عشرات المنظمات التي عملت وتعمل اليوم ضد الاحتلال.