نشر
موقع مجلة "
ناشونال انترست" مقالا لمارك كاتز، استاذ الحكومات والسياسة بجامعة
جورج ميسون ركز فيه على أثر الحرب في أوكرانيا على
علاقات دول
الخليج وإسرائيل مع
روسيا.
وقال
إن عددا من حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، وتحديدا
إسرائيل والسعودية والإمارات
العربية المتحدة ظلت خائفة من نوايا
إيران تجاهها. والخوف من إيران هو السبب الرئيسي
وراء طلبها الحماية من الولايات المتحدة. ولأن هذه الدول لم تكن راضية عن محاولات الحكومة
الأمريكية إحياء الاتفاقية النووية مع إيران وعدم ردها القوي على هجمات طهران بالمسيرات
عليها، فقد وجدت الحماية الأمريكية غير كافية.
وهذا
هو السبب وراء تحسين علاقاتها مع روسيا في السنوات القليلة الماضية. وبالنظرة الأولى،
يبدو هذا غير منطقي، فلو كان حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط غير راضين عن
دعم واشنطن لهم ضد إيران، فماذا يتوقعون من روسيا التي تظل علاقاتها قريبة من إيران.
ويقول إن هذا قد يبدوغريبا، إلا أن لدى حلفاء أمريكا بالمنطقة أسبابها للاعتقاد أن
التعاون مع روسيا مفيد للحد من تصرفات إيران.
فرغم
تعاون روسيا وإيران في سوريا لحماية نظام بشار الأسد، إلا أن هناك اتفاقا لخفض التوتر
بين روسيا وإسرائيل، يسمح للأخيرة بضرب الأهداف الإيرانية وتلك المرتبطة بحزب الله
اللبناني في سوريا. فلو كانت موسكو قلقة حول التأثير الإيراني في سوريا، فإن السماح
لإسرائيل بالحد مما يمكن لطهران وحلفائها الحصول عليه هناك يعتبر منطقيا.
ومهما
كانت الدوافع الروسية للتعاون مع تل أبيب ضد إيران وحزب الله في سوريا، فإن إسرائيل
تظل بحاجة ماسة لموسكو والإبقاء على الاتفاق قائما. لكل هذا ترددت إسرائيل بشجب الحرب
الروسية في أوكرانيا، ومقاومة الدعوات لتقديم الدعم العسكري أو آية مساعدات للجانب
الأوكراني.
وبنفس
السياق حاولت الحكومات الغنية في الخليج مثل السعودية والإمارات التخفيف من دعم موسكو
لطهران عبر الاستثمارات في روسيا.
وفي
الوقت الذي دفعت دول الخليج وإن بشكل جزئي للتعاون لكي تظهر استقلالها عن واشنطن وكإشارة
أنها قد تتعاون مع موسكو أكثر لو انتقدت الولايات المتحدة قادتها وسياساتها، إلا أن
علاقات قوية روسية مع الإمارات والسعودية هي رسالة لإيران من أن موسكو تقدر علاقاتها
مع دول الخليج ولا تريد من إيران تخريبها.
وطهران
ليست راضية عن حجم التعاون الروسي مع أعدائها في الخليج وإسرائيل، لكنها مضطرة لأن
تجامل وتتحمل. وبعد كل هذا فطهران غير مستعدة أو لا تستطيع التحول نحو الغرب وأمريكا
وتطلب المساعدة.
وتظل
الصين بديلا غير متاح لإيران وكمصدر للدعم لها، نظرا لعدم استعداد بكين التدخل عسكريا
في قضايا المنطقة كما فعلت موسكو، ولأنها لا تريد تخريب علاقاتها الإقتصادية مع دول
الخليج وتل أبيب.
وربما
تغير هذا الوضع مع زيادة اعتماد روسيا على إيران، فهذه لم تقدم طائرات بدون طيار لروسيا
بل ساعدتها على كيفية استخدامها في الحرب بأوكرانيا. وربما اشترت روسيا صواريخ باليستية
قصيرة المدى من طهران. وكشفت التقارير الغربية عن تعاون عسكري أوسع بين البلدين، وافقت
فيه طهران على بناء مصانع إنتاج لأسلحتها في روسيا.
ونظرا لاعتماد الأخيرة على إيران في دعم جهودها الحربية
بأوكرانيا فإن طهران تتوقع مقابلا إلى جانب المال. لكن ماذا تريد إيران من روسيا؟ هذا
ليس واضحا، لأنه لا روسيا أو إيران قدمت إشارات عما هو.
ويرى
الرئيس الأوكراني فولدومير زيلسنكي والمخابرات الغربية أن طهران ربما طالبت بمساعدات
عسكرية. ولاحظ المراقبون أن الدبلوماسيين الروس الذين كانوا يضغطون على الدبلوماسيين
الإبرانيين العودة لاتفاقية العمل المشتركة الشاملة، إلا أنهم ومع بداية الحرب الأوكرانية
توقفوا عن عمل هذا.
ونظرا
للتركيز الروسي على الحرب في أوكرانيا، فلربما وافقت موسكو على مستوى من التأثير الإيراني
في سوريا وتخفيض التزامها باتفاق خفض التوتر الروسي- الإسرائيلي كمحاولة لرد الجميل
الإيراني.
وربما
وافقت موسكو على دعم طهران في مجلس الأمن وعرقلت أي قرارات لمعاقبة طهران بسبب هجومها
على جيرانها في الخليج.
ورغم
كل هذا، فلن تتخلى لا إسرائيل أو دول الخليج عن أملها من أن تؤدي علاقات جيدة مع موسكو
للحد من نشاطات إيران. وبالتأكيد فقد تخاف مما سيحدث لو لم تستمر في العلاقات الجيدة.
ففي
الوقت الذي نظرت فيه إدارة بايدن لقرار "أوبك+" لتخفيض مستويات الإنتاج كصفعة
لبايدن الذي طالب بزيادة معدلاته، إلا أن السعوديين اتخذوا قرارهم خوفا مما ستفعله
روسيا ومساعدتها طهران على الانتقام منهم.
وبنفس
السياق، تخاف إسرائيل من صعوبة استهداف إيران وحزب الله في سوريا أقل نجاعة لو قررت
موسكو وقف خفض التوتر.
وكما
هو الحال مع أوروبا التي تمقت فكرة انقطاع الغاز الطبيعي الروسي عنها بعد غزو أوكرانيا،
ترفض دول الخليج وإسرائيل التخلي عن فكرة وإمكانية روسيا الحد من نشاطات إيران. لكن
زيادة اعتماد روسيا على السلاح الإيراني قد يجبرها على التخلي عن هذا الأمل.