تربطني علاقة خاصة جدا مع أسرة الراحل الأستاذ أحمد سيف الإسلام
عبد الفتاح حمد، وكان يعد لي الأب الروحي كما هو للكثيرين، والأمر كذلك مع السيدة
الفاضلة المناضلة زوجته، الدكتورة ليلى سويف.
هناك الكثير من المواقف بيني وبين الأستاذ أحمد سيف
والسيدة زوجته، وكذلك مع ابنه وصديقي الزميل علاء عبد الفتاح، سأذكر منها موقفين
فقط، وهما بمثابة شهادة حق أمام الله تعالى أولا ثم للتاريخ.
الموقف الأول كان أثناء انتفاضة قضاة مصر عام 2006، التي
شهدت دعما وتضامنا شعبيا غير مسبوق، وخرجت عدة مظاهرات حاشدة دعما لموقف هؤلاء
القضاة ضد سلطة دولة مبارك، وبالطبع وكما هي العادة حاولت الدولة قمعها بكل
الوسائل، واستخدمت كل إمكانية ممكنة لقمع المد الشعبي للقضاة.
وكان لحديقة نقابة المحامين، وكذلك سلم نقابة الصحفيين
الملاصقة لنادي القضاة دور بارز في تلك الأزمة بين القضاة والدولة، حيث كانت
الحديقة والسلم أهم أماكن التضامن والتظاهرات. وفي أحد الأيام في شهر أيار/ مايو كان
من المقرر أن تشهد محكمة جنوب القاهرة إحدى جلسات التجديد للشباب (الدفعة الأولى
والثانية) الذين سبق اعتقالهم على خلفية دعم القضاة، وكان من بينهم علاء عبد
الفتاح. في ذلك اليوم تم إلقاء القبض عليّ (كنت وقتها عضوا في حزب الغد الحقيقي
برئاسة الدكتور أيمن نور)، ومجموعة أخرى من الشباب (الدفعة الثالثة، نسبة للترتيب
الزمني لاعتقالنا بعد الدفعة الأولى والثانية). المهم تم ترحيلي وزملائي لسجن
التحقيق بطرة، وهناك التقيت مع علاء، وغيره كثيرين، وتم وضعي في الزنزانة التي
كانت تضم المهندس كمال خليل، وعددا كبيرا من رموز ثورة يناير المباركة.
ومرت الأيام، وحان موعد التجديد الثالث لحبسي الاحتياطي
والرابع لعلاء عبد الفتاح، وكان التجديد هذه المرة في محكمة مصر الجديدة. وهنا كان
المحامي عنا هو الأستاذ أحمد سيف (والد علاء)، وحان دوري للمثول أمام وكيل النيابة
وبعدي سيكون دور علاء، وقتها عرف الأستاذ سيف أن قرار الإفراج سيكون لواحد فقط..
إما أنا أو علاء، وكانت المفاجأة أن علاء ووالده اختارا أن يتم الإفراج عني بدلا
من علاء، اعتبارا لكوني لست من سكان محافظة القاهرة، بل من محافظة السويس. وكم كان
هذا الإيثار عظيما راقيا نبيلا من النبيل أحمد سيف وصديقي علاء، وما زلت، وسأظل،
ممنونا لهما ما حييت.
موقف آخر بيني وبين الأستاذ أحمد سيف وزوجته الفاضلة الدكتورة ليلى سويف، أثناء التظاهرات التي اندلعت في منطقة العمرانية عقب وفاة سجين
داخل قسم شرطة العمرانية بمحافظة الجيزة، جراء التعذيب. وأثناء وجودي مع الأستاذ
سيف، وكانت أسرته بالكامل تشارك بتلك المظاهرة، قامت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز
والرصاص المطاطي وغير ذلك من الوسائل، وحدث أن أصبت في رأسي وقدمي وكسر في الذراع،
فما كان من الدكتورة ليلى إلا أن قامت وزوجها، وهما الكبار سنا ومقاما، بسحبي خارج
مكان المظاهرة، وذهبا بي للمستشفى ولم يتركاني حتى استرددت كامل وعيي وبعض صحتي، ثم
اصطحباني لمنزلهما حتى تستقر حالتي.
هذا غيض من فيض مما كان يربطني بأسرة الزميل والصديق
والأخ الحبيب علاء عبد الفتاح.
وأود الإشارة إلى أن الظروف التي يمر بها علاء وزملاؤه
هي لحظة فارقة بين حق يُراد له الاندثار وباطل يُراد له الانتصار، فعلى كل من يرنو
للحرية والكرامة أن يتفاعل إيجابا مع نضال هؤلاء الأبطال الأسرى داخل أقبية
وزنازين نظام جاء فقط ليعيش على أشلاء وأطلال وطن سيظل أبيّا حرا، رافضا لكل أشكال
وألوان وصنوف الاستبداد والتنكيل لمجرد أنه يطالب بحياة كريمة فقط.
حدث، ويحدث، وسيحدث، بين أصحاب الرؤى اختلافات، وقد أخطأ
الجميع بلا استثناء وسيخطئون لاحقا، لكن ينبغي علينا جميعا أن نتفق على قدسية
وحرمة ومكانة هذا الوطن الذي ليس لنا بديل عنه. يا شرفاء الأمة اعلموا أن علاء
ورفاقه من كافة تيارات الأمة يخوضون نضالا شريفا وفارقا لنحيا جميعا شرفاء.
وأشير أخيرا إلى أن أغلب من تم اعتقالهم في انتفاضة
القضاة كانوا هم مَن أصبحوا بعد ذلك رموزا لثورة يناير، سواء من قضاة أو محامين أو
صحفيين أو حقوقيين أو شباب.
غربة العراقيّين.. الدور المفقود والتجاهل الرسمي!
مَنْ ينقذ عبد المنعم أبو الفتوح ورفاقه من سجون السيسي؟