صحافة إسرائيلية

باحثة إسرائيلية: هكذا تستهدف المافيا اليهودية فلسطينيي الداخل

ذكرت الباحثة إيلات معوز، أن أجزاء كبيرة من اليهود تتبنى هذه النظرة الفوقية تجاه فلسطينيي الداخل- جيتي

يسهم تزايد أعداد الضحايا من فلسطينيي الداخل في جرائم القتل يوما بعد يوم، وتزداد المؤشرات نحو تورط شبكات المافيا الإسرائيلية في اتساع رقعة هذه الجرائم، في تعميق أزماتهم، عجزهم على مواجهة التنظيمات الإجرامية.

 

وفي ظل الزيادة المخيفة في معدلات العنف والقتل والرعب الذي يعيشونه، بات فلسطينيو الداخل يعيشون حياتهم اليومية بصورة مروعة، ما قد يؤشر إلى حدوث تفكك اجتماعي عميق.


وتتواصل ظاهرة الجريمة المنظمة التي تطال فلسطينيي الداخل، حيث زاد عدد ضحاياها هذا العام عن ثمانين ضحية، ما ولّد الغضب تجاه قيادتهم الضعيفة التي لا تقدم، وربما لا تملك، أي حلول لهذه الظاهرة، في حين أن المؤسسة الإسرائيلية الاحتلالية تنطلق في توصيفها لها من عدة أطروحات مركزية تتركز في عنصرية لا تخطئها العين، بزعم أن العرب عنيفون بطبيعتهم، والأفضل أن يقتلوا بعضهم البعض.


وذكرت الباحثة في عالم الجريمة والعنف المنظم بجامعة حيفا، إيلات معوز، أن "أجزاء كبيرة من اليهود تتبنى هذه النظرة الفوقية تجاه فلسطينيي الداخل، مما يشير للتدهور الأخلاقي الذي يسببه الاحتلال للإسرائيليين، لأنه بالتأكيد ليس تفسيرا للجريمة، بدليل الانتشار الهائل للشبكات الإجرامية في دولة الاحتلال ذاتها بين اليهود أنفسهم، في حين أن نسبة أخرى من الجمهور العربي الفلسطيني تؤكد بشدة أن مصدر الجريمة هو القهر القومي".


وأضافت في مقال نشره موقع محادثة محلية، وترجمته "عربي21" أن "دولة الاحتلال قامت منذ تأسيسها بإضعاف واستغلال واضطهاد الفلسطينيين داخل حدودها، وخلقت أرضًا خصبة للجريمة التي تخدم أهدافها، مما يعني أن شبكات الجريمة متعاونة في الأساس مع الأجهزة الشرطية والأمنية، وفق الرأي الفلسطيني، ليس بالضرورة من خلال كشف هوية المجرمين".

 

وتابعت أن "نمو الشبكات الإجرامية تعبير عن حركة أكثر تعقيدًا من الإقصاء والسيطرة السياسية والحراك الاقتصادي المحكوم من دولة الاحتلال بصورة حصرية".

 

اقرأ أيضا:  بالرغم من اندثار معظم عيونها.. البيرة مصيف فلسطين التاريخي

 

وأشارت إلى أن "حالة الطبقية المنتشرة بين فلسطينيي الداخل، والتناقض بين التكامل الاقتصادي والاجتماعي والإقصاء السياسي الشديد الذي تمارسه دولة الاحتلال، لا يمتون للعفوية بصلة، بل مشروع سياسي مهيمن نما فيها منذ عام 2000 في ظل توجيهات كبار مسؤولي الشاباك والاقتصاد".

 

وأوضحت أن ذلك المشروع "شكل استمرارا للظلم التاريخي وانعدام المساواة في المواطنة، بزعم أن فلسطينيي الداخل تهديد على الدولة، ويجب إحباطه، بتعلة أنهم يقوضون طابعها اليهودي، حتى أن الشاباك أنكر عليهم الحق السياسي الأساسي بإجراء نقاش مفتوح حول هويتهم ومستقبلهم الجماعي".


وقد لا تبدو الصلة مباشرة وفورية بين ما تقدم من أسباب تأصيلية لانتشار الجريمة بين فلسطينيي الداخل، لكن من الأهمية بمكان التذكر جيدا أنه تحت الحكم العسكري تدفقت العديد من الأسلحة نحو التجمعات السكانية العربية بشكل روتيني.

 

كما حصلت حرب شرسة على المناقصات والانتخابات ومناطق النفوذ، وهذا واحد من الأسباب لنمو التنظيمات الإجرامية، التي ترعرعت في ظل تكثيف الفوارق الاجتماعية، وعدم المساواة الهيكلية بين اليهود والعرب.


وأدت السياسة الاقتصادية الإسرائيلية الموجهة نحو فلسطينيي الداخل، خاصة في المثلث والجليل، لظهور طبقة جديدة من الثراء، ليس لديها شرطة لحماية ممتلكاتها من المنافسين، وهذا هو المكان الذي تأتي فيه المنظمات الإجرامية، مثل شركات الأمن الخاصة والبلطجية المأجورين، كما نشأت شبكات تجارية واسعة النطاق في العقود الأخيرة من المتسللين والأسلحة والمخدرات، وهذه تشكل أرضًا خصبة من أجل حركة المعلومات الاستخبارية وتجنيد المساعدين.


وهذا يعني أن المنظمات الإجرامية بين فلسطينيي الداخل جزء من رأسمالية المافيا الإسرائيلية، وتعبير عن نفس ديناميكيات النظام العسكري، الذي يعتبر الفساد والجريمة جزءًا لا يتجزأ منه، وكأنه والجريمة المنظمة، حرفياً، وجهان لعملة واحدة.