في الوقت الذي تشهد العلاقات
الإسرائيلية
التركية تقاربا تصاعديا، فإن علاقات الأخيرة مع
اليونان تواصل التوتر، وهي تجتاز
مائة عام من العداء، لكن مستوى جديدا من الحساسية أضيف مؤخرا للسياسة التركية في
بحر إيجه استرعى الانتباه الإسرائيلي؛ حيث تدعي أثينا أن أنقرة انتهكت سيادتها
الجوية 220 مرة هذا العام، فيما تتهمها الأخيرة أنها تنشر أنظمة عسكرية على الجزر
خلافا للاتفاقيات.
وفيما لا يبدي حلف الناتو رغبة بالتدخل في هذا
النزاع الناشب بين اثنين من أعضائه، فقد أصدر الاتحاد الأوروبي بيان إدانة، وفي
حين أن الأنظار متجهة إلى الولايات المتحدة التي لا تخفي انحيازها لليونان، لكن
إسرائيل في هذه الحالة تظهر على حافة بركان في ظل علاقاتها الجيدة معهما.
أمير بار شالوم الخبير العسكري في موقع
زمن
إسرائيل، ألمح إلى "تكرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الآونة الأخيرة
لكلمات أغنية "قد أصل في الليل" على وقع اتهاماته لليونانيين، مما أشعل
الأضواء الحمراء في أثينا، بالتزامن مع مشاركة أردوغان في حدث كبير بمناسبة الذكرى
المئوية لانتصار
تركيا على اليونان، وسط توتر متصاعد بينهما هذه الأيام حول الجزر
الواقعة في شرق بحر إيجه، حيث ترصد إسرائيل اتهامات الطرفين بعضهما لبعض، وتجد نفسها
في قلب صورة الأحداث".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21"، أن
"الجيش اليوناني وضع في عدة جزر قبالة السواحل التركية أنظمة إسرائيلية ضد
طائرات مسيرة وطائرات بدون طيار، من صنع هيئة الصناعات العسكرية الإسرائيلية-
رافائيل، وفيما تضغط تركيا على الإدارة الأمريكية لتعويضها عن إلغاء صفقة عشرات
طائرات إف16، فإن اليونان تنتظر إقرار الكونغرس لصفقة طائرات الشبح إف35، مما يعني
أن الموافقة عليها ستكون بمنزلة وخز في عين تركيا".
وأكد أن "إسرائيل بحاجة لليونان لخطة
مستقبلية لخط أنابيب الغاز إلى أوروبا وللتدريب العسكري المشترك، فيما تريد إبقاء
تركيا بجانبها في السياق الفلسطيني، مع بداية زوال حكم أبو مازن، وبداية صراع
الخلافة، وكبح نشاطات حماس التي تقيم قيادتها لديها، وتمتلك علاقات وثيقة مع الحزب
الحاكم فيها، ولعل أردوغان يدرك الحاجة الإسرائيلية له، لذلك يمكن تفسير الدفء في
علاقات أنقرة وتل أبيب، بوصفه رافعة محتملة للضغط على واشنطن لإقرار صفقة الطائرات
التي تتوق إليها تركيا".
تدرك المحافل الإسرائيلية أن تقاربها مع تركيا
يعني اعتبار واشنطن لها "صديقا لصديق"، وهي خطوة مرحب بها دائما من وجهة
نظر الإدارة الأمريكية، لكنها في ذات الوقت ينظر إليها بقلق كبير من اليونان، التي
تحاول منذ فترة طويلة أن تفهم أين يسعى أردوغان، بزعم من الصعب للغاية التنبؤ
بتطلعاته في هذه الآونة، خاصة مع تأثيرات اقتراب الانتخابات الرئاسية والعامة في
العام المقبل، باعتبارها السبب الرئيسي لسلوكه الحالي.
في الوقت ذاته، ترصد تل أبيب خشية أثينا
المتصاعدة من منحدر زلق قد تصل إليه أنقرة، في حال امتدت التأثيرات التركية الداخلية
للانتخابات العامة إلى العلاقات الخارجية، وزيادة التوترات مع اليونان، فيما يتعلق
بالجزر، مع العلم أنه بالنسبة للعديد من الأتراك، وبعضهم معارض لأردوغان، يرون
السلوك اليوناني في بحر إيجه تهديدا مباشرا لتركيا، بغض النظر عن هوية وطابع
الزعيم الجالس في أنقرة.