ملفات وتقارير

لماذا أغضب تشكيل هيئة "الحوار الوطني" المعارضة في مصر؟

يعزم النظام المصري على عقد أولى جلسات الحوار الوطني بالأسبوع الأول من تموز/ يوليو المقبل - جيتي

انتقادات واسعة في مصر بعد إعلان إدارة "الحوار الوطني"، مساء الأحد، التشكيل الكامل لمجلس أمناء الحوار الذي دعا له رئيس النظام عبد الفتاح السيسي 26 نيسان/ أبريل الماضي، والذي من المقرر أن تعقد أولى جلساته بالأسبوع الأول من تموز/ يوليو المقبل.

وعن أهمية ودور مجلس الأمناء، أكد المنسق العام للحوار ضياء رشوان لفضائية "اكسترا نيوز" الإخبارية المحلية الأحد، أنه "سترفع إليه المخرجات الأولية للجان ليقرر القرار النهائي بها، من حيث أنه سيتم التوافق التام عليها أو سيكون هناك اختلاف بحقها، وسترفع مخرجاتها ضمن مخرجات الحوار لرئيس الجمهورية".

"19 شخصية"


التشكيل الذي يشمل 19 عضوا، جاء بعد مشاورات لنحو شهرين بين شخصيات سياسية وعامة وحزبية ومعارضة مع المنسق العام للحوار نقيب الصحفيين ضياء رشوان، ورئيس الأمانة الفنية للحوار الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المستشار محمود فوزي.

ويضم التشكيل المعلن 3 أعضاء بمجلس النواب هم: أحمد الشرقاوي، وأميرة صابر، وطلعت عبد القوي رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية.

و4 أساتذة بجامعة القاهرة، هم وزير التضامن الأسبق وأستاذ الاقتصاد جودة عبد الخالق، وأستاذة العلاقات الدولية ريهام باهي، وأستاذ القانون التجاري والبحري هاني سري الدين، وأستاذ الصحافة محمود علم الدين.

كما ضم التشكيل 6 صحفيين بينهم ضياء رشوان، ورئيس تحرير مجلة "الأهرام العربي" جمال الكشكي، ورئيس تحرير "الأهرام" الأسبق عبد العظيم حماد، وعضو مجلس الشيوخ الصحفي عماد الدين حسين، والكاتبة الصحفية فاطمة السيد أحمد، والأديب والصحفي محمد سلماوي.

وذلك إلى جانب مدير مركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" محمد فايز فرحات، ونائبه عمرو هاشم ربيع، والباحث والكاتب السياسي سمير مرقص.

وبالإضافة إلى رجل الأعمال كمال زايد، ضم التشكيل منسقة الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي فاطمة خفاجي، ورئيسة المجلس القومي للمرأة مايا مرسي، والمحامي الحقوقي نجاد البرعي، عن المجلس القومي لحقوق الإنسان.

"انتقادات حادة"


الانتقادات جاءت حادة من سياسيين معارضين من الداخل، ومن التيار المدني الذي انتقد عدم وجود المعارضة الصريحة داخل الحوار الوطني واستبعاد شخصيات تحدث إليها السيسي في رمضان الماضي مثل المرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي والصحفي خالد داوود، وغيرهما.

كما جاءت الانتقادات تقول إن من جرى اختيارهم ممثلين للمعارضة لا يمثلونها بالفعل بل هم بالأساس شخصيات تابعة للنظام إلا بعض الأسماء القليلة مثل الدكتور جودة عبد الخالق.

كما انتقد سياسيون وجود 6 صحفيين وعدد من الباحثين بمركز الأهرام للدراسات، و3 أعضاء بمجلس النواب في الحوار الوطني، مستنكرين عدم وجود قضاة بالحوار وغياب رجال الدين، فيما انتقدوا وجود ممثلين لهيئات تابعة للدولة على أنها تمثل الجانب الحقوقي والمرأة.

ورغم أن أغلب جبهات المعارضة المصرية بالخارج رفضت الحوار الذي أعلن عنه السيسي في رمضان الماضي خلال حفل "إفطار الأسرة المصرية"، إلا أن أغلب تيارات المعارضة في الداخل المصري أعلنت قبولها الحوار ورغبتها المشاركة فيه، ولكن مع ضوابط.

وفي 8 أيار/ مايو الماضي، أعلنت "الحركة المدنية الديمقراطية" قبول دعوة السيسي للحوار، واضعة 7 ضوابط منها أن يجري الحوار بين عدد متساو ممن يمثلون السلطة والمعارضة، وأن يكون بين شركاء متكافئين بلا مصادرة ولا مكايدة ولا تخوين.

وضمت وثيقة إعلان مبادئ الحركة 11 هدفا ومطلبا، اعتبرتها ضرورة لـ"فتح مجال العمل العام، وخلق حراك سياسي، ومواجهة التدهور الاقتصادي والسياسي والأمني".

"يمثلون النظام"


ولكن، مثل إعلان تشكيل هيئة مجلس أمناء الحوار صدمة لمعارضين وحزبيين، بينهم السياسي والقيادي السابق بـ"جبهة الإنقاذ" والأمين العام لـ"الجبهة الوطنية لمكافحة الفساد"، مجدي حمدان موسى، الذي انتقد تخلي الحوار الوطني عن الديمقراطية التشاركية التي سادت الجلسات السابقة لمدة شهرين.

وفي حديثه لـ"عربي21"، عاب على تشكيل مجلس الأمناء وجود أغلبية من الصحفيين، و4 أساتذة بالجامعات، و3 ممثلين لاتحاد العمال والمرأة يمثلون هيئات للدولة، معترضا على "وجود 3 نواب من البرلمان بالهيئة"، متسائلا عما يمكن أن يقدموه بالحوار "بينما لم يقدموا شيئا بالبرلمان".

لكن موسى، أشاد في المقابل باختيار "سمير مرقص، وهاني سري الدين، وعبد العظيم حماد، وجودة عبد الخالق، وعمرو هاشم ربيع"، مستنكرا في الوقت ذاته "غياب مؤسس حزب تيار الكرامة حمدين صباحي كممثل للمعارضة رغم تقديمه 30 اسما مرشحا للقائمين على تنسيق الحوار".

وعن أسباب اعتراضه أوضح، أنه "لا يوجد تشكيل حزبي إلا الدكتور جودة عبد الخالق الذي يمثل حزب التجمع"، معتبرا أن "هذا التشكيل لا يمثل المعارضة و75 بالمئة من تلك الأسماء تندرج تحت مسمى الموالاة و25 بالمئة منها معارضة، في تشكيل غير منصف وغير معقول وغير مقبول".

وأكد موسى، أنه "بهذه الطريقة التي جاء بها التشكيل خاليا من أي توزيع نسبي، وغاب عنه من المعارضين أو السياسيين أو الحزبيين من هو قادر على عرض الورقة السياسية التي توافقت عليها الأحزاب المدنية؛ فلن تخرج جلسات الحوار بجديد، وستكون حوارا للحوار، ولهذا لا نأمل منها خيرا".

وختم بالقول، إن "التشكيل جاء مخيبا للآمال ولا يوجد به تناسق وتمثيل أمثل وعادل لكل فئات المصريين، كما وعد السيسي".

"الهوة كبيرة وتتسع"


أحد قيادات التيار الوطني المعارض الناشط السياسي سمير عليش، قال إنه "بلا شك كان من المفضل أن يكون المنسق العام للحوار شخصا تثق فيه الأكثرية من العامة والنخبة في مصداقيته وسجله وإنجازاته في الخدمة العامة للشعب، وليس ضياء رشوان أحد أعمدة السلطة".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "وكذلك بالنسبة للسيد الأمين العام المستشار محمود فوزي المعروف بانتمائه الكامل للسلطة عبر تاريخه بالبرلمان"، مشيرا إلى أنه "بالنسبة للأعضاء بصفة عامة فلا غبار عليهم، ولكن ليس الأمر بأيديهم".

ويرى رئيس مجلس إدارة المركز الوطني لدعم منظمات المجتمع المدني، أن "الأهم هو أن هوة الثقة ما زالت كبيرة بين السلطة والمعارضة بل وتتسع وتتعمق بسبب عدم التأخر في إطلاق سراح سجناء الرأي".

وتابع: "فضلا عن الأحكام القاسية الصادرة مؤخرا على الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ونائبه محمد القصاص، بجانب التلاعب الفاضح في انتخابات نقابات العمال والتعاونيات التي عُقدت خلال الأيام الماضية".

"الإفراج قبل التشكيل"


من جانبه، لم يعر الناشط السياسي المعارض من الخارج الدكتور ممدوح حمزة، الأسماء المذكورة والتشكيل المعلن لهيئة الحوار الوطني كثيرا من الاهتمام، وذهب إلى القول بضرورة تحقيق مطالب المعارضة أولا وقبل أي شيء حتى ينجح الحوار الوطني.

 

اقرأ أيضا: سياسي مصري لـ"عربي21": لا صحة لتأجيل موعد الحوار الوطني

وقال في حديثه لـ"عربي21"، "إن لم يتم الإفراج عن جميع سجناء الرأي في السجون فلا حوار يجدي"، مضيفا أن "أفضل وصف لهذا الحوار في هذه الحالة بأنه صباع روچ يستخدمه السيسي لتجميل وجهه".

"الجدار بلا ثقب"


وفي تعليقها على تشكيل هيئة الحوار الوطني، تساءلت الكاتبة الصحفية المعارضة مي عزام: "من الذي اقترح الحوار؟ أليس النظام؟ ومن الذي سمح لبعض الشخصيات بالظهور إعلاميا؟ أليس النظام؟ ومن الذي اختار المنسق العام للحوار والمسؤول عن الأمانة الفنية؟ أليس النظام؟".

وفي حديثها لـ"عربي21"، أضافت: "في كل المراحل السابقة جميع من انخرطوا في الحوار أو شجعوا عليه أو رأوا فيه ثقبا في الجدار؛ وافقوا ضمنيا على شروط النظام، وهي أن أوراق الحوار في يده وبيده المنح والمنع".

وتساءلت مجددا: "فلماذا يعترض البعض الآن؟ وما يحدث هو نتاج طبيعي لما حدث من قبل"، متابعة: "لا أستطيع فهم غضب البعض من النتائج وهم جزء من الأسباب، وبعيدا عن هذا وذاك هناك ما هو أهم بكثير الآن من الحوار مع السلطة".

وترى عزام، أن "ما ينشر من أخبار عن حلف شرق أوسطي جديد يضم دولا عربية بينها مصر مع إسرائيل لردع إيران؛ يستحق مساءلة النظام عن حقيقة دور مصر فيه"، مشددة على أن "الآن وقت المساءلة وليس الحوار".

وعن استبعاد أسماء مثل حمدين صباحي، وخالد داوود، رغم حديث السيسي، الودي معهما خلال إفطار "الأسرة المصرية" في رمضان الماضي، وتوقع الجميع أن يكون لهم دور مهم في الحوار، أكدت أن "صباحي في لبنان مع وفد من حزب الكرامة الآن".

 

اقرأ أيضا: حجي لـ"عربي21": أنباء مشاركتي في الحوار الوطني غير صحيحة

ولفتت في نهاية حديثها إلى أن "الكل راض عن دوره، ويسعى في النهاية للحصول على رضا النظام وإن تحدث بغير ذلك، وأمر التصريحات هو لاستهلاك طاقة الناس فيما لا يهم".

"تشكيل متوازن"


وعلى الجانب الآخر، رحب رئيس حزب "الجيل الديمقراطي" ناجي الشهابي، بتشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني، معتبرا أنه متوازن ويضم ألوان الطيف السياسي والفكري وتضمن شخصيات ذات خبرات متنوعة ومتميزة جمعت 3 أجيال فيهم الشباب والشيوخ والمرأة.

وفي رسالة وصلت "عربي21"، أعرب الشهابي، عن تفاؤله في أن "تكون مخرجات الحوار دفعا لحياتنا السياسية والحزبية إلى الأمام وأن تقدم رؤية جديدة بها حلول لقضايانا الكبرى".