نجحت
الحكومة
المصرية في تقليص
الدعم التمويني لقرابة 64 مليون مستفيد إلى نحو النصف من
خلال تثبيت قيمة الدعم النقدي السلعي للفرد بالبطاقات التموينية منذ عام 2017، واستمرار
خفض قيمة
الجنيه أمام سلة العملات الأجنبية.
ويحصل
كل فرد بحد أقصى أربعة أفراد على 50 جنيها (2.5 دولار) شهريا، وأدى رفع الحكومة المصرية
سعر السلع المتاحة للشراء بقيمة الدعم النقدي للفرد بشكل دوري بسبب ارتفاع الأسعار،
إلى تقليص الكميات التي يحصل عليها أصحاب البطاقات.
وبات
المواطن المصري يحصل على نصف الكمية التي كان يتحصل عليها قبل خمس سنوات تقريبا من
السلع الأساسية مثل الزيت والسكر والأرز والمكرونة، مع استمرار وزارة التموين والتجارة
الداخلية بتحديث قائمة أسعار السلع التموينية بما يتماشى مع الأسعار العالمية.
والأسبوع
الماضي، وافقت وزارة التموين على رفع أسعار المكرونة داخل منظومة الدعم التمويني لشهر
أيار/ مايو المقبل بمقدار 30% مقارنة بسعرها في نيسان/ أبريل الجاري، ليصبح السعر الجديد
بخمسة جنيهات وربع الجنيه للعبوة ذات حجم 400 غرام بدلًا من أربعة جنيهات، وعشرة جنيهات
ونصف الجنيه لعبوة الـ 800 غرام، بدلا من ثمانية جنيهات.
زيادة
أسعار السلع التموينية
وبحسب
مواقع محلية، فإن الزيادة الأخيرة في سعر المكرونة التموينية ستكون بنسبة 54% مقارنة
بشهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وكانت الزيادة إما بشكل مباشر عن طريق زيادة أسعارها،
أو خفض حجم العبوات لتصبح 400 غرام بدلًا من 500 غرام، و800 غرام بدلًا من الكيلو.
في
31 كانون الأول/ ديسمبر 2021 أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية، عن رفع أسعار
6 سلع تموينية بداية من شهر كانون الثاني/ يناير من العام ذاته، بينها السكر والعدس
والمكرونة والمسلة الصناعي، وسبقه قرار آخر في تشرين الأول/ أكتوبر برفع سعر عبوة الزيت
في السلع التموينية 4 جنيهات بنسبة نحو 20% لتتجاوز 47% خلال خمسة أشهر فقط.
تآكل
الدعم وزيادة الفقر
فند
الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي زيادة أسعار السلع التموينية داخل منظومة الدعم
مقابل ثبات قيمة الدعم النقدي، وقال: "سياسة الحكومة في منظومة الدعم تؤكد رغبتها
في التخلص من الدعم الذي يتآكل عاما تلو الآخر منذ آخر زيادة لقيمة الدعم النقدي في
عام 2017، ما يحرم الفقراء والطبقات المتوسطة من حصصهم التموينية كاملة".
وبشأن
تداعيات تلاشي قيمة الدعم النقدي، في حديثه لـ"عربي21"، أضاف أن "الحكومة
تفضل المساس بالفقراء واحتياجاتهم في مواجهة ارتفاع أسعار السلع عالميا بدلا من توفير
حماية قوية ودعم حقيقي في ظل تقلبات الأسعار والغلاء الذي طال جميع السلع، ولكنها
بهذه الطريقة تزيد دائرة الفقراء وتكشف عنهم مظلة الدعم التي لا توفر الحد الأدنى للعيش".
يعود
نظام توزيع السلع التموينية في مصر إلى منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، واستقر
على شكل الدعم العيني السلعي، بالحصول على كمية محددة من السلع الغذائية مقابل دفع
مبلغ مالي صغير، وتركزت تلك السلع في كمية من زيت الطعام والسكر والأرز إلى جانب سلع
أخرى بصرف النظر عن التغيرات السعرية لها داخليا وخارجيا.
وتحول
الدعم العيني إلى دعم نقدي في تموز/ يوليو 2014، لكنه كان يمزج ما بين الدعم النقدي
والسلعي في الوقت نفسه، بتحديد مبلغ 15 جنيها للفرد المقيد بالبطاقات التموينية، ومع
إخفاق الدولة في السيطرة على ارتفاع الأسعار خلال السنوات التالية فقد رفعت قيمة الدعم
النقدي إلى 18، ثم إلى 21 جنيها، وبعد تحرير سعر الصرف وارتفاع الأسعار زادت قيمة
النقدي إلى 50 جنيها حتى أربعة أفراد للأسرة، و25 جنيها فقط للأفراد المقيدين بالبطاقات
لأكثر من أربعة أشخاص.
هل تلغي
الحكومة المصرية منظومة الدعم
يرى
مستشار وزير التموين الأسبق إسماعيل تركي أن النظام المصري خلال السنوات القليلة الماضية
"استطاع أن يحد من دور منظومة التموين في حماية الطبقات الفقيرة والمتوسطة تمهيدا
لإلغاء المنظومة بأسرها، ويجاهد بشتى الطرق من أجل ذلك".
وأضاف
لـ"عربي21": "رغم أني من أنصار التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي
لأسباب كثيرة منها كفاءة وجودة المنتج الذي يشتريه المستهلك، وغلق باب التلاعب والتهريب
إلا أن الحكومة تتحول من الدعم العيني إلى النقدي لتقليل قيمته ثم إلغائه نهائيا".
الدولة
لم يكن لها أي تصور لتحسن الاقتصاد المصري وزيادة قيمة الجنيه، بحسب تركي، عندما قررت
التحول إلى النظام النقدي وإلا ما تحولت إليه؛ لأنه كان من المفترض أن يزيد مقدار الدعم
النقدي لكل مواطن طبقا لمقدار التضخم في السلع للحصول على نفس الكميات، ولكن ما حدث
هو العكس.
ولفت
تركي إلى تحايل الحكومة المصرية على مواطنيها لتقليل كمية الدعم "فمثلا كان حجم
كمية الزيت المتاحة لكل مواطن هو كيلو ونصف شهريا أي لتر وثمانمائة مليمتر تقريبا،
ولكن تم خفضها إلى لتر واحد ثم إلى ثمانمئة مليمتر، وقس على ذلك غالبية السلع التموينية
الأخرى".