في تحول دراماتيكي في العلاقات بين
مصر وقطر
بعد سنوات من القطيعة، ومشاركة القاهرة إلى جانب كل من السعودية والإمارات
والبحرين في حصار الدوحة لمدة عامين؛ أشاد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي
"بالدور الهام الذي تقوم به دولة
قطر في مواجهة التحديات التي تواجه الأمة
العربية".
جاء ذلك خلال استقباله وزير خارجية قطر محمد بن
عبد الرحمن آل ثاني في القاهرة، الثلاثاء، في ثاني زيارة لمسؤولين قطريين منذ بدء
عودة العلاقات عقب قمة العلا شمال غربي السعودية في كانون الثاني/ يناير 2021
إيذانا بفشل الحصار وطي صفحة الخلافات بين البلدين.
وتأتي
الاستثمارات القطرية في مصر على رأس
اهتمامات النظام المصري الذي يعاني من نقص الإيرادات الدولارية، وتفاقم الديون،
ومشاكل اقتصادية جمة، رغم مرور 5 سنوات على ما يسمى بالإصلاح الاقتصادي، حيث اتفق
الجانبان على مجموعة من الاستثمارات والشراكات في السوق المصرية، بإجمالي 5
مليارات دولار خلال الفترة القادمة.
جاء ذلك خلال اجتماع عقد - الثلاثاء- بالقاهرة
بين رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية
القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ووزير المالية القطري علي بن أحمد
الكواري، إلى جانب تشكيل لجنة عليا مشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين، بهدف
التشاور المستمر وتعزيز التعاون والتنسيق في المجالات كافة.
وفي لقاء آخر، اجتمع وزير المالية القطري مع
نظيره المصري محمد معيط، واستعرضا العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات
المالية وأوجه التعاون المشترك، وأهم التطورات الاقتصادية والاستثمارية، كما اجتمع
وزير المالية القطري مع محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر.
استثمارات لا استحواذات
ويقول خبراء اقتصاد إن الاستثمارات القطرية في
العديد من القطاعات هي مفتاح عودة العلاقات مع القاهرة التي تعاني من أوضاع
اقتصادية صعبة، وتحتاج إلى ضخ مليارات الدولارات كاستثمارات حقيقية في مشروعات ذات
عائد اقتصادي، وتجاوز مسألة الدعم النقدي، ومسألة الاستحواذ على الشركات الموجودة
بالفعل كما تفعل الإمارات.
وقال الباحث في الاقتصاد السياسي مصطفى يوسف إن
"الاستثمارات القطرية لها تاريخ إيجابي في مصر، فهي لا تستحوذ على شركات
موجودة وتحقق أرباحا ولكنها تضع استثمارات مباشرة في الاقتصاد المصري من شأنها أن تحقق تنمية اقتصادية حقيقية، وتخلق الكثير من فرص العمل، وباستطاعة الاستثمارات
القطرية أن تنحو منحى مختلفا عن أي استثمارات لا تحقق قيمة إضافية".
ورأى في تصريحات لـ"عربي21" أن
"الاستثمارات القطرية يمكنها أن تساعد في تخفيف حدة الاحتقان السياسي في مصر،
وإن لم يكن بشكل كبير وهو هدف لا نجده في العديد من الدول الداعمة للنظام، ويتيح
للقاهرة اتخاذ مواقف متوزانة بقدر الإمكان في ظل وجود دعم اقتصادي يهدف في المقام
الأول إلى تحقيق تنمية اقتصادية تخدم البلاد".
وأوضح يوسف أن "مصر تضع نصب أعينها الاستثمارات القطرية خاصة في ظل الخلل الهيكلي في الاقتصاد بسبب العجز الكبير في
الميزان التجاري الناتج عن زيادة الواردات مقابل الصادرات؛ وبالتالي من شأن
المشروعات والشركات القطرية في مصر أن تعيد بعض التوازن أو تساعد في تقليل هذا
العجز والذي يجب أن تنتبه له الدولة وأن تعمل جاهدة على معالجته"، مشيرا إلى
"أنه يجب التمييز بين الاستثمارات التي تقوم على شراكات لتحقيق تكامل اقتصادي
وبين الاستثمارات التي تقوم على استحواذات والتحكم في مفاصل الاقتصاد".
إدارة خاطئة وأزمة متجددة
ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر سابقا،
الدكتور أحمد ذكر الله، أن "هناك إطارا عاما يجمع هذه الأموال التي تضخ لمصر
في الفترة الحالية وهو العوز الشديد والأزمة الكبيرة التي يمر بها الاقتصاد المصري
وهو ما يكشف زيف ادعاءات النظام المصري بأنه في طريقه الصحيح نحو تحقيق تنمية
مستدامة، وعليه أن يكف عن إصدار بيانات غير حقيقية، هي مجرد أرقام على ورق".
وأضاف لـ"عربي21": "نحن أمام
واقع حقيقي أن الأموال التي اقترضت من الخارج أهدرت بالكامل وبالتالي الاقتصاد
المصري في حاجة إلى ما يمكن أن نسميه حزما من الإنعاش من مصادر مختلفة، بادرت
الإمارات بالحزمة الأولى وكلنا نعلم أنها أموال مسيسة تتخير من القطاعات ما تشاء
بينما الأموال القطرية الجديدة سيكون جزء منها في نطاق الاستثمار في مجالات
البترول والطاقة وهذه قطاعات مهمة للاستثمار في الاقتصاد المصري ولكنها لا تخلق
فرص عمل حقيقية".
ويرى الخبير الاقتصادي أن الإدارة المصرية طوال
السنوات الماضية فشلت في استغلال كل الأموال التي تم ضخها في إصلاح هيكل الاقتصاد،
وأخفقت في أن تتفق على استثمارات حقيقية لتحسين الأوضاع الإنتاجية للاقتصاد
المصري وتشغيل العمالة وتحسين الرفاهية المجتمعية وبالتالي نحن ندور في حلقة مفرغة
وأي مساعدات أو ودائع ما هي إلا مسكنات وسوف نحتاج إلى غيرها في غضون عامين على
الأكثر.