العلاقة بين الدولة المصرية في ظل حكم العسكر، والكنيسة المصرية، علاقة محيرة لبعض الناس، ففي الظاهر تعلن الكنيسة والأقباط الاضطهاد، بينما في الواقع نجد مجاملة، وتدليلا للأقلية بشكل يخالف أعراف وقوانين الدولة، بل والدول جميعا، والنماذج في ذلك ليست قليلة، بل متعددة، ومختلفة، حيث تدل على حلف في الباطن، وادعاء الاضطهاد والمظلومية في الظاهر.
وليس أدل من ذلك من عدد الأقباط المصريين الذين يحملون الجنسية الأمريكية، وقد كان سبب اكتسابهم لها من باب اللجوء بسبب الاضطهاد الديني، بينما كنا نرى في ثورة يناير كيف كان موقف المؤسسة الدينية المسيحية مؤيدا لمبارك، الذي كلما قام مؤتمر لأقباط المهجر، أو للأقباط بوجه عام، يكون الحديث عن الاضطهاد والمظلومية.
ثم جاء حكم السيسي، ورأينا تحالفا معلنا، بداية من تظاهرات 30 يونيو 2013م، ومن قبل دعم مرشح المجلس العسكري الفريق أحمد شفيق، وموقف الكنيسة من أحداث ماسبيرو، ثم مؤخرا ظهور جاسوس مصري في أمريكا يتجسس على المعارضة المصرية لصالح أجهزة الحكم في مصر، وسبب وجوده في أمريكا اللجوء بسبب الاضطهاد.
هذه المقدمة كان لا بد منها، لما نود الحديث عنه، وهي قضية فتيات مسيحيات يسلمن، ثم يختفين، دون علم بأماكنهن، وهو دور على السلطة المصرية القيام به، لأنه واجبها وواجب الأجهزة الأمنية فيها، وكان آخر هذه الحالات: فتاة تدعى أميرة، وقد أسلمت، وحصلت على شهادة إشهار إسلامها من الأزهر، ثم نشر على المواقع شهادة زواج لها بشاب مسلم، لكنها متغيبة منذ عدة أيام.
وملف اختفاء المسلمون الجدد وبالأخص النساء ممن يعتنقن المسيحية ليس جديدا، سواء بالاختفاء، أو بالإخفاء المتعمد، فلا يزال الجميع يتذكر حادثة كاميليا شحاتة، ومن قبلها وفاء قسطنطين، والتي كانت قضيتها شهادة دامغة على غياب القانون، وغياب الدولة.
العلاقة بين الدولة المصرية في ظل حكم العسكر، والكنيسة المصرية، علاقة محيرة لبعض الناس، ففي الظاهر تعلن الكنيسة والأقباط الاضطهاد، بينما في الواقع نجد مجاملة، وتدليلا للأقلية بشكل يخالف أعراف وقوانين الدولة، بل والدول جميعا،
وفاء قسطنطين سيدة مصرية مسيحية، زوجة لرجل دين مسيحي، وقد أسلمت، فإذ بالمظاهرات للشباب المسيحي تخرج عند الكاتدرائية، ثم يتم الاعتداء من الشباب على جنود الشرطة، دون أن تتعامل معه بأي رد فعل، فلو كان هذا التصرف من شباب مسلم أمام مسجد، لرأينا الهراوات والقنابل المسيلة للدموع، وغيرها من الأفعال التي نراها تمارس، ولم يقل أحد عن فعل الشباب بأنه إرهاب أو تطرف مسيحي، كما يحدث مع أي حادث عابر يحدث من مسلم.
كان وقتها مبارك في زيارة للمغرب، ليفاجأ باتصال من حبيب العادلي وزير الداخلية، بأن شنودة يطالب بتسليم السيدة وفاء قسطنطين للكنيسة، وأنه مصر على هذا الطلب، فقال له مبارك: سلمها، فقال العادلي: القيادة الأمنية التي بحوزته السيدة يرفض، لأنه مخالف للقانون ولضميره، فقال له مبارك بكلام مصحوب بسباب لهذه القيادة الأمنية: سلمها ولا نريد مشاكل مع شنودة، وتم تسليمها بالفعل.
وعندما أتت الأوامر لهذه القيادة الأمنية بالتسليم، فوجئ بالسيدة وفاء تنزل على الأرض لتقبل قدمه بألا يسلمها، فهي مسلمة، وبأي وجه حق تسلم للكنيسة، وأن تسليمها للكنيسة معناها فتنتها في دينها، أو حياتها، ولم يجد بُدًّا من تسليمها، ثم تم نقله في عمل خارج مصر، لأن الرجل متألم نفسيا من الفعل وكان يحكي وقتها مدى العذاب النفسي الذي يعيشه، وأنه لم يستطع حماية امرأة لاذت بالقانون والدولة لحمايتها.
هذه الحادثة تؤرخ في تاريخ مصر، بأنها أول حالة يسلم فيها مواطن من الجهة العامة وهي الدولة، لجهة خاصة وهي الكنيسة والدير، والأصل أن الإنسان يسلم من جهة خاصة للجهة العامة وليس العكس، ولم نسمع وقتها، أي تعليق من دعاة الدولة المدنية والتحذير من الإسلاميين إذا أمسكوا بالسلطة أنهم سيكونون خطرا على حرية العبادة للأقباط وغير المسلمين.
بينما نرى الآن تكرار نفس الأفعال وغيرها، بعد تقارب المؤسسة الدينية المسيحية في مصر مع السلطة بشكل بين وواضح، بلغ أن أعلن أحد قيادات الكنيسة: أنهم يبنون كنائس بدون أوراق، بل بالهاتف فقط، ليدلل بذلك على متانة العلاقة وأنهم سمن على عسل، لسنا ضد الوفاق بين المؤسسة الدينية والسلطة، بما لا يخالف القانون، ولا يكون على حساب حريات المواطنين الدينية.
العجيب أنك ترى في هذه الأيام نقاشا على كلوب هوس، وعلى مواقع تواصل أخرى، يدور حول: ماذا لو عاد الإخوان للحكم، ماذا سيفعلون مع المرأة والأقباط؟! ونرى أكاذيب تدور حول فترة حكم الدكتور محمد مرسي رحمه الله، وحول الإسلاميين، بينما تحدث حالات تسليم كما رأينا في وفاء قسطنطين وغيرها، ولا يجرؤ أحد على السؤال، سواء من منظمات حقوق إنسان أو غيرها من الأفراد، وسواء بعد ثورة يناير، أو بعد الانقلاب العسكري عليها، لم نجد صوتا مدنيا ولا حقوقيا واحدا نادى بالبحث عن مواطنة متغيبة بالمخالفة للقانون منذ سنوات، ولا يعلم حالها إلا الله سبحانه وتعالى.
نرى الآن تكرار نفس الأفعال وغيرها، بعد تقارب المؤسسة الدينية المسيحية في مصر مع السلطة بشكل بين وواضح، بلغ أن أعلن أحد قيادات الكنيسة: أنهم يبنون كنائس بدون أوراق، بل بالهاتف فقط، ليدلل بذلك على متانة العلاقة وأنهم سمن على عسل، لسنا ضد الوفاق بين المؤسسة الدينية والسلطة، بما لا يخالف القانون، ولا يكون على حساب حريات المواطنين الدينية.
وحالة الفتاة أميرة مؤخرا، لن تكون آخر الحالات، فالناس تسأل عن مصيرها، ولا جواب، سواء من الشرطة، أو الدولة، أو من الكنيسة نفسها، وهو ملف يضع كل من يرفع صوته بالحقوق والحريات، سواء أفراد أم منظمات، في اختبار كبير، إذ إنه يكشف أنه يتحدث عن حريات في اتجاه واحد، ويخشى أن يتكلم عن تجاوز رؤوس الكنيسة المصرية للقانون، تجاه حرية الاعتقاد، بينما لا يجد هؤلاء مجالا للحديث إلا عن كتب التراث، وما فيها من أفكار لا تعجبهم، ويرونها ضد الحريات الدينية، أي أنهم يهربون من الحاضر بالماضي.
إذا كانت هذه المنظمات والمؤسسات والأشخاص يتكلمون عن حرية الاعتقاد، فهو في اتجاهين، وليس في اتجاه واحد، لماذا الحديث عن حرية الاعتقاد عندما يخرج المسلم من دينه لدين آخر، بينما لا يتم الحديث عن حرية من يذهب للإسلام من دينه، إما للخوف من أن يتهم من أصوات قبطية بأنه يمارس اضطهادا ضدهم، أو لأنه يكيل بميكالين.
وإلا فما معنى مثل هذه الحالات التي كل فترة تطالعنا بها مواقع التواصل، من ممارسات ضد من يتحول من المسيحية للإسلام في مصر، وقد ذكرنا وقائع بحقائق، كانت أكثرهم فجاجة بلا شك واقعة السيدة وفاء قسطنطين، وقد أصبحت دليلا دامغا ليصدق الناس أي تكرار لها من الكنيسة، سواء حدث بالفعل، أم مجرد تكهنات للناس، لأن ممارسات الكنيسة مع المسلمين الجدد يجعلها في موضع هذا الاتهام.
Essamt74@hotmail.com
السيسي والسودان بين بيانات التمني والقلق
الغزالي لم يكن رقيبا على سيد قطب والظلال
صحيفة تركية: أسماء الأسد طلبت الطلاق من زوجها.. ترغب بالذهاب إلى لندن