علمت "عربي21" من مصادر في العاصمة الأردنية عمان، أن وفدا هندسيا مصريا قدم عرضا لمسؤولين أردنيين في الديوان الملكي قبل أسابيع قليلة حول تجربة مصر في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وآلية تمويل وتصميم العاصمة.
وبحسب المصدر فإن "ذلك لاقى استحسان مسؤولين في الديوان الملكي، ليعود الحديث من خلال الحكومة عن إعادة إحياء فكرة إنشاء عاصمة جديدة من المرجح أن تكون جنوبي عمان".
بداية الفكرة طرحت عام 2017 من قبل حكومة هاني الملقي رئيس الوزراء الأسبق، إلا أن حكومة خلفه عمر الرزاز أعلنت أنه لا نية لمثل هذا التوجه، لتعد بتحسين مستوى الخدمات في قطاع النقل والخدمات والحد من الازدحام المروري الناتج عن الكثافة السكانية المتزايدة في العاصمة عمان.
ليعود رئيس الوزراء بشر الخصاونة ويعلن في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي عن نية الحكومة إنشاء عاصمة إدارية جديدة.
إعلان الخصاونة جاء أيضا عقب زيارة للعاصمة الإدارية في مصر في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، أكد خلالها على "حرص الحكومة على الاستفادة من التجارب والمشروعات الكبرى في مصر، ودراسة تعزيز التنسيق والتعاون بين الجهات الحكومية الأردنية والمصرية في الاطلاع عليها والاستفادة منها".
وقال الخصاونة في مقابلة صحفية الثلاثاء "المدينة الجديدة ليست سرقة أفكار، فهي عرضت فترة الرئيس الأسبق هاني الملقي وكان الخصاونة وزيرا حينها، لكنها لم تر النور،الحكومة اليوم تعيد دراستها وتحتاج إلى الكثير من الدراسات والبحث والعمل فيما يتعلق بالجدوى، فهو مشروع تدرسه الحكومة، ولا ضير بالقول إن الموضوع يبحث".
واقعية التطبيق بدوره يرى نائب رئيس الوزراء الأسبق، جواد العناني، في حديث لـ"عربي21" أن "الفكرة قابلة للتطبيق ولا تحتاج الى تمويل كبير، كون الفكرة تقوم على استملاك اراضِ وتسليما لمطورين يتقاضون مقابل ذلك أراض من الحكومة".
ويدعو العناني إلى أن "تكون العاصمة الإدارية الجديدة في جنوب الأردن بسبب كثرة الأراضي غير المأهولة، كون العدد الأكبر من سكان الأردن يتواجد على أرض محدودة في إربد والزرقاء وعمان الأكبر كثافة سكانية، إضافة الى تواجد الموارد في الجنوب مع سهولة نقل المياه إلى تلك المناطق عوضا عن جرها مئات الكيلومترات".
يقول الوزير الأسبق إن "النظرة اليوم إلى المستقبل بعد 100 عام حيث سيكون التواصل في مجمله عن بعد عبر الانترنت، حيث كثير من عواصم العالم لما غيرت في أماكن عواصمها مثل ما حدث في مصر والبرازيل بسبب الكثافة السكانية".
وطالب رئيس هيئة المكاتب الهندسية المهندس عبدالله عاصم غوشة ، الثلاثاء رئيس الحكومة بشر الخصاونة لاتباع أعلى درجات الشفافية في ملف المدينة الإدارية الجديدة.
أوضح غوشة عبر منشور له على فيسبوك ، أن تصريح رئيس الحكومة حول إعادة التفكير بالمدينة الجديدة وليس العاصمة الجديدة يدعو للتفاؤل، وتساءل غوشة حول مصادر التمويل وكلف الإنشاء ومراحل الإنشاء والبرنامج الزمني ومصادر الطاقة والمياه للمدينة الجديدة.
وقال غوشة إنه لا بد من وجود شفافية بالتعامل مع الموضوع من الجانب الإعلامي وإعطاء تفاصيل أولية، وبعكس ذلك فإن الرفض سيكون كبيرا كما حدث عام 2017.
وأكد غوشة على ضرورة الاستفادة من التجربة المصرية والتجربة التركية بموضوع إنشاء صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري.
اقرأ أيضا: هل يقلع الخصاونة بطائرة الإصلاحات الاقتصادية في الأردن؟
التجربة المصرية
مستشار التصميم الحضري، د. مراد الكلالدة، لديه أسباب لمعارضة فكرة المدينة الإدارية الجديدة، - كما يقول لـ"عربي21"، "صفة الاستعمال لهذه المدينة إدارية بمعنى الادارة في الدولة الأردنية تتشكل من مجلس الوزراء والدوائر المختلفة، الأصل أن تقوم بنقل الوزارات والجهات الحكومية المختلفة الى هذه المدينة مجرد هذه الفكرة لوحدها تثير العديد من التساؤلات".
يتابع "المشروع يخالف توجهات جلالة الملك لتعزيز اللامركزية ونحن أبواب إجراء انتخابات مراكز المحافظات التي تعزز المحافظات كبؤر تنموية فكيف تطرح الحكومة إنشاء كتلة جديدة تستقطب السكان على حساب الأطراف، لدينا 50% من الكتلة السكانية في عمان والزرقاء والرصيفة والبلقاء، فهل من المعقول إبعاد السكان عن المراكز الاقتصادية المرتبطة بالمكان مثل الزراعة في الأغوار ومصانع التعدين بالاضافة الى الأماكن السياحية فكيف سنفرغ السكان من هذه الأماكن لجذبهم لنشاط الخدمات".
يضيف "طبوغرافيا لا يصلح المنطقة المقترحة سابقا في شرق عمان وهي الماضونة منطقة صحراوية لا يوجد بها تنوع بصري كما هو الحال في عمان ناهيك عن الغبار والأتربة وارتفاع الحرارة في الصيف، وقرب الموقع المختار من المفاعل النووي الاردني اقل من خمسين كيلو من المنطقة".
حول الحاجة للمشروع "الأردن بحاجة إلى مشروع نهضة لحمل الاقتصاد أحد المبررات لهذا المشروع تحريك الاقتصاد نحن لا نمانع من ذلك ولكن هذا الخيار غير مناسب، هنالك استثمارات بالمليارات في منطقة البحر الميت مهددة بسبب الانخفاض الذي يحدث".
يقول "الموضوع يختلف عن الحالة المصرية، مساحة مصر 1 مليون كيلومتر مربع، مصر 43 مدينة التي يتم الحديث عنها موزعة بحيث تعزز النشاط المرتبط بالمكان مثل دلتا النيل والمناطق السياحية، لن يتم نقل السكان، فهمنا للتجربة المصرية فهم خاطئ".
ولجأت مصر إلى إيجاد قيمة اقتصادية للأرض المقام عليها تلك المشروعات، وتحويلها إلى مصدر للتمويل بحيث تستخدم هذه القيمة الاقتصادية الناتجة عن بيع الأراضي للمستثمرين في تمويل عمليات الإنشاء وسداد مستحقات المقاولين والعمال بها.
إلا أن الخبير الاقتصادي، مازن مرجي، يدعو الى تطوير مدينة عمان عوضا عن البحث عن مدينة إدارية جديدة كون عمان "لم تستهلك"، يقول لـ"عربي21"، "المشروع يحتاج إلى مليارات الدنانير هناك كلف على الحكومة من مد البنى التحتية والخدمات، ناهيك أن الأمر بحاجة الى ارادة سياسية على مستوى كبير".
يضيف "لا يوجد لدينا مطورين في الأردن يشتغلوا بحجم عاصمة إدارية جديدة، لماذا لا يتم تطوير مدينة عمان هي لم تستهلك مثل القاهر حتى يتم الاستغناء عنها، ما لدينا في عمان هو سوء تخطيط، يجب حلها، نحن لسنا بحاجة هذا الأمر، يجب أن يكون هنالك تخطيط نقي بعيد المدى للعاصمة الجديدة بعيدا عن مصالح حكومية أو مصالح خاصة لتكون قادرة على إنجاز الهدف من وجودها للأجيال القادمة".
ويبلغ عدد سكان الأردن حوالي 10,820,644 نسمة بحسب إحصائيات منتصف عام 2020، مع التزايد الكبير في أعداد السكان الذي يعود إلى توافد أعدادٍ من المهاجرين إلى الأردن، الأمر الذي يجعل الأردن في المرتبة 84 مقارنةً مع دول العالم في عدد السكان. وحسب دائرة الإحصاءات العامة ، فإن 74.8% من سكان الأردن يعيشون في 3 محافظات وهي محافظات العاصمة (42% من السكان) ومحافظة إربد (18.5% من السكان) ومحافظة الزرقاء (14.3% من السكان) من أصل 13 محافظة.
هل يقلع الخصاونة بطائرة الإصلاحات الاقتصادية في الأردن؟
التعديلات الدستورية في الأردن.. هل تمهد لحكومة برلمانية؟
هل كان للدول الممولة دور في التعديلات الدستورية بالأردن؟