- هبوط الليرة مقابل الدولار سبب متاعب للصناعات التصديرية
- قطاعا الصادرات والسياحة حصانان أساسيان للاقتصاد التركي
- نحتفظ بعلاقات جيدة مع الجيران والتجارة تكون أولا ثم تأتي السياسة
- نستهدف جذب استثمارات أجنبية في الاقتصاد الأخضر بنحو مليار دولار
- الحد الأدنى للأجور قد يرتفع إلى 4000 ليرة والقرار الأخير للرئيس أردوغان
اعترف وزير تركي سابق بوجود متاعب تواجه قطاعات اقتصادية عديدة في بلاده على خلفية الهبوط التاريخي لليرة التركية واقتراب سعر صرفها مقابل الدولار من حاجز 14 ليرة للدولار الواحد.
وقال وزير التجارة الخارجية التركي السابق، كورشاد توزمن، في تصريحات لـ"عربي21" على هامش فعاليات قمة إسطنبول الاقتصادية الخامسة: "بالتأكيد الصناعات المصدرة سعيدة ومستفيدة من انخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار، ولكن يجب ألا ننسى أن العديد من الصناعات التصديرية تعتمد بنسبة كبيرة على الواردات من الخارج، وهو ما يسبب لها المتاعب".
وأوضح أن نسبة الواردات تشكل 70 بالمئة في بعض الصناعات التصديرية، وهي نسبة عالية بالفعل لا تقتصر فقط على المواد الخام بل تتضمن أيضا الماكينات والطاقة اللازمة لتشغيلها، لافتا في الوقت ذاته إلى أن حجم استيراد تركيا من الطاقة يقدر بنحو 70 مليار دولار.
وتابع: "وبالتالي فهناك اعتمادية كبيرة على المواد المستوردة بالنسبة للصادرات، ولذا فحين تزيد الواردات تبدأ الصناعات التصديرية بالمعاناة".
اقرأ أيضا: الليرة التركية تقترب من حاجز الـ14 أمام الدولار الأمريكي
رئيس قسم الاقتصاد بصحيفة "عربي21" يحاور وزير التجارة الخارجية التركي السابق
"فرسا الرهان"
ودعا الوزير التركي السابق، إلى ضرورة الوصول لنسبة توازن بين الصادرات والواردات، مستطردا: "أظن أننا سنصل إلى هذا الهدف خلال عامين".
وأشار إلى أن دفع عجلة التصدير ستسهل التعامل مع العديد من الأزمات الأخرى، مؤكدا أن قطاعي الصادرات والسياحة هما حصانان أساسيان للاقتصاد التركي.
وأضاف: "زيادة حجم العوائد القادمة من هذين القطاعين سيوفر ما يكفي من العملات الأجنبية للاقتصاد التركي، لأن خيارات البنك المركزي محدودة في التعامل مع المعروض النقدي خاصة في ظل سعر الفائدة الحالية ومعدل السيولة في البنوك".
وعلى صعيد السياسة المالية، دعا توزمن، إلى أهمية خفض نسب الضرائب المرتفعة بالفعل -بحسب تعبيره-، قائلا: "يجب أن تقلل الضرائب لتجني المزيد من الضرائب، وفي النهاية فسوف تؤدي نفس الغرض".
وحول ما يتردد بشأن وجود عوامل سياسية خارجية ساهمت بشكل أو بآخر في تعميق أزمة الليرة التركية، قال كوزمن إنه يفضل الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الجيران والدول المحيطة.
وأردف: "هذه كانت طريقتي عندما كنت وزيرا للتجارة الخارجية، وأظنها تعمل بشكل جيد، والدليل على ذلك قفزة الصادرات التركية بشكل فاق التوقعات من 30 مليار دولار في العام 2002 إلى 136 مليار دولار عندما تركت منصبي في العام 2009".
وخلال السنوات الماضية، نجحت تركيا في تحقيق اختراق بقطاع التصدير بالإضافة إلى السياحة التي ارتفع دخلها من 11 مليار دولار إلى 44 مليار دولار، كما زاد معدل الدخل الوطني من 2500 دولار سنويا إلى ما بين 10- 12 ألف دولار، فضلا عن أن تركيا تحتل حاليا المرتبة الـ16 اقتصاديا، وتتجه لتكون في المرتبة الـ15، بالإضافة إلى تطور الصناعات الدفاعية التركية.
اقرأ أيضا: كم بلغ حجم الاستثمار الأجنبي بتركيا خلال 18 عاما؟ (إنفوغراف)
التجارة قبل السياسة
وأكد الوزير التركي السابق، أن التجارة تكون أولا ثم تأتي السياسة، لافتا إلى أن تركيا تحتفظ بعلاقات تجارية جيدة مع دول الخليج ومصر.
وعن وجود توترات سياسية مع بعض الدول، قال توزمن: "نحن نصدر البضائع والخدمات للشعوب وليس للأنظمة الحاكمة، وأنا شخصيا لا أهتم بطبيعة الأنظمة الحاكمة للدول الأخرى ولا بسياستهم، ولا يعنيني مستوى الديموقراطية في الدول الأخرى".
وعادة ما يلوح مسؤولون أتراك وخبراء اقتصاد إلى وجود جهات خارجية وداخلية تتلاعب بالاقتصاد التركي، وأن دوائر التلاعب والمضاربات نابعة من مراكز بنوك دولية تتمركز في الولايات المتحدة ولندن.
وفي رده على سؤال بشأن وجود برامج حكومية لحماية الفقراء من غلاء الأسعار، قال توزمن: "هناك مفاوضات حاليا بشأن زيادة الحد الأدنى للأجور، وتم عقد ثلاثة اجتماعات مع المعنيين من النقابات المهنية والعمالية لبحث معدل الزيادة المرتقب".
وتوقع الوزير التركي أن يرتفع الحد الأدنى للأجور إلى نحو 4000 ليرة، وسيكون التوقيع الأخير للتصديق على الرقم النهائي للرئيس رجب طيب أردوغان، لافتا إلى أن أصحاب العمل يطالبون بزيادة تترواح بين 3100 و3900 ليرة لجميع القطاعات.
وفي 1 كانون الأول/ديسمبر الجاري، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مؤتمر صحفي بالبرلمان التركي، إن حكومته ستعلن عن رفع الحد الأدنى للأجور خلال الأيام المقبلة إلى مستوى أعلى بكثير من المعتاد.
وأوضح أردوغان، وفقا للأناضول، أن ثمة زيادة قادمة لرواتب الأطباء الاختصاصيين بقيمة 5 آلاف ليرة، والأطباء العاملين ألفين و500 ليرة (الدولار نحو 14 ليرة).
وتشهد تركيا حاليا موجة ارتفاعات أسعار في كافة السلع والمنتجات على خلفية هبوط سعر الليرة التركية مقابل الدولار وارتفاع تكلفة فاتورة استيراد الطاقة ما أدى إلى زيادة معدلات التضخم إلى نحو 21 بالمئة نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
اقرأ أيضا: هل ينجح أردوغان بحرب "استقلال الاقتصاد" عن النظام الغربي؟
استثمارات خضراء
كما توقع الوزير التركي السابق، الذي يرأس حاليا مجلس إدارة قمة إسطنبول، أن تستقطب تركيا استثمارات أجنبية في الاقتصاد الأخضر بنحو مليار دولار خلال العام المقبل، لافتا إلى أن القمة الاقتصادية الخامسة التي عقدت الجمعة شهدت توقيع عقود ومذكرات تفاهم لمشاريع واستثمارات تتعلق بالاقتصاد الأخضر.
وأكد أنه في السنوات المقبلة ستشهد تركيا عملية تحول من نظام الطاقة الكلاسيكية إلى الطاقة المستدامة، لكن هذا التحول سيحتاج إلى قدر وفير من العملات الأجنبية، لأنه بدون اقتصاد قوي لن نستطيع أن نحقق اقتصادا أخضر.
والجمعة، عقدت قمة إسطنبول الاقتصادية الخامسة تحت عنوان "الاقتصاد الأخضر وأهميته في التنمية المستدامة"، وناقشت أهمية الاقتصاد الأخضر في التنمية المستدامة، وعملية التغيير والتحول في العالم في مجال الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التوازنات الجديدة في سلسلة التوريد التي أعاقتها جائحة كورونا، وكذلك الزراعة الرقمية والأغذية الأساسية.
اقرأ أيضا: "قمة إسطنبول" تناقش فرص التحول للاقتصاد الأخضر (صور+فيديو)
يذكر أن البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل، الذي أعلن عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الشهر الماضي، الذي ينظر إليه على أنه خارطة طريق للاقتصاد التركي خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، تضمن خطوات نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وبحسب البرنامج، فإنه سيتم تنفيذ نهج جديد يدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر في مختلف المجالات الصناعية والتجارية، وكذلك مجالات النقل والبيئة.
ويستهدف البرنامج تطوير ونشر التقنيات اللازمة للإنتاج الأخضر من خلال دعم دراسات البحث والتطوير، وذلك لتسريع التحول الأخضر، إلى جانب تسريع إنشاء مناطق صناعية واقتصادية متجددة مستدامة صديقة للبيئة، وذلك من خلال استكمال نظام شهادة المنطقة الصناعية الخضراء مع المنطقة الزراعية المنظمة الخضراء.