كشف الناطق الرسمي
باسم حزب التحالف الوطني
السوداني وعضو تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"،
شهاب إبراهيم الطيب، عن أن القوى المدنية تسعى لتأسيس منصة شاملة لإيقاف الحرب
الدائرة في بلاده، لافتا إلى أنه ربما يتم الإعلان عن تلك المنصة بشكل رسمي خلال شهر
تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري أو كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وقال، في مقابلة
خاصة مع "عربي21": "نحن نقوم بجهود وتحركات حثيثة من أجل تأسيس هذه
المنصة الشاملة، وينبغي على المجتمع الدولي والإقليمي دعم هذه الجهود، وإلا فإننا قد
نواجه سيناريوهات تقسيم محتملة إذا لم تُمارَس ضغوط كافية على الأطراف المعنية".
وأكد عضو تنسيقية
القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، أن "المشهد السوداني اليوم يشهد
تحولات داخلية وخارجية كبيرة، والمواقف الإقليمية والدولية تشير إلى أن هذه الأزمة
تتجه من حرب تفاهمات إلى حرب تحالفات، في ظل تحولات إقليمية متسارعة".
ونوّه الطيب إلى
أن "استمرار الحرب لأكثر من 18 شهرا خلق تحوّلات هامة لا يمكن تجاهلها عند وضع
أي خطة للسلام، ولا يمكن لأي اتفاق سلام أن ينجح دون اتخاذ إجراءات وضغط حقيقي على
الجيش وقوات الدعم السريع".
كما أضاف الطيب:
"نحن كقوى مدنية نعمل لتحقيق مصالح الشعب بأدوات سلمية ومدنية، لكن في أجواء الحرب
يتراجع دور المدنيين لصالح خطاب الحرب"، لافتا إلى أن "التنسيقية تحاول إقناع
الجيش والدعم السريع بضرورة إيجاد حلول تفاوضية لإيقاف الحرب، من خلال نقاشات مستمرة
حول مخاوفهم وطموحاتهم لإعادة الحياة الطبيعية للسودانيين".
وأكد أن الحلول الدبلوماسية
"لن تنجح ما لم تستند إلى أولويات
الشعب السوداني وتمنح القوى المدنية دورا واضحا"،
مُحذّرا من أن "الاعتراف بشرعية الأطراف العسكرية سيُعقّد الأزمة، ويجعل أي اتفاق
مجرد وقف مؤقت للقتال دون تحقيق سلام دائم".
وتاليا
نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف ترون
واقع المشهد العام في السودان اليوم؟
الحرب في السودان
تشهد تحولات داخلية وخارجية عديدة وكبيرة ابتداءً من ظهور قيادات النظام الساقط وتصعيده
لخطاب يدعو إلى التقسيم واستعادة تحالفاته الراديكالية في الإقليم، وكذلك من الواضح
أن الحرب حسب المواقف الدولية والإقليمية تتجه من حرب تفاهمات إلى حرب تحالفات على
ضوء التحولات والقضايا الإقليمية المتفاقمة.
في الواقع، هناك
طرف أشعل الحرب ويسعى بكل السبل لاستمرارها، وهناك اختطاف لقرار الجيش السوداني من
قِبل النظام البائد، والصراع ليس صراعا حول الشرعية؛ لأننا نعتقد أن شرعية الجيش
و"الدعم السريع" قد سقطت تماما منذ الانقلاب الذي قاما به معا في 25
تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وليس هناك مَن يُمثل الدولة في الوقت الراهن، وإذا كان
هناك تمثيل حقيقي للدولة فهو يصب في صالح الحكومة المدنية التي جرى الانقلاب عليها
عام 2021.
البعض
يرى أن استمرار الحرب في السودان مرهون فقط بالطموحات السياسية للبرهان وحميدتي.. ما
تعقيبكم؟
من المؤكد أن طموحات
الجنرالات أحد الأسباب الثانوية، ولكن هذه الحرب هي امتداد لمحاولة القضاء على مشروع
التغيير، وهذا يُعبّر عن عدم رغبة النظام القديم في أي مشروع للإصلاح البنيوي للدولة
عطفا على ذلك رغبة المؤسسة العسكرية الدائمة في التأثير على الحياة المدنية والسياسية،
بالإضافة إلى رفض بعض دول الإقليم لمشروع التغيير في السودان نتيجة للمصالح الاقتصادية
باستغلال الموارد في بلادنا والسيطرة على الإرادة الوطنية للسودانيين، وهو ما قادنا
في نهاية المطاف إلى الحرب الحالية.
ما هي
طبيعة العلاقة الراهنة بينكم وبين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟
نحن كقوى مدنية نسعى
لتحقيق مصالحنا بأدواتنا السلمية. ومن المعروف أن الحروب تحد من دور المدنيين وتُسيطر
فيها لغة الحرب. نحاول إقناع الجيش وقوات الدعم السريع بضرورة إيجاد حلول تفاوضية توقف
الحرب وتعيد للسودانيين حياتهم الطبيعية وتمنح القوى المدنية دورها. نتواصل بشكل مستمر
مع قيادات الجيش والدعم السريع، ونتحاور معهم حول مخاوفهم وطموحاتهم.
وفي الوقت ذاته
نرى أنه لا بد من ممارسة ضغوط كبيرة على الجيش وقوات الدعم السريع، مع الأخذ بعين
الاعتبار أن استمرار الحرب لأكثر من 18 شهرا أدى إلى تحولات لا يمكن إغفالها عند صياغة
أي خطة للسلام.
ما رأيكم،
فيما يتردد عن حدوث انشقاق في صفوف قوات الدعم السريع وانضمام بعضهم للجيش السوداني؟
أي جهة تتابع تطورات
هذه الحرب ستتوقع تصدعات في صفوف القوى المتحاربة نتيجة تضارب المصالح أو انحيازات
مناطقية وإثنية، وهذا يضيق من الخيارات المدنية ويقود إلى انقسامات جغرافية وقبلية،
مما يُمهّد الطريق لحرب أهلية شاملة.
هل يمكن
أن تنجح المحاولات الدبلوماسية الجديدة في تحقيق تقدم نحو وقف الأعمال العدائية؟
لن تنجح أي جهود
دبلوماسية أو سياسية لأن أغلبها لا تستند إلى أولويات الشعب السوداني. إذا لم تتضمن
دورا واضحا للقوى المدنية ولم تمارس الضغوط اللازمة على أطراف الحرب، فإن أي اتفاق
قد يوقف الحرب مؤقتا، لكنه لن يحقق سلاما مستداما.
كيف ترون
تعدد المنابر والتدخلات الخارجية لحل الأزمة السودانية؟
تعدد المنابر قد
يعطي الأطراف المتحاربة فرصة للمراوغة وتخفيف الضغوط، لذلك يجب توحيد الجهود الإقليمية
والدولية في إطار موحد يدعم السلام وإيقاف الحرب وفقا لرغبات الشعب السوداني.
هل يحتاج
الأمر إلى ضغوط أقوى من القوى الدولية على الأطراف المتحاربة لوقف الحرب؟
نعم، السلام يتطلب
ضغوطا كبيرة على أطراف النزاع، إضافة إلى تفاهمات إقليمية ودولية. كما يجب عزل النظام
السابق عن التأثير على قرار قيادة الجيش، والضغط على قيادة الدعم السريع.
ويجب على
الطرفين (الجيش والدعم السريع) أن يتجاوزا فكرة شرعية تمثيل سلطة الدولة، والذهاب
نحو انتخابات حقيقية، لأنهما بلا أي شرعية من الأساس، ولا بد من جلوس الجيش مع
"الدعم السريع" من أجل الوصول إلى حلول تفاوضية تنهي الحرب اليوم قبل
الغد، لأن معاناة الشعب السوداني تتفاقم كثيرا مع استمرار تلك الحرب الوحشية.
لماذا
لا يقوم مجلس الأمن بتحديد الدول التي يتهمها بالتدخل في السودان وإدانتها؟ وكيف ترون
الاتهامات الموجهة للإمارات ومصر؟
يجب على المجتمع
الدولي والإقليمي تحمل مسؤولية عزل التأثيرات التي تدفع نحو استمرار الحرب أو عودة
"المؤتمر الوطني".
هل يبدو
هناك تناقض واضح بين توالي المؤتمرات الخاصة بسلام السودان واستمرار المعارك على الأرض؟
تعدد قنوات التدخل
لا يحقق السلام، بل يُعقّد الأمور نظرا لتضارب الأجندات. معظم هذه المؤتمرات لا تتناول
جذور الأزمة ولا تحدد الأطراف الحقيقية، مما يعرقل أي جهود جادة لتحقيق اتفاق سلام.
إلى أي
مدى نسي العالم مأساة السودانيين في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان؟
الأزمة السودانية
تتطلب اهتماما دوليا جادا، حيث إن السودان مُحاط بدول تعاني من أوضاع هشة، والحرب في
السودان ستؤثر على هذه الدول بشكل مباشر.
هل يمكن
أن تشكل أزمة اللاجئين السودانيين هاجسا إقليميا ودوليا إذا تفاقمت الأوضاع؟
الأزمة تشكل الآن
عبئا على المجتمع الدولي ودول الجوار، إلى جانب تدهور أوضاع النازحين داخليا وانتشار
الأمراض ونقص الغذاء والخدمات. يجب التدخل سريعا في المجال الإنساني بعيدا عن مسار
الحرب.
ما هو
تقييمكم للدور الأمريكي والسعودي في إنهاء الصراع في السودان؟
نحاول تعزيز الدور
السعودي الأمريكي، إلا أننا نرى أن هناك حاجة لنهج أعمق وأكثر توافقا مع دعوات استعادة
دور المدنيين بعد وقف الحرب، وهذا يتطلب التشاور المتزايد مع القوى المدنية.
متى تتوقعون
أن تنتهي الحرب في السودان؟ وكيف؟
يمكن إنهاء الحرب
بمحاولة القوى المدنية تأسيس منصة شاملة لإيقافها، وهو ما نسعى إليه بالفعل، ونحن
نقوم بجهود وتحركات حثيثة في هذا الصدد، وينبغي على المجتمع الدولي والإقليمي دعم هذه
الجهود، وإلا فإننا قد نواجه سيناريوهات تقسيم محتملة إذا لم تُمارَس ضغوط كافية على
الأطراف المعنية، ونحن نؤكد أن هذه الحرب -التي لن يخرج أحدا
منها منتصرا- ربما تفتح الباب للتدخلات الدولية والإقليمية ويصبح السودان منطقة
صراع نفوذ دولي وإقليمي حال تفاقم الأوضاع وتدهورها بشكل أوسع.
ما
تفاصيل التحركات الرامية لتأسيس منصة شاملة لإيقاف الحرب؟ ومتى سيتم الإعلان عن
تأسيسها؟
حسب الرؤية السياسية
المُجازة في المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم)، أُجيزت
الدعوة لعقد مؤتمر يُسمى "المائدة المستديرة"، يُفتح فيه حوار حول قضايا
البناء الوطني، بما يُعد تأسيسا ثانيا للدولة بعد الاستقلال في عام 1956. يهدف هذا
الحوار إلى توسيع النقاش ليشمل قوى مدنية وحركات كفاح مسلح ليست جزءا من "تقدم"،
وقد بدأت "تقدم" بالفعل في فتح حوار مع حزب البعث العربي الاشتراكي، والمؤتمر
الشعبي، والحزب الاتحادي الأصل، والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة جيش
تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، إضافة إلى شخصيات ومجموعات مدنية رافضة للحرب.
وبناءً على هذه الحوارات،
التي تؤسس لقيام "المائدة المستديرة"، تم تشكيل منصة للحوار بين القوى المدنية،
ومن المتوقع أن يتم التنسيق والحوار عبر هذه المنصة لتحضير الأطراف التي يمكن أن تشارك
في المائدة المستديرة، وكذلك لتحديد أجندة الحوار ومراحله، على أن تُعقد خلال شهر تشرين
الثاني/ نوفمبر الجاري أو كانون الأول/ ديسمبر المقبل.