نشرت دورية "فورين أفيرز" مقالا للكاتبة باتريشا أم كيم، قالت فيه إن السياسة الخارجية الأمريكية ظلت تقوم على بناء التحالفات وتقوية القائم منها، وهو ما ساعدها مع زيادة التنافس مع الصين.
وأضاف في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، أنه في العام الأول لإدارة جو بايدن، دعمت واشنطن التحالفات القائمة مع اليابان وجنوب كوريا، وأضافت طاقة لتعزيز الشراكات المتعددة، مثل الحوار الأمني الرباعي الذي يضم الهند واليابان وأستراليا، بالإضافة للتحالف الجديد "أوكوس" الذي يضم أستراليا وبريطانيا. وبالمقارنة فلم تبد الصين اهتماما بالتحالفات، لاعتقادها أن لها رأيا مختلفا في شؤون السياسة الدولية، أو لخوفها من التورط في سياسات الدول الأخرى.
وشددت أم كيم أن هناك إشارات في السنوات الأخيرة الماضية عن بدء تآكل مقاومة الصين للتحالفات؛ فقد رفعت من شركاتها، ووسعت من تبادلها العسكري والمناورات المشتركة مع دول مثل روسيا وإيران وباكستان. لكن هذه لا تقارن بالتحالفات الأمريكية، التي تشتمل على بنود دفاعية وترتيبات لنشر القوات في قواعد وقدرات عسكرية مشتركة. وقد تكون هذه قاعدة لتحالفات الصين لو توصل القادة الصينيون لاعتقاد أن التحالفات مهمة من ناحية قدرتها الردعية وقيمتها العملياتية، وتعطيها القدرة على التفوق في المنافسة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة وحلفائها.
ولفتت إلى أن تطورا كهذا سيكون نقطة تحول في مجال التنافس الأمريكي- الصيني، وستفتح المجال أمام عالم جديد ينذر بالخطر، مع انخفاض مستويات النزاع الإقليمي والقوى العظمى. ولدى الصين اليوم حليف رسمي واحد، وهي كوريا الشمالية، التي وقعت معها معاهدة دفاع مشترك. لكن لديها عدد من الشراكات مع الدول حول العالم، وعلى رأس الهرم باكستان وروسيا، اللتان تحمل العلاقات معهما ألقابا حصرية، مثل الشراكة الإستراتيجية الصينية- الروسية للتعاون في العصر الجديد، والشراكة الصينية – الباكستانية التعاونية في كل الأحوال".
وهناك عدة شراكات مع دول في جنوب شرق آسيا، مثل ميانمار وتايلاند وكمبوديا وفيتنام ونيوزلندا. واستثمرت بكين طاقة كبيرة في بناء آليات تعددية تقودها الصين، مثل منظمة شنغهاي للتعاون، ومنبر التعاون الصيني- الأفريقي، ومنبر التعاون الصيني والدول العربية.
وفي هذا الصدد، قالت أم كيم إن الصين تجنبت بناء شبكات تقليدية من الحلفاء لأسباب تتعلق بالميول الأيديولوجية أو الحسابات الإستراتيجية المتصلبة. ففي السنوات الأولى للجمهورية الشعبية الصينية، حاولت بكين تقديم نفسها على أنها قائدة للعالم الثالث، ومنافحة عن مبادئ حركة عدم الانحياز وعدم التدخل والكفاح ضد الإمبريالية.
اقرأ أيضا: FP: الجيش الأمريكي ليس مستعدا لمواجهة الصين
وفي السنوات الأخيرة، بدأ القادة الصينيون بالتأكيد على أنهم يمارسون "نوعا جديدا من العلاقات الدولية"، وتجنب سياسات القوة التقليدية، وتفضيل نهج "رابح-رابح" في التعاون. وقصد من هذا السرد طمأنة المجتمع الدولي من أن صعود الصين لا يخيف أحدا، بل ويجب التعامل معه على أنه دفعة للازدهار والتنمية في العالم. وكذا التمييز بين بكين واشنطن التي يتهمها قادة الصين بالتمسك بعقلية الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن.
وفي الوقت الذي يعتبر فيه قادة الصين القوة العسكرية ضرورية لحماية الوطن والمصالح القومية الجوهرية ومواطنيها واستثماراتها في الخارج، إلا أنهم أظهروا ترددا أو رغبة بالمشاركة في التزامات أمنية خارجية تورطهم في نزاعات بعيدة. وراهنت الصين بدلا من ذلك على أن تقديم القروض والاستثمارات والفرص التجارية والتعامل التجاري مع أي دولة ذات سيادة، بعيدا عن شخصيتها وسجلها في الداخل، سيعطيها أصدقاء وتأثيرا، وأثمرت هذه الإستراتيجية ثمارها؛ فقد رحب الكثير من شركاء الصين، وبخاصة في دول العالم النامي، بالتبادل، ودعموا بالمقابل مصالحها الجوهرية.
ولا يعرف المدى الذي ستذهب فيه الصين بتطوير هذه الشراكات، وبخاصة مع إيران وكوريا الشمالية، إلا أن تطورا كهذا يعكس أن رغبة بكين بعدم توريط نفسها بلاعبين خارجيين مثل إيران وكوريا الشمالية تتراجع؛ نظرا لحاجتها إلى حلفاء.
وأعربت الكثير من الدول عن أنها لا تريد التحالف الكامل مع الصين أو أمريكا، إلا أن الوضع القائم لن يظل ثابتا، فقد طورت الصين علاقات مع اقتصاديات متقدمة ودول صاعدة، وتحاول دق إسفين بين واشنطن وشركائها. وحتى لو لم تكن قادرة على جلب بعض اللاعبين إلى جانبها، فإنها قد تدفع باتجاه وضع كفنلندا أثناء الحرب الباردة، وإجبار عدد من اللاعبين إلى نبذ علاقاتها مع الولايات المتحدة. ويمكن أن تنجح مع بعض اللاعبين الرئيسيين في شبه الجزيرة الكورية وجنوب- شرق آسيا.
ولهذا، فالخطوات الحثيثة التي قامت بها إدارة بايدن من أجل إحياء تحالفات الولايات المتحدة، وزيادة مساهمة الحلفاء في منطقة المحيط الهادئ- الهندي، تعتبر مهمة في سياق التحول بموازين القوى والتنافس الإستراتيجي.
وقد تفعل إدارة بايدن جيدا عندما تقوم بفحص أثر سياساتها، عندما تقوم بتعبئة حلفائها على رؤية الصين للتهديدات، ومنع خلق شبكة تحالف تقودها الصين. ويجب التفكير الجاد بمنع نتيجة كهذا. ويجب التفكير بطرق حول كيفية مواصلة الصين استثماراتها في علاقات مستقرة مع واشنطن، والتأكد من التعامل مع كل الدول، وليس تلك المتفقة مع الولايات المتحدة، وبل والواقعة خارج دائرتها التقليدية، ومنحها خيارا بدلا من أن تستنتج أن الطريق الوحيد أمامها هو التحالف مع الصين. فالنظرة الإستراتيجية والتخطيط ضروريان لمنع انحراف العالم نحو عالم أكثر انقساما بكتلة تقودها الصين، الأكثر تشابكا وتدخلا.
"مودرن ديبلوماسي": الهند غير مستعدة لتحالف كامل مع أمريكا
FP: الجيش الأمريكي ليس مستعدا لمواجهة الصين
التلغراف: تايوان تضع استراتيجية حربية وتتحضر لصد غزو الصين