روى الأسير الفلسطيني أيهم كممجي، اللحظات الأولى لدخوله مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، بعد انتزاع حريته مؤخرا، من سجن جلبوع الإسرائيلي عبر نفق حفره برفقة خمسة أسرى آخرين، قبل أن يعيد الاحتلال اعتقالهم.
جاء ذلك خلال مكالمة هاتفية
مع محاميه منذر أبو أحمد الاثنين الماضي، وقال؛ إنني "شعرت بأنني أدخل الجنة
(..)، غادرت جنين وهي طفلة وعدت إليها فوجدتها شابة يافعة، والأشجار فيها نمت
وكبرت، والحجارة تبدلت وتغيرت".
وتابع كممجي: "اشتقت
إلى سمائها وشعرت بأنها أمي تعود وتحتضنني بعد سنوات من الفراق (..)، رأيت الحنان
والمحبة في عيون الناس هناك، سمعتهم يتحدثون عنا بفخر (..)، الشيء الوحيد الذي لم
أتمكن من فعله، هو زيارة قبر والدتي"، وفق ما رواه المحامي أبو أحمد لموقع
"عرب48".
وأشار إلى أنهم كانوا
يبيتون الليل في مسجد بمخيم جنين قبل أن ينتقلوا إلى الحي الشرقي منه، مضيفا أننا
"كنا نسمع في كل يوم أن جيش الاحتلال سيقوم باجتياح مخيم جنين، وكان هذا
الكلام يتردد على ألسنة الناس وبعض المقربين من السلطة، بأن الجيش حصل على الضوء
الأخضر لاجتياح المخيم".
قرار المغادرة
وأردف كممجي قائلا:
"لم نكن نرغب بالتسبب بأذى لأهلنا في المخيم، فقررنا المغادرة إلى الحي الشرقي،
ولم تمض ساعات حتى كان البيت الذي يأوينا قد حوصر، وقمت بتسليم نفسي حفاظا على سلامة
أصحاب البيت، وخشية أن يرتقي شهداء في حال حدوث مواجهة".
وكشف أنه تعرض للضرب من قبل
قوات الجيش وأجهزة المخابرات الإسرائيلية خلال اعتقاله في مدينة جنين، فجر الأحد الماضي،
مع رفيقه مناضل انفيعات، مؤكدا أنه "لا يحصل على حقوقه الأساسية في المعتقل
من أكل وشرب ومياه للوضوء وملابس وغير ذلك".
اقرأ أيضا: رسائل جديدة من الأسيرين محمد ومحمود العارضة (صور)
وذكر أنه منذ مغادرته للمحكمة
في الناصرة، مساء الأحد ولغاية إجراء المكالمة الهاتفية الساعة السابعة من مساء الاثنين،
لم يحصل سوى على وجبة طعام واحدة وقليل من الماء. وقال؛ إنه فقط حين هدّدهم بأنه سيبدأ
بإضراب عن الطعام، قام أحدهم بإحضار الطعام والماء وفنجانا من القهوة.
وعن عملية التحقيق معه، قال
كممجي لمحاميه؛ إنه كان يجري التحقيق معه في البداية من قبل جهاز الشاباك، وأنه مؤخرا
بعد تمديد اعتقاله في المحكمة، بدأ التحقيق معه من قبل الشرطة.
وشدد كممجي على أنه يرفض التعاون
مع المحققين، إلا حين يتعاملون معه بشكل إنساني ويحترمون حقوقه، موضحا أنه في غرفة
التحقيق علّقت لافتة على الجدار خلف المحقق مكتوب عليها عبارة "إذا احترمتني فإنني
سأحترمك، وإذا لم تحترمني لن أحترمك.. أنا أمثّل نفسي وأنت تمثل نفسك". ولفت كممجي
انتباه المحقق إلى هذه العبارة، وقال له: "أطلب منك بأن تحترمني وتحترم حقي في
الكلام وحقي في الصمت".
"تضخيم الحدث"
وعن التهم المنسوبة إليه، تحدث
كممجي بسخرية وهو يقول لمحاميه؛ إنهم "يحاولون تضخيم الحدث وينسبون لي خمس تهم تتعلق
بالانتماء إلى تنظيم إرهابي والتخطيط لعمل إرهابي، وتهما تافهة أخرى، وكأنني أقبع في
السجن على سرقة دجاج"، ما جعل المحامي ينفجر بالضحك خلال المكالمة مع كممجي.
وتابع كممجي أن "ضابط الاحتلال
الذي اعتقلني وهو يلقب باسم "ورد" قال لي: 'أنت بطل ابن بطل وأنت شجاع ابن
شجاع واللي عملتو فينا مش قليل"، فقلت له؛ إن "هذه شهادة من عدو ولا أفتخر
بها".
ولفت إلى أنه تعرض للضرب خلال
عملية اعتقاله، وخاصة بالصفعات لئلا تترك أثرا على جسدي، والشتائم، وقلت لهم: "لا
تؤذونني؛ أنا واجهت مصيري بشجاعة وليس لدي سلاح"، وتعرضت أيضا لبعض الركلات وللضرب
بأعقاب البنادق.
وتابع: "وصل إلى المكان
كبار رجال المخابرات وبعضهم طلب التقاط الصور معي، وأحدهم قال لي "ابتسم"
فهذه الصور ستنشر في وسائل الإعلام، فقلت له "ما الداعي للابتسامة؟! حريّ بي أن
أضحك على خيبتكم". الآن صحتي جيدة، هناك أوجاع خفيفة في صدري وعنقي".
وبعث كممجي بتحياته عبر محاميه
أبو أحمد إلى أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وسائر أنحاء فلسطين، وإلى كل الذين
ناصروه في مخيم جنين، وإلى أهل الناصرة التي وصفها بالقلب النابض، وإلى أهل الداخل في
أراضي مناطق 1948 قائلا: "ما قصروا.. الله يرضى عنهم".
وسأل أيهم كممجي محاميه عن معنويات
الناس بعد إعادة اعتقالهم وما إذا كانت هناك حالة من الإحباط، فقال له المحامي؛ إن
"المعنويات مرتفعة والجميع يشكرون الله بأنكم أحياء ولم تصابوا بأذى"، فرد
عليه كممجي أنه "في المرة الماضية خرجنا من باطن الأرض، وقريبا إن شاء الله سنخرج من فوق الأرض، فنحن نثق بما نسمع من قادة حماس".
وختم الأسير كممجي حديثه مع
محاميه من داخل زنزانته رقم 25 في القسم 8 بمعتقل الجلمة، بالقول إنه "أشعر وأنا
بالمعتقل في منطقة الكرمل بأني في بيتي وأن السجّان ضيف لدي، لكن غير مرغوب به".
رسائل جديدة من الأسيرين محمد ومحمود العارضة (صور)
هذا هو الشاب الذي استضاف كممجي ونفيعات بجنين (شاهد)
رئيس هيئة الأسرى لـ"عربي21": الاحتلال يتخبط والإضراب وارد