قضايا وآراء

مصر تخسر النيل

1300x600
مصر مقيدة بسبب اتفاقية المبادئ

أدى توقيع السيسي علي اتفاقية المبادئ إلى تقنين بناء إثيوبيا لسد النهضة علي نهر النيل واضفاء الشرعية عليه، فضلا عن وقف العمل بالاتفاقيات السابقة والتي من أهمها اتفاقية تقاسم مياه النيل لعامي 1929 و1959، والتي حافظت لمصر على حصتها من مياه النيل على مدار عقود سابقة، حاولت خلالها أديس أبابا مرات عديدة فرض واقع اتفاقيات جديدة حال دونها عدم موافقة مصر والسودان.

منذ توقيع السيسي على اتفاقية المبادئ يدرك الخبراء، والسياسيون والدبلوماسيين والمثقفون والموظفون، بل يدرك القاصي والداني تحت شرط عدم ذكر اسمه لتفادي التنكيل الأمني، أن المعركة التي تخوضها مصر للاحتفاظ بالسيطرة على حصتها في مياه النيل هي شبة معدومة.

مصر هبة النيل

"مصر هبة النيل" هكذا وصف الرحالة اليوناني هيرودوت، الذي عاش في القرن الخامس عشر قبل الميلاد أهمية النيل لمصر، وهكذا تعلمنا في المدارس منذ الطفولة، حتى أن هذه المقولة عبرت حدود مصر إلى كل العالم ليكون معروفا للجميع أن مصر هي النيل، ولا وجود لها دون نيلها في التاريخ أو الجغرافيا.

مياه حوض النيل يتم توزيعها ووفقا للمعاهدات الدولية حفظت مصر حقوقها المائية في النيل، والتي تعتمد عليه بشكل أساسي كمصدر شبه وحيد للمياه العذبة بأكثر من 97% من احتياجاتها المائية.

مصادر مصر وإثيوبيا من المياه العذبة
مصر فهي تعتمد اعتمادا كليا على حصتها في نهر النيل، والتي تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب، وكمية قليلة من المياة الجوفية. ولذلك فإن نهر النيل هو أصل وجود مصر

تمتلك إثيوبيا مصادر غير محدودة للمياة العذبة، حيث يسقط عليها حوالي936 مليار متر مكعب من الأمطار سنويا، كما أنها تملك11  نهرا، أضف إلي ذلك حصتها من مياة نهر النيل والتي تقدر بـ150 مليار متر مكعب، فهي بلد غني بمصادر المياة العذبة.

أما مصر فهي تعتمد اعتمادا كليا على حصتها في نهر النيل، والتي تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب، وكمية قليلة من المياة الجوفية. ولذلك فإن نهر النيل هو أصل وجود مصر، ويتواجد الشعب المصري على مساحة أقل من 7 في المئة من مساحتها الكلية، ليعيش شعبها منذ القدم على ضفاف النيل وبالقرب من المياه.

سد النهضة سد سياسي

سد النهضة أو سد الألفية الإثيوبي هو سد عدائي بامتياز، إذا ما نظرنا في المعطيات المتوفرة عنه. فإثيوبيا كما ذكرنا ليست بحاجة لمياه إضافية كما الحال لمصر، وبالنسبة لتوليد الكهرباء فكما معروف تمتلك إثيوبيا عددا كبيرا من السدود الصغيرة والمتوسطة، وكذلك عرض عليها أكثر من حل لتوليد الكهرباء لاستخدامها في التنمية، منها تقليل سعة سد النهضة، وإنشاء أكثر من سد بسعة لا تزيد عن 13 مليار متر مكعب. لكنها مصممة على المضي قدما وإنهاء سد النهضة الذي تصل سعته لأكثر من 74 مليار متر مكعب، في تهديد صريح وغير مبرر لسيادة مصر، عبر التحكم في مجرى مياه النيل بشكل منفرد. ولذلك يرى المراقبون والخبراء أنه سد له أبعاد سياسية لا تخلو من فرض شروط سياسية، ولتخطي دور مصر الإقليمي والأفريقي لصالح إثيوبيا.

مصر تخسر النيل

منذ أن وقع السيسي على اتفاقية المبادئ، ومع الانتهاء من بناء سد النهضة ودون شك بعد الملء الثاني المتوقع الانتهاء منه هذه الأيام وفقا لإعلان أديس أبابا، ستتحكم إثيوبيا في"تدفق مياه النيل"، وستخسر مصر حقوقها التاريخية في النيل؛ مصر التي لم تتمكن من وقف بناء السد ولم تتمكن حتى اللحظة من إدخال أي تعديلات على مخططات إثيوبيا، بما فيها تقليص سعة السد.
بل إن اختزال آمال القاهرة في أمل واحد يعلنه المسؤولون في كل مناسبة، وهو أن يتم ملء بحيرة السد على مدى فترة زمنية لا تقل عن سبع سنوات بدلا من ثلاث سنوات التي خططت لها إثيوبيا، للحفاظ على الحد الأدنى من حقوقها التاريخية في مياه النيل، لم يجد آذانا صاغية في أديس أبابا

بل إن اختزال آمال القاهرة في أمل واحد يعلنه المسؤولون في كل مناسبة، وهو أن يتم ملء بحيرة السد على مدى فترة زمنية لا تقل عن سبع سنوات بدلا من ثلاث سنوات التي خططت لها إثيوبيا، للحفاظ على الحد الأدنى من حقوقها التاريخية في مياه النيل، لم يجد آذانا صاغية في أديس أبابا.

أخطأت القاهرة حين سمحت لإثيوبيا بوضع حجر الأساس لسد النهضة، وأخطأت حين وقع السيسي على اتفاقية المبادئ، وأخطأت حين تركت إثيوبيا تمضي قدما بقرار منفرد نحو إنهاء السد، وستخسر النيل إذا لم تتحرك بالسرعة الكافية في لحظات السد الأخيرة، حيث يمكنها وضع كل الخيارات في الاعتبار وقيد التنفيذ بما فيها الخيار العسكري.