ملفات وتقارير

ما حكاية "رجال الضيف" في هتافات المقدسيين؟

الهتافات لمحمد ضيف تزعج جنود الاحتلال وتسبب لهم القلق- جيتي

"حط السيف قبال السيف.. احنا رجال محمد ضيف"؛ هتاف يصدح في شوارع القدس وأزقتها عند أي مواجهة مع الاحتلال، حيث يتجمع الشبان ويبدأون بهذا الهتاف الذي يحمل الكثير من الدلالات، والذي تبين أنه يزعج جنود الاحتلال ويسبب لهم القلق.


محمد الضيف هو قائد كتائب القسام في قطاع غزة ونجا من خمس محاولات اغتيال؛ إحداها أدت إلى استشهاد زوجته وابنته، ولا توجد له صور كثيرة منشورة كونه المطلوب الأول منذ سنوات للاحتلال.


فلماذا محمد الضيف هو وحده من قادة المقاومة الذي يتم الهتاف له؟ ولماذا في القدس تحديدا ومن ساحات المسجد الأقصى المبارك خرج هذا الهتاف؟


يفي بالوعد


الشاب المقدسي (م.ع) الذي قاد عدة مسيرات بهتافاته القوية؛ يقول لـ"عربي21" إن هذا الهتاف هو الشائع خلال المسيرات والمواجهات في المدينة، حيث يقوم الشبان بالهتاف به لبث روح الحماس داخل قلوبهم.


وأوضح أن الهتاف لمحمد الضيف بالذات يأتي من شعور المقدسيين بأن هذا القائد لا يخذل استغاثتهم، وأنه يفي بوعده إن وعد بنصرتهم.


وأضاف: "المقدسيون يثقون بقائد أركان المقاومة، الذي سيكون على رأس الجيش الذي سيحرر المسجد الأقصى المبارك، وهتافات المقدسيين الشرفاء لا يهتفون إلا للذي يلبي النداء لأنه لا يخذلنا قولا وفعلا وإن وعد أوفى".


ولم يقتصر الهتاف للضيف في أوقات المواجهات مع جنود الاحتلال؛ ففي كل وقت وحين يصدح الهتاف من القدس، وباتت حتى "زفة العريس" في المدينة تتميز بهذا الهتاف في محاولة لإغاظة جنود الاحتلال المنتشرين في كل شارع وحي لحماية المستوطنين.


ويؤكد الشاب المقدسي أن هذه الهتافات تزعج الاحتلال كثيرا؛ حيث قام ضابط الشرطة الإسرائيلي في جولة المواجهات الأخيرة في حي الشيخ جراح وساحة باب العامود؛ بالطلب رسميا من الشبان ألا يهتفوا لمحمد الضيف وألا يرفعوا العلم الفلسطيني.


وقال ضابط الشرطة يومها للشبان حرفيا: "اهتفوا لمن شئتم إلا لمحمد الضيف"، ما دفع الشبان إلى تكرار الهتافات له في تحد واضح للشرطة الإسرائيلية، ويتعمد المقدسيون استفزاز المستوطنين بهذه الهتافات التي تخيفهم وتجعلهم يستدعون شرطة الاحتلال لمجرد ذكر اسم الضيف.


وأضاف الشاب: "خلال أحداث باب العامود وحي الشيخ جراح في شهر رمضان كان الهتاف حاضرا دوما، وتعرض الشبان للاعتقال والملاحقة على إثر مشاركتهم في الهتاف لمحمد الضيف، وساحات المسجد الأقصى هي أكثر ما يشهد هذا الهتاف بسبب ارتباط فكرة المقاومة بالدفاع عن المسجد ومنع المستوطنين من اقتحامه".

 

اقرأ أيضا: محللون يقرأون انتفاضة فلسطين.. تمسك بالقدس وهشاشة احتلال

هذا الهتاف بات مقدمة معتادة للمواجهات في القدس؛ حيث يقوم الاحتلال بقمع الشبان فورا حين يرددونه، معتبرا أن الهتاف لمحمد الضيف "يهدد سيادته في المدينة".


ويشير الشاب إلى أن الاحتلال يقوم بملاحقة الشبان بعد ترديد الهتافات للضيف؛ كما أنه يتم اعتقالهم واستجوابهم حول هذا الأمر تحديدا، غير مستبعد أن يتم إدراج الهتافات هذه ضمن لوائح الاتهام وبنودها التي تفرضها محاكم الاحتلال على الأسرى المقدسيين.


الإيمان بالمشروع


المحلل السياسي ساري عرابي قال لـ"عربي21" إن الهتاف لمحمد الضيف قديم منذ مطلع الانتفاضة الثانية على الأقل.


وأوضح أن القائد الضيف هو اسم مشهور لدى الفلسطينيين؛ ومعروف بحكم سنوات الجهاد الطويلة له منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي وحتى هذه اللحظة، فهو معروف جيدا للفلسطينيين.


وأكد أنه حين تهتف باسمه الجماهير؛ فمن الواضح أن هناك نوعا من التعلق بشخص محمد الضيف والمشروع الذي يمثله والجهاز الذي يقوده، وهذا التعلق يعني أن هناك نوعا من الثقة والمصداقية في الرجل والجهة التي يمثلها.


وأضاف: "الهتاف هذا يدل كذلك على خيارات الناس واتجاهاتهم؛ وإيمانهم بالمشروع الذي يمثله وهو مشروع المقاومة".


وقال عرابي إن الحدث الذي ارتبط بالهتاف لمحمد الضيف هو الانتفاضة الثانية، ولكن ليس بالضرورة أن يكون هناك حدث محدد، لافتا إلى أن كوادر حركة حماس هم من بدأوا هذا الهتاف في الانتفاضة الثانية لأنه معروف في الوسط الحمساوي؛ ثم بات اسمه يشتهر مع مرور الوقت.


وأشار إلى أن ما جعل اسم الضيف يشتهر أكثر هو من انتفاضة الأقصى وصاعدا، وأحداث قديمة مثل خطف الجندي الإسرائيلي "ناحشون فاكسمان" الذي تم خطفه بالضفة ثم أرسلت وثائقه وهويته إلى قطاع غزة وظهر الضيف ملثما يحمل بطاقة هويته، ثم أصبح معروفا أن الضيف هو قائد جهاز القسام.
ولفت إلى أن الضيف قام عام 1996 بإرسال حسن سلامة للانتقام لاغتيال يحيى عياش، ثم ظهر في مقطع فيديو مصور في انتفاضة الأقصى يتحدث فيه عن المقاومة؛ ثم اشتهر أكثر في الحروب الأخيرة على قطاع غزة.


وأكد أن الاحتلال يخشى الهتاف بشكل عام لأنه فعل نضالي وكفاحي؛ وهو لا يريد في ساحة الضفة والقدس أي فعل نضالي من أجل تذويب الساحة وإماتتها.


وتابع: "حين يكون الهتاف لمحمد الضيف فهو أمر مزعج أكثر وفيه استنهاض ونوع من تبني خيار المقاومة، وهي قضايا محاربة من قبل الاحتلال".