خصصت صحيفة
واشنطن بوست الأمريكية افتتاحيتها،
للحديث عن "الانقلاب المزعوم" في الأردن، وربطه بالفساد "والنظام
القمعي" ورأت أن ما يطرحه
الأمير حمزة من انتقادات للسياسات في بلده هو مصيب فيه.
وقالت الصحيفة في الافتتاحية التي ترجمتها "عربي21" إنه "ليس من الواضح تماما من
يقف وراء الأزمة الحالية في الأردن، حيث تم اعتقال ما يقرب عن 20 شخصا نهاية
الأسبوع وتم وضع الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، ولفترة قصيرة تحت الإقامة
الجبرية. وتحدث وزير الخارجية بطريقة غامضة عن عصيان وألمح إلى رابطة أجنبية،
وتم توجيه بعض الأصابع إلى الأردن وأخرى إلى السعودية".
وأضافت الصحيفة: "ما هو واضح أن الأمير
حمزة بن الحسين، وصف النظام بالعقم والفساد المستشري والديكتاتورية وهو
مصيب".
وفي ما يأتي النص الكامل لافتتاحية الصحيفة:
ليس واضحاً تماماً من الذي يقف وراء ما يبدو
أنه أزمة سياسية في الأردن حيث جرى اعتقال ما يقرب من عشرين ضابطاً خلال نهاية
الأسبوع وتم لفترة قصيرة وضع الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني تحت الإقامة
الجبرية في منزله. تكلم وزير الخارجية بضبابية عن "فتنة" وأومأ إلى وجود
ارتباط أجنبي، فأشارت بعض الأصابع إلى إسرائيل والبعض الآخر إلى المملكة العربية
السعودية. إلا أن الثابت هو أن الأمير حمزة بن الحسين انتقد النظام متهماً إياه
بانعدام الأهلية وباستشراء الفساد والسلطوية – وكان معه حق في ذلك.
وقال الأمير حمزة في مقطع فيديو سجله بنفسه:
"حتى انتقاد جانب بسيط من السياسة يؤدي إلى الاعتقال والإساءة من قبل الأجهزة
الأمنية. وصل الأمر إلى الحد الذي لم يعد معه بإمكان أحد الحديث أو التعبير عن الرأي
حول أي شيء دون أن يتعرض للتنمر والاعتقال والإساءة والتهديد". ولئن كان قد
تعهد بالولاء للملك بعد وساطة جرت يوم الاثنين إلا أن صدى كلماته ما زال يتردد.
لن يجد أي مراقب للأردن عن كثب ما هو مثير
للخلاف في ذلك النقد الموجه إلى بلد يصل تعداد سكانه إلى عشرة ملايين نسمة ويحتل
موقعاً استراتيجياً بين إسرائيل وسوريا والمملكة العربية السعودية والعراق. فعلى
مدى واحد وعشرين عاماً من الحكم، ما فتئ يتراجع تقبل الملك عبد الله للمعارضة، حتى إن التقرير الأخير الصادر عن فريدام هاوس (بيت الحرية) أنزل رتبة البلد من
"حر جزئياً" إلى "غير حر"، مستدلاً على ذلك بما قال إنه
"قيود صارمة جديدة تفرض على حرية التجمع وقمع لنقابة المعلمين بعد سلسلة من
الإضرابات والاحتجاجات، وعوامل أخرى بما في ذلك انعدام الاستعدادات الكافية الأمر
الذي قوض مبدأ المساواة في الانتخابات البرلمانية في حقبة جائحة كوفيد 19".
ومع ذلك فقد سارعت يوم الأحد كل من الولايات
المتحدة، مانح المساعدات الأكبر للأردن، وعدد من دول الجوار بما في ذلك إسرائيل
والمملكة العربية السعودية إلى التعبير عن دعمها للنظام. وقال المتحدث باسم
الخارجية الأمريكية: "إن الملك عبد الله شريك مهم للولايات المتحدة ويحظى
بدعمنا الكامل".
لا يرغب أحد في رؤية دولة شرق أوسطية أخرى
تنحدر نحو الفوضى السياسية. ومع ذلك، فإنه لأمر صادم أن الولايات المتحدة، ورغم
أنها أمام نظام عربي كاسد وفاسد ويمارس القمع بشكل متزايد، تستمر في إيلاء أهمية
قصوى للحفاظ على الوضع القائم كما هو. مثل مصر، الحليف الأمريكي الآخر الذي يحكمه
نظام دكتاتوري منعدم الأهلية، يحتاج الأردن بشكل ملح إلى انتهاج الإصلاحات
الاقتصادية والسياسية التي وعد بها الملك عبد الله، وغازل الناس بها، عندما وصل
إلى السلطة لأول مرة. إلا أنه بدلاً من ذلك مضى في الاتجاه المعاكس. من أبرز
الشخصيات التي اعتقلت
باسم عوض الله، الوزير السابق الذي طالما اشتهر بتبنيه
اللبرلة السياسية.
لربما سعت إسرائيل أو ولي عهد السعودية الأمير
محمد بن سلمان إلى العبث في الشؤون السياسية الأردنية، أما الأمير حمزة، المعروف
بشعبيته في أوساط القبائل الأردنية التي تشكل العمود الفقري للنظام، فهو كما يظهر
إنما يعبر عن سخط حقيقي وواسع الانتشار. وبدلاً من أن يلقي القبض عليه وعلى حلفائه
كان حرياً بالملك عبدالله التفكير بكيف يمكنه أن يفتح المجال أمام مزيد من النقاش
والمزيد من النشاط السياسي المشروع. وبدلاً من تقديم الدعم الأعمى للحاكم، يجدر
بإدارة بايدن والديمقراطيات الغربية الأخرى أن تخبره، بهدوء ولكن بحزم، بأن الوضع
الراهن القائم على القمع والقهر غير قابل للاستمرار.