أثارت تصريحات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من دولة الإمارات، بشأن استعداده للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في حال تم استعادة دولة الجنوب سابقا بالانفصال عن شمال اليمن، رفضا واسعا وتساؤلات عن دلالة توقيتها.
وكان عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانفصالي، الذي يزور روسيا منذ يومين، قد قال في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم": "باركنا التطبيع من بعض الدول العربية مع إسرائيل، وسنقوم بالتطبيع معها عند استعادة دولتنا، وعندما تكون عدن عاصمة للجنوبيين".
وفي هذا السياق، قال الناشط السياسي من جنوب اليمن، عبدالعزيز المنصوب، إن من المؤسف أن يستجدي الزبيدي أوراق اعتماد لدى احتلال إسرائيلي، لا نتفق معه في مكونات الهوية الصلبة.
"أداة بيد أبوظبي"
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن ما صرح به الزبيدي يكشف قدراته السياسية المتواضعة جدا، مؤكدا أنه في الوقت الذي يدعي النضال من أجل التحرر من دولة متطابق معها في كل تفاصيل مكونات الهوية الصلبة، فماذا يعني أن يتحقق ذلك، عن طريق الاحتلال الإسرائيلي، وعلى حساب القضية العربية المركزية.
وأشار المنصوب الذي شغل مستشارا للزبيدي إبّان توليه منصب محافظ عدن قبل إقالته 2017: "لقد عملت معه كمستشار في محافظة عدن، فهو لا يتمتع بأي ضمير، ويتطلع دوما للوصول ولو على حساب منظومة القيم السياسية الجمعية، بما في ذلك القيم العربية القومية".
وتابع: "ما يهمه، أي الزبيدي، هو إشباع غروره وذاتيته المتضخمة".
وتساءل قائلا: كيف ينادي باستقلال الجنوب عن الشمال، وإخضاع الإنسان والأرض والسيادة والثروة والهوية لصالح احتلال أجنبي؟
وأردف: "إذا كان استقلال الجنوب على حساب القضية العربية المركزية؛ فلا أهلا ولا مرحبا به".
وبحسب الناشط الجنوبي، فإن شعب الجنوب بكل أطيافه وفئاته الحية والمؤمنة بالقضية الفلسطينية كقضية العرب والمسلمين المركزية قدر إيمانها بالقضية الجنوبية، لا يمكن أن تتفهم ما ورد في تصريحات الزبيدي.
اقرأ أيضا: ما دلالات إصرار رئيس "الانتقالي" على الانفصال باليمن؟
وأوضح المنصوب أن تجربة كردستان العراق في التعاطي مع الاحتلال أبسط مثال على ذلك، لافتا إلى أن "تقديم تنازلات مخلة بقيمنا السياسية والأخلاقية والاجتماعية؛ بل وتعريض أمتنا لمخاطر إضافية نحن في غنى عنها، وإهلاك مزيدا من الوقت في مسارات عبثية، لن تفضي إلا إلى مزيدا من تعقيد المشهد".
واعتبر الناشط السياسي في جنوب اليمن أن هذا الشخص وأمثاله كارثة على الجنوب (في اليمن) والمنطقة برمتها، مؤكدا أن "الزبيدي مجرد أداة بيد ضابط إماراتي".
ودعا الزبيدي إلى التطبيع مع الأطراف السياسية في المحافظات اليمنية الجنوبية، وقال: عليه أن يطبع مع الميسري (وزير الداخلية السابق) من باب أولى أو على الأقل أولا، مع زعيم الثورة الجنوبية، حسن باعوم، وهو أحد قيادات الحراك الجنوبي.
"كلام مرفوض"
من جانبه، أعرب الدبلوماسي اليمني السابق، عادل باشراحيل، عن رفضه لما ورد في تصريحات رئيس المجلس الانتقالي.
وقال في حديث لـ"عربي21": كلام الزبيدي لا يعدو عن كونه "كلاما فرديا" لا يمثلنا في المحافظات الجنوبية.
وأضاف باشراحيل أن ما صرح به الرجل كان ملزما بذلك، وبتوجيهات من حكومة أبوظبي، الداعمة له، مشيرا إلى أن تصريحاته مرفوضة رفضا قاطعا في اليمن، شمالا وجنوبا.
وأكد الدبلوماسي اليمني السابق أن الانتقالي يعيش حالة وهم، ويعتبر نفسه حاكما للجنوب، بناء على الآمال الكاذبة التي باعتها الإمارات له بتسليم محافظات جنوب اليمن، كما تسلمتها الجبهة القومية من بريطانيا عام 1967.
وقال مخاطبا قيادة المجلس الانفصالي: "عام 2021 غير 1967.. ومن يظن أن ذاك السيناريو سيتحقق كما يسوقه الإماراتيون، فهو واهم".
واعتبر الدبلوماسي والسياسي اليمني أن "هذا التوجه من قبل المجلس لن نقبل به.. وستكون هناك حرب مستدامة، وستسيل الدماء إلى الركب".
وأوضح أن زيارة قيادات المجلس الانتقالي إلى موسكو جاءت بأوامر إماراتية، وما قاله دوران في فلكها، لاسيما بعد فشل زيارته لروسيا، وخروجه خالي الوفاض بتأكيداتها أن "الصراع مع الحوثي".
اقرأ أيضا: اليمن يجدد موقفه الرافض من التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي
ولم يستبعد باشراحيل أن تكون ضجة إزاء تصريحات الزبيدي في الشارع اليمني شمالا وجنوبا، مشددا على أنها "تمثل إهانة لهم وإرضاء لأسياده في أبوظبي".
كما اعتبر ما صرح به الرجل بأنه "جريمة"، متسائلا في الوقت ذاته: عمن أعطاه الحق أن يتحدث عن التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي باسم 30 مليون يمني منهم 6 ملايين من المحافظات الجنوبية.
"ابتزاز وتسويق"
من جهته، قال مستشار وزارة الإعلام اليمنية، مختار الرحبي، إن زيارة قيادات الانتقالي للعاصمة الروسية هدفها "ابتزاز واشنطن من قبل الإمارات"، وردا على أي موقف للإدارة الجديدة من عبثها في اليمن خلال السنوات الماضية.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن تصريح الزبيدي عن التطبيع مع الاحتلال، لاشك، أنه جاء بإيعاز من الإمارات.
وتابع الرحبي: "ما بات معلوما، أن الانتقالي ليس إلا أداة بيد أبوظبي، ولا يمكن لقيادته أن تخرج عن المسار الذي رسمه الممول".
وأشار مستشار وزير الإعلام اليمني إلى أن موقف الزبيدي لا يمثل الجنوب اليمني، بل إن أحرار المحافظات اليمنية الجنوبية، واليمن عموما، مع القضية الفلسطينية وضد التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أن ليس له الحق في الحديث عن العلاقات مع الدول، فهو تيار مليشياوي، معتبرا أن تصريحاته تمثل استفزازا لليمنيين.
ولفت المسؤول الحكومي إلى أن الزبيدي بمثل هذه التصريحات يسوق لنفسه عند دولة الاحتلال، ويشحذ الدعم منها وبعض الدول الداعمة لها، لتحقيق ما يقول إنها قضيته، القضية الجنوبية.
وأردف قائلا: هناك محافظات كبيرة جنوب وشرق اليمن ترفض "الانتقالي"، مثل "حضرموت والمهرة وشبوة"، مبينا أنه "يريد أن يسوق نفسه بأنه رجل الجنوب القوي، لكن الواقع غير ذلك".
وشدد المسؤول اليمني على أن هذه التصريحات لن تمر مرور الكرام على اليمنيين، سواء في الشمال والجنوب.
واختتم بالقول: "لو أتيحت الفرصة للمواطنين في مدينة عدن، جنوبا، لخرجوا بالآلاف ضد الزبيدي ومجلسه، وضد تصريحاته بشأن التطبيع مع المحتل الإسرائيلي".
ولم تعد تصريحات قيادات المجلس الانفصالي هي الأولى حول التطبيع، بل سبق أن تغزل نائب رئيس المجلس، هاني بن بريك، باتفاق التطبيع بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي.
وفي شهر آب/ أغسطس 2020، تغزّل ابن بريك بتغريدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يقول فيها: "السلام عليكم وعلينا"، إذ علّق: "وعليكم السلام وعلينا. وحيا على سلام تسكن فيه المنطقة، ويقطع دابر الحروب وتجارها".
اقرأ أيضا: ماذا تستفيد "أذرع" أبوظبي باليمن من معاهدة التطبيع؟
واعتبر ابن بريك عبر حسابه بموقع "تويتر" أن أقبح البشر على الإطلاق هم المسؤولون الفلسطينيون المنددون بموقف الإمارات، مغردا: "أقبح ما خلق ربي مسؤول فلسطيني يندد بما قامت به الإمارات من أجل الشعب الفلسطيني، ومنع ضم أراض، وإحلال السلام المنشود بحل الدولتين، وهو الذي يسارع للدول العربية المطبعة يلتمس منها التوسط لدى إسرائيل. كلما قرب السلام ندد اللئام المستفيدون بإبقاء السلام معلقا".
ورغم عدم وجود علاقات رسمية بين اليمن والاحتلال، إلا أن المسؤول الداعم لانفصال الجنوب قال: "إذا فتحت زيارة الجنوبيين لتل أبيب، وتم قبلها توقيع خطة السلام بين الإمارات وإسرائيل، فسأقوم بزيارة اليهود الجنوبيين في بيوتهم، وسأذهب معهم إلى القدس، وسأصلي في المسجد الأقصى".
وفي 16 سبتمبر/ أيلول 2020، وبعد يوم التوقيع رسميا على التطبيع بين الإمارات والبحرين والاحتلال في واشنطن، اعتقلت قوات مدعومة إماراتيا الداعية ياسر العزاني، بعد انتقاده في خطبة ألقاه اتفاق التطبيع الاحتلال الإسرائيلي، وتأكيده على دعم قضية فلسطين.
متى تعود العلاقات بين اليمن وقطر؟
معارض إماراتي يطلق حملة لرفع حظر السفر عن ابنه المريض
عربي21 تستطلع آراء فلسطينيين بالضفة حول الانتخابات (شاهد)