توسعت السلطات
المصرية، بشكل غير مسبوق، بمنح
الضبطية القضائية للعديد من موظفي الوزارات والهيئات الحكومية ضمن مجال عملها
واختصاصها، وسط مخاوف حقوقية من استغلالها وإساءة استخدامها من قبل مأموري الضبطية
القضائية.
وبحسب المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية،
ينقسم مأمورو الضبط القضائي إلى نوعين: الأول، مأمورو الضبط القضائي ذوو الاختصاص
النوعي العام، أي الذي يشمل كافة الجرائم، مثل أعضاء النيابة وضباط وأمناء الشرطة.
والثاني، مأمورو الضبط القضائي ذوو الاختصاص
النوعي الخاص، وهؤلاء لهم حق الضبطية القضائية في جرائم معينة تنحصر في الجرائم
التي تقع في اختصاصهم، وتلك الصفة تمنح لهم بموجب قرار من وزير العدل بالاتفاق مع
الوزير المختص.
أبرز الضبطيات القضائية
ومنح وزير العدل، مؤخرا، الضبطية القضائية
لرؤساء المدن والأحياء ونوابهم لتطبيق إجراءات مواجهة فيروس كورونا التي اعتمدتها
اللجنة العليا لإدارة الأزمة، مثل عدم ارتداء الكمامة والالتزام بمواعيد الإغلاق،
وغيرها من القرارات.
كما وافقت وزارة الإسكان على اعتماد دليل
إجراءات الضبطية القضائية والتعامل مع مخالفات قانون الإسكان الاجتماعي.
كذلك منح حق الضبطية القضائية، في كانون الأول/
ديسمبر الماضي لـ600 موظف من العاملين بقطاع الكهرباء للتفتيش الدوري على
المشتركين.
إضافة إلى منحها إلى ضباط جهاز
مشروعات الخدمة الوطنية، وموظفين بوزارة البترول، وحماية المستهلك، والتموين والتجارة
الداخلية.
ومن أشهرها؛ منح عدد من مفتشي وزارة الأوقاف
المصرية، الضبطية القضائية من أجل منع صعود المنابر لغير المصرح لهم بالصعود
للمنابر، ومخالفة عناوين الخطب.
دلالات التوسع في الضبطية القضائية
وبشأن دلالة توسع الحكومة المصرية في توزيع الضبطيات
القضائية بشكل مفرط أكد المستشار محمد عوض رئيس محكمة استئناف الإسكندرية سابقا،
أن "الهدف من هذا التوسع هو تكبيل الشعب المصري ومحاصرته وترويعه من قبل
موظفين عموميين وظيفتهم الأساسية تيسير شؤون المواطنين".
وفي تصريح لـ"عربي21"، أوضح عوض
المنسق العام لحركة قضاة من أجل مصر، أنه "عليه؛ يكون منح الضبطية القضائية
لموظفين عموميين بهذا الشكل الفج مخالفة صارخة للدستور والقانون، فكيف لمن عين
لوظيفة خدمية أن يتحول بين عشية وضحاها إلى أحد مأموري الضبط القضائي".
وذهب إلى القول بأنه "منذ الانقلاب
العسكري والسيسي يتعامل مع الشعب المصري بمنطق العصابات في كل المجالات، ولا يكاد
يمر وقت من حين لآخر إلا ويفجع الشعب المصري بفاجعة جديدة وآخرها فاجعة الإهمال
الجسيم إلى حد القتل الجماعي المعتمد لمرضى كورونا".
وحذر عوض من أن "الإفراط في منح الضبطيات
القضائية دون ضوابط سيفضي إلى حدوث توتر مجتمعي بين المواطنين وبعضهم، وهو أمر
مقصود بهدف تقليل حدة الغضب تجاه الشرطة المصرية وقوات الأمن المنوط بها ضبط الأمن
وإنفاذ القانون".
محاذير ومخاوف
من جهتها؛ قالت المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية
للحقوق والحريات، هبة حسن: "رغم أن القبضة القضائية قد تساعد في محاربة
الفساد أو زيادة الرقابة على مساحات أكثر من المخالفات لتقليلها إلا أن الواقع
المصري لا يشير إلى ذلك، ولا نرى فيه اتجاها حقيقيا صادقا يثبت هذه المحاولة، كما
أن الحالة المجتمعية المتردية من شقاق وفرقة وشحن بين الجميع يجعل للقرار آثارا
سلبية أكبر من المصلحة المتحققة منها".
واعتبرت في حديثها لـ"عربي21" أن
"مثل هذه القرارات تبدو وكأنها توسيع لمساحة الصدام بين شرائح المجتمع وبعضها
البعض لينتقل الضغط من السلطة المتمثل في أذرعها الأمنية لضغط من فئات متنوعة تجاه
بعضها تحت سوط الضغط الأمني والقرارات العلياغير مدروسة العواقب والتي لا تنظر
لمصالح المواطنين ولا تراعي أحوالهم، ويتحول سخط الشعب لصدام مع منفذي القرارات
والقوانين".
الجانب الآخر الخطير في هذه القرارات ، بحسب
حسن، قد تتحول إلى وسيلة متاحة بيد شريحة أكبر للمكايدة والوشايات لتحقيق مصالح أو
انتقام من بعضهم البعض في ظل الفساد الإداري الثابت بنسب عالية داخل أجهزة الدولة
المصرية وهو مايصعب منعه أو الفصل فيه مع اتساع مساحة الصلاحيات لموظفين دون ضوابط
رقابية واضحة".
واستدركت: "أضف إلى ذلك ما تعنيه زيادة
هذه القرارات المتتالية من انتهاك تزداد احتمالية لحقوق المواطنين وخصوصياتهم المنصوص عليها دستوريا والانتقاص من حرياتهم
ضمن حالات جمع المعلومات والبحث والتفتيش وخلافه التي تمثل صلاحيات الضبط القضائي
والتي زادت أعداد الحاصلين عليها".