تستعد ولاية جورجيا الأمريكية لانتخابات تكميلية على مقعديها بمجلس الشيوخ، في 5 كانون الثاني/ يناير الجاري، التي من شأنها حسم المنافسة الساخنة بين الجمهوريين والديمقراطيين على الأغلبية في المجلس.
ومع استنزاف الطرفين للأوراق الداخلية، بات الموقف من الاحتلال الإسرائيلي هو المرجّح، وتم اختزال المشهد الانتخابي في هذا الملف إلى حد كبير، بتحريك من "لوبي" داعم للاحتلال داخل الحزب الديمقراطي.
وأجريت الجولة الأولى في إطار انتخابات الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حيث تمكن الديمقراطيون من الفوز بالرئاسة، والحفاظ على الأغلبية بمجلس النواب، فيما باتوا على أعتاب ثلاثية تاريخية بالسيطرة كذلك على مجلس الشيوخ.
لكن أيا من المتنافسين على مقعدي جورجيا لم يتمكن من الحصول على الحد الأدنى الضامن للفوز من الجولة الأولى (50 بالمئة من الأصوات)، ما أدى إلى تأجيل الحسم إلى جولة ثانية يخوضها أكثر اثنين حصولا على الأصوات عن كل مقعد.
ويحتاج الديمقراطيون للفوز بكلا المقعدين، بحيث يتعادلون مع الجمهوريين بـ50 مقعدا لكلا الحزبين، لتصبح نائب الرئيس (كامالا هاريس)، التي تتولى دستوريا رئاسة المجلس، صاحبة صوت "فك التعادل"، وفق اللوائح الأمريكية.
وسلط تقرير نشره موقع "إنترسبت" الضوء على استخدام الجمهوريين لورقة الموقف من الاحتلال وجرائمه بحق الفلسطينيين ضد المرشح الديمقراطي التقدمي، رافائيل وارنوك، وتلقف اللوبي الإسرائيلي لذلك.
ووسط ضغوط الجمهوريين الشديدة، وخشية الحزب الديمقراطي من خسارة أي من المقعدين، بات الأخير يسابق الزمن للتقرب من لوبي الاحتلال في الولايات المتحدة؛ أملا بأن يحظى مرشحه "وارنوك" بتزكية تبقيه قادرا على المنافسة.
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21"، استند الجمهوريون إلى تصريحات سابقة لوارنوك، وهو أيضا قس وناشط أسود في جورجيا، أدان فيها انتهاكات الاحتلال لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين.
وبعد تقرير إخباري أعاد إبراز تصريحاته القديمة، بدأ خصمه الجمهوري، السناتور كيلي لوفلر، في عرض إعلانات هجومية، ركز في أحدها على خطبة ألقاها وارنوك عام 2018، أدان فيها الاحتلال لإطلاقه النار على متظاهرين فلسطينيين عزل بالقرب من السياج الفاصل مع قطاع غزة.
وإثر ذلك، وعلى مدار الأسابيع الماضية، بدأ وارنوك بالعمل على إظهار نفسه كمؤيد قوي لعلاقة الولايات المتحدة مع الاحتلال، ونأى بنفسه عن التعليقات السابقة بشأن الصراع.
وأدى تحول وارنوك إلى حصوله على تأييد لوبي "الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل"، وهو جناح سياسي ديمقراطي "وسطي" أثار الجدل منذ ظهوره قبل عام؛ بسبب هجماته المتكررة على التقدميين في الحزب.
وفي أيلول/ سبتمبر، أيد ذلك اللوبي المرشح الديمقراطي "جون أوسوف"، الذي سيواجه السناتور الجمهوري ديفيد بيرديو في جولة الإعادة للمقعد الآخر في جورجيا.
ودعم الجناح السياسي الجديد الموالي، الذي يقدم نفسه كـ"تقدمي وداعم لإسرائيل"، 83 مرشحا لعضوية الكونغرس خلال الانتخابات، لكن وارنوك لم يكن واحدا منهم في الجولة الأولى.
وإثر تراجع وارنوك عن مواقفه ضد الاحتلال، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بما في ذلك تصريحاته بشأن الجرائم على حدود غزة، نال تزكية من المجلس اليهودي الديمقراطي الأمريكي، ثم حصل اليوم التالي على دعم لوبي "الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل".
اقرأ أيضا: "أموال شركات السلاح" تلقي بظلالها على "تشكيلة بايدن"
واعتبر تقرير الإنترسبت أن ما حدث يشكل انتكاسة للتقدميين في الحزب الديمقراطي الذين يصرون على عدم استثناء الاحتلال الإسرائيلي عند الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان، كما يشكل استسلاما للابتزاز الجمهوري، قد ينسحب على مرشحين آخرين، وعلى ملفات "محافظة" أخرى.
ولا يتوقف الأمر عند التراجع عن تصريحات مجردة، فالأمر يتعلق بالإعلان عن دعم تشريعات تدعم الاحتلال، وأخرى تلجم أي صوت معارض لها، وتشمل حركة المقاطعة العالمية "بي دي أس".
ويخشى التقدميون من أن يتنامى تغول اللوبي الداعم للاحتلال في الحزب الديمقراطي وتحالفه مع الجناح التقليدي الذي يطلق على نفسه اسم "الوسطي"، وأن يصبح ما يحدث قبل الانتخابات واقعا بعدها أيضا خلال عمل الساسة والمشرّعين.
وبالرغم من أن اللوبي الديمقراطي الجديد الداعم للاحتلال يزعم أنه يسير على خط الحزب، إلا أنه قام بضخ أموال دعما لسياسات يمينية، وأنفق نحو 800 ألف دولار على إعلانات ضد السيناتور التقدمي بيرني ساندرز، ثم تحالف ضده مع "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية"، المعروفة اختصارا بـ"آيباك".
وبحسب الإنترسبت، فقد أدى دخول "الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل" إلى سباق وارنوك إلى إضعاف أي احتمال بأن يشكل الأخير صوتا تقدميا إضافيا ضد الاحتلال في الكونغرس، "لكن الاتجاه السائد بين الناخبين الديمقراطيين يتحرك في الاتجاه المعاكس"، وسيتعين على الساسة اللحاق بالركب في نهاية المطاف.
وينقل التقرير عن بيث ميلر، المسؤولة في منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام، قولها "إن مستقبل الحزب الديمقراطي يتمثل في وضع شروط على التمويل العسكري لإسرائيل، وفي النهاية قطعه تماما".
وأضافت: "إن مستقبل الحزب الديمقراطي يتمثل في دعم الحقوق الفلسطينية -إن لم يكن لسبب آخر غير أن القاعدة الديمقراطية تدعم بشكل ساحق الحقوق الفلسطينية- والاستفادة من تمويلنا العسكري؛ لضمان عدم اضطهاد الحكومة الإسرائيلية للفلسطينيين".
وتابعت: "ولذا، فهي مسألة وقت قبل أن يتعرف الحزب على قاعدته الشعبية، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت للوصول إلى هناك، لكن هذا سيحدث".
"عربي21" تكشف قساوة مركز "المسكوبية" الإسرائيلي للتحقيق
الديمقراطيون نحو إنجاز تاريخي بانتخابات الثلاثاء التكميلية للشيوخ
"فتيان التلال".. مستوطنون يتصدرون سرقة أراضٍ فلسطينية