في الوقت الذي تسيطر فيه الشركات الإماراتية على قطاعات واسعة من الاقتصاد المصري بينها القطاع الطبي وشراكات عديدة مع صندوق مصر السيادي؛ تعتزم أبوظبي الاستحواذ على شركات مملوكة للجيش عاملة بقطاع البترول والغاز.
وكشفت وكالة بلومبيرغ الأمريكية، أن شركة بترول أبوظبي "أدنوك" تتفاوض مع الصندوق السيادي المصري لامتلاك حصة بشركة "وطنية للبترول" المملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة.
وتنتج "أدنوك" معظم نفط الإمارات -ثالث أكبر منتج للنفط بمنظمة أوبك- وقالت الشركة في وقت سابق إنها تريد التوسع في مصر، وإذا تمت الصفقة فستكون جزءا من منصة استثمار مشتركة بقيمة 20 مليار دولار بين شركة "أبوظبي للتنمية القابضة"، والصندوق السيادي المصري، حسب مصادر بلومبيرغ.
وكان الصندوق السيادي المصري قد أعلن في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2020، طرح 10 شركات تابعة لجهاز الخدمة الوطنية التابع للجيش المصري، بحصصها الكاملة بالبورصة المصرية وترويجها للمستثمرين.
وجاء الطرح الأول لشركة "الوطنية للبترول"، التي توزع الوقود بـ200 محطة بأنحاء مصر، والوطنية لإنتاج وتعبئة المياه (صافي)، التابعتين لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية الذي يمتلك 30 شركة بقطاعات البناء والأغذية والتعدين والبتروكيماويات.
"استحواذ لا إنتاج"
وحول دلالات تسلل الإمارات لشركات الجيش بعد كل استحواذاتها السابقة، قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله: "هناك مجموعة ملاحظات على الاستثمارات الإماراتية بمصر؛ أهمها أنها لا تأتي بشيء إنتاجي جديد على الإطلاق، ولا توجد لها استثمارات إنشائية بل تلجأ للاستحواذ على استثمارات قائمة بالفعل".
وأوضح ذكر الله خلال حديثه لـ"عربي21"، أن الإمارات تقوم فقط، بـ"إحلال الملكية محلها فقط، ولا تقيم ولا تستثمر ولا تنشئ استثمارات وإنما نقل للملكية يفقد الهدف الرئيسي من الاستثمار الأجنبي وهو إنشاء شركة مشروعات إنتاجية أو نقل تكنولوجيا أو توفير فرص عمل للمصريين".
وأضاف: "الملاحظة الثانية هي أن الاستثمارات الإماراتية نوعية؛ بمعنى أنها ذات خطة مسبقة، وعندما دخلت القطاع الطبي بمصر نزلت عبر خطة مفادها السيطرة على قطاع كبير منها ما بين مستشفيات ومجموعة صيدليات ومعامل تحاليل وغيرها من مكونات القطاع".
وتابع: "وبالتالي إذا ما حاولنا نقل هذا التحليل إلى محاولة الإمارات التدخل عن طريق شراء شركة وطنية فسنجد أنه مقدمة لنفس الأمر وهو الاستيلاء على بعض القطاعات الهامة بالاقتصاد الوطني".
وأشار ذكر الله، إلى "أهمية شركة وطنية في توزيع البنزين والسولار والغاز الطبيعي، وكونها تستحوذ كشركة مملوكة للجيش على نسبة لا يستهان بها من محطات إمداد الوقود والغاز التي تمول القطاعين العام والخاص والمجتمع المصري بمختلف شرائحه".
ويرى أن "استيلاء الإمارات على هذه الحصة المهمة من الإمداد والتوريد لمشتقات البترول المختلفة يعتبر جزءا لا يستهان به من الأمن القومي المصري؛ فلو توقف أو تم التلاعب به فسيكون مشكلة كبيرة".
وأوضح أن "ما وقع خلال ثورة يناير 2011، بفرض حظر التجول وقيام تلك الشركات بدور مهم، وأيضا وقت اختفاء البنزين المسبب قبل إرهاصات الانقلاب العسكري منتصف 2013، قامت تلك المجمعات بدور مهم في توفير الوقود والطاقة للمصريين".
وقال ذكر الله، "المشكلة ليست فقط حصول الإمارات على هذه المجمعات، وإنما أيضا هو بداية لتغولها المعتاد هنا على قطاع البترول"، مؤكدا أن "هاتين الخاصتين اللتين تدخلت بهما الإمارات تقودان إلى الإضرار بالأمن القومي المصري".
وتابع: "الإمارات لا تنتج جديدا يدخل تحت دائرة الإفادة والاستفادة من الاستثمارات الأجنبية، وأيضا تقوم بخطط مسبقة للاستيلاء على قطاعات بعينها ذات أهمية للأمن القومي المصري".
وعلى الجانب الآخر يرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب، أنه "رغم ما يثار حاليا من وجود ضغوط على مصر لانتهاج برنامج جديد للخصخصة، فإن التصريحات الحكومية تنفي إقدام مصر على تنفيذ مثل هذه الخطوة بالقريب المنظور".
وأكد عبد المطلب خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "مصر تبحث عن استثمارات جديدة تضخ أموالا بالاقتصاد المصري، والإمارات لديها أموال تحاول استثمارها بقطاعات تولد أرباحا، والاستثمار بمصر يحقق للإمارات الربح الذي تسعى إليه، ويحقق لمصر زيادة الاستثمار الذي تسعى إليه".
وبشأن احتمالات انتقال تلك الشركات إلى شركاء إسرائيليين عبر الشراكات الإماراتية مع الكيان إثر التطبيع، يعتقد عبد المطلب، أن "هناك كما كبيرا من المصالح المشتركة بين مصر والسعودية والإمارات وإسرائيل".
وأضاف أن "هناك اتفاقية تجارة للغاز بين مصر وإسرائيل والتي تم التسويق لها باعتبارها فرصة لتحقيق أرباح خيالية بالتعاون بين مصر وإسرائيل، وهناك الحديث عن ضم الإمارات لمنتدى غاز المتوسط".
وأردف: "لذلك فإن التخوف من وجود مستثمرين إسرائيليين في مصر لم يعد ينظر إليه كما كان ينظر إليه بالسابق".
"ستار شركات صهيونية"
الأكاديمي المصري عادل دوبان، أعلن عبر صفحته بـ"فيسبوك"، مخاوفه من التغول الإماراتي، قائلا: "بعد أن أتم المال الخليجي سيطرته على القطاع الطبي الخاص بمصر بالاستحواذ على مستشفيات ومعامل تحاليل ومراكز أشعة، لم تتوقف شهيتهم وجاء الوقت لشراء شركات أخرى عاملة بقطاع البترول والغاز".
وتابع: "المال الخليجي يشتري مصر قطعة بعد أخرى؛ وقريبا سيعلن اسم المشتري لأكبر مبنى حكومي (مجمع التحرير)، وسط القاهرة".
وأكد أن "هناك تخوفا كبيرا من أن تكون تلك الاستثمارات الإماراتية الواسعة بمصر والتي تغلغلت بكل القطاعات الاقتصادية، ما هي إلا ستار لشركات صهيونية أو متعددة الجنسيات، لإعادة تملك الاقتصاد المصري الذي خرجوا منه في الخمسينات، ومن ثم امتلاك القرار السياسي المصري الذي بات رهينة تحت أيديهم".
ارتفاع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 6.3 بالمئة
مصر تبيع أذون خزانة لأجل عام بمليار دولار
ماذا يعني هبوط ميزان المدفوعات في مصر 950 بالمئة؟