قضايا وآراء

محمد رمضان.. من "نمبر وان" إلى القاع

1300x600
نمبر وان، البرنس محمد رمضان، ذهب ليُكرم في دبي عن "مسلسل البرنس" كأفضل مسلسل لعام 2020 ليعود خائباً ملطخاً بعار التطبيع، ففلسطين القضية الأولى ترفع من يرفعها وتذل من يحاول تهميشها.

رمضان تلقى صفعة قوية من جمهوره بصفة خاصة ومن المصريين عامة بعد رقصة أداها مع أغنية عبرية عن حيفا المحتلة، وصورة غبية التقطها مع مغن شهير لدى دولة الاحتلال. والصورة والأغنية طبعا في دبي، حيث يحاول حكام الإمارات رسم علاقات طبيعية مع الاحتلال الغاصب.

بوابة الفن تمثل المدخل الأبرز لذلك، لما يحظى بِه الفنانون من شعبية كبيرة بين جماهيرهم - بغض النظر عن محتوى الفن الذي يقدمونه - لا ننسى هنا كيف ضغطت أبو ظبي على الفنان الفلسطيني محمد عساف (ولا زالت) لانتزاع موقف منه يؤيد فيه تطبيعها، وهو معاقب من الظهور فنيا إثر رفضه ذلك، وقد آزرها نتنياهو بمنع دخول عساف لفلسطين المحتلة.

ميزان الحرارة العربي كان ولا زال ساخنا في رفض التطبيع ولفظ المطبعين. نذكر كيف قامت الدنيا ولم تقعد على المغني صابر الرباعي بعد صورة له مع ضابط في جيش الاحتلال، وكذلك الحال مع المغنية حليمة بولند بصورة لها مع شابات تابعات لدولة الاحتلال.

القاسم المشترك لهؤلاء الفنانين كان عدم معرفتهم، وهو جهل لا يعذرون بِه إن افترضنا صدق ادعائهم، ولا معنى لأن ترفع علم فلسطين وتلوح بِه في النهار وقد رقصت في الليل على دماء أطفال فلسطين بمعيّة الاحتلال ومؤيديه.

أكبر استنكار لفت الانتباه في قصة رمضان كان بتوقيع فنون ابنة الفنان الراحل سعيد صالح وهي تقول: "كويس أنه بابا مات طبيعي وإلا كان مات مقهور على نفسه إنه اكتشفك، لأنه كان طالع فيك السماء". ثم تابعت: "هاڤا ناجيلا إيه اللي بترقص عليها. جاك 60 هاڤا ناجيلا على دماغك يا بعيد".

نقابة المهن التمثيلية علّقت عضوية رمضان وأوقفت تصوير مسلسله الجديد لحين انتهاء التحقيق، أما نقابة الصحفيين المصريين فحظرت نشر صوره وأخباره في الصحف والمجلات، في ترجمة حقيقية لضمير الشعب المصري الحي والنابض بالوطنية.

رمضان بتصرفه الساذج أظهر لنا عظمة شعب مصر؛ الذي مهما عصفت به رياح الدكتاتورية يبقى أبيا شامخا في رفض التطبيع مع الاحتلال الغاصب أو الانبطاح له.

لا أتفق هنا مع من يقلل من أهمية موقف محمد رمضان بالإشارة لهبوط المستوى القيمي والفني لأعماله، فالفكرة أكثر ارتباطا بنجوميته وحضوره الكبير في أوساط الشباب لا بطبيعة الفن الذي يقدمه، وعليه كان الاستنكار واجبا والتعليق عليه ضروريا، وغدا لازما علينا رفع القبعة احتراما للشارع المصري على موقفه المميز والذي فاق توقعات أكثر الناس تفاؤلا بالشارع.

وهذا دفع مغنية تابعة للاحتلال اسمها نعوم شوستر لتقول: "إن ما تعرض له المطرب محمد رمضان بعد لقاء المطرب الإسرائيلي عومر أدام يمثل فضيحة لإسرائيل ودعايتها؛ ويدل على أن العرب لن يرحبوا بِنَا ما لم تتحقق المساواة والسلام للفلسطينيين". لقد فهمت شوستر الدرس، وأعتقد أن الرسالة وصلت فكل هذه الاتفاقيات مع الاحتلال الغاصب لا تساوي الحبر الذي وقعت بِه.

المؤسسات النقابية المصرية يمكن أن ترفع العقوبات عن محمد رمضان، ففي النهاية قرارها ليس بيدها في ظل نظام السيسي، ولكن الشعوب لا ترحم ومحمد رمضان بعد هذا الموقف لن يعود كما كان قبله، وقد أصبح عبرة لمن بعده.