ملفات وتقارير

هل يمثل فوز بايدن أملا جديدا للمعارضة في مصر؟

قال عنه الرئيس الأمريكي المنتخب، في حزيران/ يونيو الماضي: "لا مزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل"- جيتي

تبدو تعليقات عدد كبير من المعارضة المصرية متفائلة بفوز الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وخسارة الرئيس الحالي، الجمهوري دونالد ترامب، الذي يتهم بغض الطرف عن زعماء "ديكتاتوريين" في المنطقة.

 

ويطرح ذلك أسئلة عن مدى جدية بايدن في تبني سياسة جديدة، تشمل وضع حد لنظام عبد الفتاح السيسي، الذي قال عنه الرئيس الأمريكي المنتخب، في حزيران/ يونيو الماضي: "لا مزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل".

 

إعادة التوازن


وفي حديث لـ"عربي21"، رأى مساعد وزير الخارجية الأسبق، عبد الله الأشعل، أن "فوز بايدن قد يعني أزمات في العلاقات مع مصر والسعودية والإمارات حول ملفات حقوق الإنسان".

وأشار الأشعل إلى احتمال أن "يعيد بايدن واشنطن إلى حالة من التوازن في كل الملفات". مضيفا: "إذن، لنعتبر هذا دعما للمعارضة".

 

واستدرك السياسي المصري بالقول: "لكن في النظم الشمولية والدول المافياوية، لا مكان للمعارضة النظامية".


وتابع بأنه إذا كان حلم معظم المعارضين فقط تخفيف القبضة الأمنية، وخروج المعتقلين من السجون، فإن "إعادة بايدن رسم خرائط العلاقات في المنطقة لا شك سيؤثر سلبا أو إيجابا على ملفات المعتقلين في مصر".

وانتقد الأشعل ربط المعارضة أحلامها برئيس أمريكي يأتي ورئيس آخر يغادر، وذهب لأكثر من ذلك بالقول: "لا توجد معارضة مصرية حقيقة، ولو دخلت جماعة الإخوان المسلمين على الخط مع بايدن، فقد يفسد كل شيء".

لا تغيير استراتيجي


أما الأكاديمي المصري، ممدوح المنير، فقد أكد أن "الرئيس في النظام الأمريكي يمثل السياسة الأمريكية، لكنه لا يصنعها، نعم يساهم فيها، لكن المؤسسات السيادية، كالأجهزة الأمنية والكونغرس ومجلس الشيوخ واللوبيات، كلها تصنع السياسة الأمريكية؛ وبالتالي لا أتوقع تغييرا في القضايا الاستراتيجية لمصر والمنطقة العربية".

وفي حديث لـ"عربي21"، أضاف ممدوح، وهو مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية بإسطنبول: "لا ننسى أن بايدن كان نائب أوباما 8 سنوات، وفي عهده حدث الانقلاب وكل مجازر السيسي، ولم تصدر سوى إدانات إعلامية، دون محاسبة حقيقية على هذه الجرائم، بل لا يتخيل أن يقوم السيسي بها دون ضوء أخضر من البيت الأبيض".


ويعتقد المنير أن "بايدن سيركز على تحسين صورة أمريكا، التي شوهها ترامب من خلال التصريحات، وتحسن طفيف في ملف حقوق الإنسان، دون اهتمام بجذور الإشكاليات".

 

وأضاف أن "المعارضة التي تنتظر حلا من البيت الأبيض لأزمتها تتصف بالحمق، ولا تليق بالشعب المصري؛ فالعالم يحترم الأقوياء، كن قويا في إدارتك للصراع، وستجبر بايدن وغيره على التفاهم والجلوس معك، غير ذلك فالسيسي، الكنز الاستراتيجي للكيان الصهيوني، مستمر معنا حتى يفقد كل أوراقه التي يشتري بها بقاءه من واشنطن وتل أبيب".

"شروط بايدن"

من جانبه، قال البرلماني المصري السابق محمد عماد صابر، إن "السياسة الخارجية الأمريكية لا يضعها الرئيس، إنما تضعها المؤسسات والأجهزة السيادية، وهي شبه ثابتة تجاه إسرائيل حماية لوجودها وحدودها، وتجاه المنطقة عموما، باعتبارها أسواقا لبيع إنتاجها من السلاح ومصدرا للبترول".

عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري السابق، أضاف لـ"عربي21" : "لكن يختلف الرؤساء الأمريكيون عن بعضهم في التنفيذ، فمنهم كرؤساء العصابات مثل ترامب، ومنهم رجال الدولة مثل بايدن".

وتوقع صابر أن يشترط بايدن بعض الشروط على السيسي، خاصة في مجال الحريات، والنشاط السياسي، وحقوق الإنسان، مقابل المعونة الأمريكية لنظامه".

وأشار إلى وجود "تواصل بين بعض عناصر المعارضة المصرية في الخارج، وبين بايدن والحزب الديمقراطي"، خاتما بقوله: "وفي الأخير، كل ما سبق عوامل مساعدة، ويبقى العامل الأساسي هو حركة الشعب".

أما السياسي المصري، محيي عيسى، فقال: "لا شك أن أي تغيير في الوضع الحالي بمصر أفضل من حالة السكون، لكن يتوقف التغيير الإيجابي على أمرين، الأول: مدى قوة تأثير بايدن في الوضع الخارجي؛ لأنه يمكن أن يشغله وضع الداخل عن قضايا الخارج".

عيسى، بحديثه لـ"عربي21"، أوضح أن "الأمر الثاني يتعلق بالمعارضة نفسها، من حيث وجودها من عدمه، ومن حيث القوة والضعف، والوحدة والفرقة".

وأضاف: "في النهاية، لن نلمس تغييرا فعليا ما لم يكن هناك تغيير حقيقي عند القوة المعارضة والقوة الإسلامية، فمن لم يملك تغييرا داخليا لن يكسب احترام الآخرين ودعمهم".

وأعرب عيسى عن مخاوفه من أن "يكون الرهان على بايدن، كرهان الغريق الذي يتعلق بقشة، لا هي أنقذته ولا هو تعلق بها، فالفاشل دائما من يرهن نجاحه بفشل غيره أو نجاحه".

وأكد أن ربط المعارضة أحلامها برئيس أمريكي يأتي ورئيس آخر يغادر هو عجز وضعف"، مشيرا إلى أن "المعارضة بالخارج طوال ٨ سنوات منقسمة ومتناحرة، ولم تحقق أي مكاسب، لا على المستوى الإقليمي ولا العالمي، رغم توفر كل الظروف والدعم لها".

وقال: "المعارضة الآن تريد أن تقول إنها حققت نصرا بسقوط ترامب، وكأنها لعبت دورا في نجاح بايدن، لكن بعيدا عن المعارضة وفشلها، يمكن أن تستغل هيئات حقوق الإنسان تواجد ٦ نواب مسلمين في الكونغرس، ومع وجود بايدن، بقضية المعتقلين، ووقف الإعدامات، ومحاولة تصفية قضية الاختفاء القسري، فهذا هو واجب الوقت".

"هذا ما يقلق"

الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، السيد أبو الخير، قال: "لا أعتقد أن يكون فوز بايدن أملا للمعارضة المصرية؛ لأن الانقلاب في مصر حدث في عهد الديمقراطي باراك أوباما، بل وتم بتخطيط ورعاية أمريكية".

ورأى أبو الخير في حديثه لـ"عربي21"، أن "المقلق هنا أن الديمقراطيين يركنون على حماية حقوق الإنسان والديمقراطية لتنفيذ وحماية مصالحهم، لأن الجمهوريين يأخذون القوة آلية ووسيلة لتحقيق مصالحهم، أما الديمقراطيون فيدسون السم بالعسل".

وتوقع الأكاديمي المصري أن "يتم التركيز على حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر، ما يسمح ببعض حرية الرأي، وما دفع قادة الانقلاب للإفراج على عدد لا بأس به من المعتقلين".