تعددت الأسماء والحرب واحدة
فهي في مصر "حرب أكتوبر"، وعند سوريا "حرب تشرين"، وعند البعض" حرب رمضان" لأنها وقعت في شهر رمضان المبارك، وعند الإسرائيليين "حرب يوم الغفران/كيبور" وهو يوم "مقدس" عند اليهود ووقعت الحرب في نفس اليوم.
وكانت الحرب محاولة من العرب للرد على الهزيمة التي لحقت بالأمة العربية عام 1967 حين هزمت 3 دول عربية، هي مصر وسوريا والأردن واحتلت فيها الضفة الغربية والجولان وغزة وشبه جزيرة سيناء.
كانت الحرب مفاجأة شبه تامة بالنسبة لدولة الاحتلال "فقد تأخرت عملية الإنذار حول نشوبها مما جعل التعبئة المنتظمة لقوات الاحتياط في ساعة الصفر أمرا مستحيلا" بحسب موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية.
وحقق الجيشان المصري والسوري إنجازات هامة في المرحلة الأولى للحرب التي بدأت في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973، فاجتاز الجيش المصري قناة السويس وانتشر على امتداد الضفة الشرقية من القناة. أما الجيش السوري فاجتاح هضبة الجولان واقترب من بحيرة طبريا.
لكن بعد تجاوز الجيش الإسرائيلي للمفاجأة عاد وأمسك بزمام الأمور فعلى الجبهة المصرية تمكن من فتح "ثغرة الدفرسوار" وعبر للضفة الغربية للقناة، وضرب حصارا على الجيش الثالث الميداني المصري ولكنه فشل في تحقيق أي مكاسب إستراتيجية سواء بالسيطرة عل مدينة السويس أو تدمير الجيش الثالث.
وعلى الجبهة السورية تمكن من رد القوات السورية عن هضبة الجولان.
وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في ذلك الحين في الحرب بشكل غير مباشر حيث زود الاتحاد السوفيتي بالأسلحة سوريا ومصر، بينما زودت الولايات المتحدة "إسرائيل" بالعتاد العسكري.
ودخلت هذه الحرب تاريخ الاحتلال كـ"إخفاق خطير" بسبب المفاجأة وعدم الاستعداد فقد كانت مكلفة بالنسبة للجيش الإسرائيلي بعد مقتل 2.688 جنديا إسرائيليا.
واتهمت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بالعجز عن توفير الإنذار في الوقت المناسب، وشكلت المفاجأة المصرية والسورية في شن الحرب صدمة في "إسرائيل" أدت بعد الحرب إلى استقالة حكومة غولدا مئير، بفعل الضغط الجماهيري، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية عرفت باسم "لجنة أغرونات"، أوصت بإقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) إيلي زعيرا، وقائد المنطقة الجنوبية، وحملت الجنرال شموئيل غونين، مسؤولية عدم إعداد القوات ونشرها في سيناء رغم وصول إنذار لشعبة الاستخبارات حول نية مصر شن هجوم بري. واضطر رئيس هيئة الأركان دافيد العازار ورئيس هيئة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي إلى الاستقالة.
وأسقطت خلال الحرب طائرات إسرائيلية عديدة بعد تعرضها لإطلاق صواريخ روسية الصنع من طراز "سام"، وخرج الخبراء العسكريون يومها بتحليل يقول إن أيام الدبابات ولت بعد تعرضها لإصابة صواريخ "ساغِير" وقذائف "أر بي جي" تطلقها قوات المشاة، فمن ضمن 265 دبابة إسرائيلية في النسق الأول لم تبق إلا 100 دبابة صالحة للخدمة.
وطالت فترة الحرب أكثر من الحروب السابقة لها، لأن القوى العظمى أمدت حلفاءها بالأسلحة، كما أن دعوة الأمم المتحدة إلى وقف القتال تأخرت حتى 22 تشرين الأول/ أكتوبر، وارتبطت بالقرار 338 الذي يدعو إلى حل عادل لأزمة الشرق الأوسط. ولم تكن أوروبا في منأى عن تداعيات تلك الحرب التي ارتبطت بقطع إمدادات النفط، حيث طالب وزير النفط السعودي زكي اليماني الأوروبيين بالتدخل لأن "أوروبا قادرة على المساعدة في حل هذه الأزمة".
وفي الرابع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول، وضعت الحرب أوزارها.
وأعقب الحرب توقيع سلسلة اتفاقيات لفصل القوات مع مصر ومع سوريا، وقضت هذه الاتفاقيات بتحديد مناطق لا يسمح لأي قوة بدخولها وبتحديد شريط آخر من الأرض فرضت قيودا شديدة على حجم القوات المرابطة فيه.
وشكل تمكن الجيش المصري من تحطيم خط بارليف (ساتر ترابي بنته إسرائيل على الضفة الشرقية لقناة السويس) والعبور إلى الضفة الشرقية من قناة السويس لاحقا، مبررا للرئيس المصري أنور السادات للدخول في مفاوضات مباشرة وسرية مع "إسرائيل" وصولا إلى توقيع "معاهدة سلام مصرية إسرائيلية" عرفت باسم "كامب ديفيد" في آذار/ مارس عام 1979.
وكشف رئيس الموساد الإسرائيلي الأسبق افرايم هليفي والذي شغل منصب ممثل "الموساد" في الولايات المتحدة إبان الحرب، النقاب أواخر العام الماضي عن أن صور الأقمار الصناعية الأمريكية خلال الحرب والتي أظهرت حركة المدرعات والجيوش العربية، كان لها الأثر الكبير في تحقيق الانتصار الإسرائيلي.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" قوله إنه: "في اليوم الثالث للحرب عندما كان يبدو وضع إسرائيل صعبا تلقى استدعاء من نائب رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي أي إيه) طالبه فيها بأن يوضح حقيقة وضع القوات الإسرائيلية في القتال".
يضيف هليفي أن "ما رجح كفة إسرائيل في الحرب هو قيام رئيس قسم التجسس في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جيمس أنجلتون بتزويدنا بشكل متواصل بصور الأقمار الصناعية الأمريكية التي تم تركيزها على ميادين المعارك أثناء وقوعها".
وبحسب هليفي، فقد نقلت الأقمار الصناعية صورا دقيقة لمواقع، وقال: "لقد وصلتنا معلومات هائلة بكميات كبيرة ، وهذا ما حسم الحرب".
ورغم مرور 47 عاما على الحرب إلا أن كل طرف يعتبر نفسه منتصرا، وقد دخلت هذه الحرب في الثقافة والتاريخ العربي بوصفها الحرب التي كشفت نقاط ضعف الجيش الإسرائيلي وسقوط ما روج حوله بأنه "أسطورة" لا يهزم.
صاحب أشهر صورة في الحرب
على هامش ذكرى الحرب توفي في 25 أيار/ مايو عام 2019 الجندي المصري السابق، عبد الرحمن القاضي، صاحب أشهر صورة في حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، ابن مدينة المراغة شمالي محافظة سوهاج، الواقعة جنوبي مصر.
والقاضي، أحد مقاتلي الكتيبة 212 دبابات في فرقة 19 مشاة، وهو صاحب أشهر صورة في حرب تشرين الأول/أكتوبر، وظهر خلالها رافعا سلاحه مبتهجا بالنصر، وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية حينها على نطاق واسع، وأصبحت إحدى أيقونات تلك الحرب.
وذكرت وسائل إعلام مصرية أن الراحل عمل بعد الحرب موظفا في مجال التعليم، قبل تقاعده، ولديه 5 أبناء. ونقلت عن ابنته أن والدها "لم يكن مريضا وكان يتمنى أن يلقى الله في شهر رمضان الكريم الذي شهد انتصارات الجيش المصري في أكتوبر 1973".
وأضافت أن والدها "له ذكريات جميلة في حرب أكتوبر والتقط العديد من الصور في تلك الفترة، منها رفع علم مصر بعد عبور قناة السويس".
ذكرى أكثر المذابح بشاعة منذ الحرب العالمية الثانية (1من2)
"عمواس".. قرية فلسطينية ظلمها الطاعون والاحتلال الإسرائيلي
أولمبياد ميونخ 1972.. شهادات تاريخية