كشفت "القائمة الوطنية"
لانتخابات مجلس النواب
المصري المقبل عن مفاجآت تتعلق بالمرشحين، التي يقودها حزب
"مستقبل" أبرزها ترشح قاضي "سعودية" جزيرتي
تيران وصنافير على
رأس القائمة.
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات،
الإثنين، قبول ترشح أربعة آلاف وستة أشخاص لعضوية مجلس النواب على مقاعد الفردي،
وثمان قوائم على مقاعد القائمة، أبرزها "القائمة الوطنية" التي نافست
منفردة على مقاعد مجلس الشيوخ، واكتسحت مقاعد الفردي.
كانت المفاجأة الأولى، ترشح رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق، حنفي
علي جبالي، على رأس القائمة، وهو القاضي الذي أنهى المسارات القضائية كافة
المتعلقة بمصير جزيرتي "تيران وصنافير" بالبحر الأحمر، وأكد عدم تبعيتها
لمصر.
وقضى جبالي، في حكم غير مسبوق، بعدم
الاعتداد بكافة الأحكام الصادرة من القضاءين "الإداري" و"المستعجل"
بشأن الاتفاقية، وقصر سلطة الرقابة على إجراءات توقيع الاتفاقيات الدولية على
الحكومة والبرلمان قبل التصديق عليها، وعلى المحكمة الدستورية العليا بعد سريانها.
إلى جانب ترشح جبالي على رأس قائمة
"مستقبل وطن" مما يجعله الأوفر حظا للفوز بمقعد برلماني، فاز المستشار
عبد الوهاب الرازق، الذي سبق جبالي في رئاسة الدستورية العليا، بعضوية مجلس الشيوخ
ضمن أعضاء القائمة الوطنية "من أجل مصر"، وسط توقعات بترؤس أحدهما، أحد غرفتي البرلمان.
تاريخ سيء
في معرض تعليقه على الموضوع، قال
المستشار محمد عوض، المنسق العام لحركة قضاة من أجل مصر: "منذ
انقلاب 52
استخدمت السلطة القضاء استخداما سيئا للغاية عن طريق التنظيم الطليعي وتوجيهه
للحكم في القضايا التي ترضي السلطة وليس لهم علاقة بالعدالة، وهؤلاء ومن سار على
نهجهم كانوا بمثابة السرطان القضائي، واستمر هذا الوضع حتى جاء
السيسي وقضى على
استقلال القضاء".
وأكد في حديثه لـ"عربي21":
"السيسي يتعامل مع القضاة بسياسة العصا والجزرة، إما استمالتهم بالمكافآت
والترقيات والتعيينات خلال فترة العمل أو بعد الإحالة للمعاش من خلال مناصب سياسية
أو حكومية، وإما ترهيبهم من خلال التفتيش القضائي، وحرمانهم من تعيين أقاربهم في
السلك القضائي، وللأسف هذا المسلك من أوسع الأبواب لإفساد الحياة القضائية في
مصر".
كشف المستور
من جهته؛ قال المستشار القانوني لحزب
الحرية والعدالة، الدكتور مختار العشري: "هذا ليس بغريب؛ من ارتمى في حجر
الفساد ودخل بيت الطاعة العسكري، فلا
غرابة أن يحكم بما يملى عليه أملاً بمكافأة".
وأضاف لـ"عربي21": "الترشح
على قوائم حزب مستقبل وطن يوضح أسباب ذلك الحكم".
تسييس المحكمة
استهجن مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، محمود جابر، هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، قائلا: "إن
القضاء المصري منذ الانقلاب وحتى الآن أصبح جزءٌ كبير من قضاته تحت السيطرةِ
الكاملة للسلطة التنفيذية، والأجهزة الأمنية على وجه التحديد، ولم يعد هناك ولاء من
كثيرٍ من القضاة للعدالة والقانون، فقد
القضاة حيادهم ونزاهتهم، وذلك بسبب ترهيب النظام للبعض منهم، وترغيبه للبعض
الآخر".
وبحسب حديث جابر لـ"عربي21":
"أتى هذا بثماره؛ حيث شاهدنا صدور أحكام قاسية ومتشددة في قضايا سياسية شابها
عيوب جسيمة، بالإضافة إلى المهزلة الكبرى والانحراف القانوني التام الجلي الواضح
من المحكمة الدستورية العليا التي قامت بإلغاء أحكام المحكمة الإدارية العليا، بعدما صدعت بالحق وأقرت بمصرية جزيرتي تيران وصنافير".
وأكد أن "الدستورية العليا أهدرت
هذا الحكم، وهذا الإلغاء كان واضحًا فيه انحياز المحكمة للسلطة وليس للحق
والقانون، وهذا معروف سلفًا عن المحكمة الدستورية أنها بمثابة كيان سياسي وليس
قانونيًا قضائيًا عادلًا ينحاز للعدالة، هذا يدفع النظام في مصر لمكافأة من
يأتمرون بأمره وينفذون سياسته".
نتيجة طبيعية
من جهة أخرى قال البرلماني المصري
السابق، محمد عماد الدين: "بطبيعة الحال؛ فإن ما كشفته قائمة المرشحين
للبرلمان، ليس مفاجأة، بل نتيجة طبيعية لشكل العلاقة التي زرعها السيسي مع
القضاة، وتحويلهم من سلطة مستقلة، تُقَيِم أداء السلطة التنفيذية، لسلطة تابعة،
وتحولهم إلى ألعوبة، لا يعنيها إلا ما تحصل عليه من مكافآت وامتيازات مادية ولو
على حساب مقدرات الوطن وحقوق المواطن".
وأضاف لـ"عربي21":
"ُنذكر بأن السيسي كان قد استبق التعديلات الدستورية، برشوة عندما أصدر قرارا
بتعيين 341 معاونًا للنيابة العامة، معظمهم من أبناء القضاة والمستشارين، وقبلها
بشهور أصدر قرارا آخر بتعيين 400 آخرين، كان معظمهم من أبناء القضاة أيضا".
واستدرك بالقول: "في المقابل توسع
السيسي، في إحالة القضاة المعارضين للانقلاب للصلاحية، وبعضهم تم سجنه، وفي
النهاية أصبح القضاة بدون صوت مسموع، وعاد نادي قضاة مصر لحظيرة الدولة مرة أخرى
كما كان قبل عشرين عاما، وفقد القضاء استقلاليته، بسبب سياسة الرشاوى التي يتبعها
النظام الانقلابي".