أكد خبراء
مصريون أن هناك تداعيات سلبية لقرار عدم منح السوريين
المقيمين بمصر تراخيص فتح محلات تجارية إلا بعد الموافقات الأمنية، معتبرين إياه مضرا بالمصريين
والسوريين.
وكان بيان حكومي بشأن منح التراخيص التجارية للسوريين في
مصر صدر مؤخرا، وجاء في نص البيان الصادر عن الأمانة العامة للمحليات في وزارة التنمية
المحلية: "بالإشارة إلى كتاب رئاسة الجمهورية رقم (7871) والمتضمن المذكرة المرفوعة
من مستشار السيد رئيس الجمهورية لشؤون مكافحة الفساد بشأن موقف المحال التجارية التي
يملكها رعايا الجالية السورية من اللاجئين في البلاد، حيث لوحظ قيامهم مؤخرًا بافتتاح
سلسلة للمحلات خلال فترات قصيرة من بدء النشاط على الرغم مما كانوا يعانوه من ضعف مواردهم
المالية في بداية إقامتهم بمصر".
متابعًا: "حيث أنَّ هناك بعض التقديرات تشير إلى قيام
دولة قطر بتمويلهم من خلال جماعة الإخوان المسلمين (جماعة مصنفة في قوائم الإرهاب بمصر)،
ليكون للجماعة كيان اقتصادي جديد".
وختم البيان: "يرجى التكرم بالإحاطة والتنبيه بتنفيذ
توجيهات رئاسة الجمهورية بعدم إصدار أي تراخيص جديدة يملكها سوريون أو يشاركون في شركات
تملكها إلا بعد الحصول على موافقة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية".
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى وجود 30 ألف مستثمر سوري
مسجل لدى السلطات في مصر، وبحجم
استثمارات يقدر بنحو 800 مليون دولار منذ العام
2011، فيما يبلغ عدد السوريين المسجلين في قوائم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في
مصر نحو 130 ألفًا، من مجمل 250 إلى 300 ألف سوري تشير التقارير الحكومية إلى تواجدهم
في البلاد.
وعبر سوريون مقيمون بمصر عن غضبهم من هذا القرار.
أبو محمد أحد المشاركين مع سوريين في مطاعم سورية قال لـ"عربي21"
إن القرار سيلحق ضررا اقتصاديا كبيرا به وبشركائه لأنه سيمنعهم من توظيف أموالهم وخلق
فرص عمل بدلا من أن يكونوا عبئا على أشقائهم المصريين.
أما بسام، صاحب أحد المقاهي، فأعرب عن استغرابه من مسألة
اتهام السوريين بالتعاون مع دول وكيانات، مؤكدا لـ"عربي21" أن أعدادا كبيرة
من السوريين بمصر لا علاقة لهم بالسياسة، وليس بالضرورة كلهم معارضون لبشار الأسد.
"انتشار البطالة"
وفي تعليقه قال الخبير الاقتصادي أحمد خزيم إن مثل هذه
القرارات "لها آثارها السلبية على الإخوة السوريين؛ فمنعهم من استثمار أموالهم
سيجعلهم عاطلين عن العمل، وغير قادرين على الإنفاق على أسرهم، ومن جهة أخرى قد يتضرر
الاقتصاد المصري، فمنع تلك الاستثمارات يصيب الأسواق بحالة من الكساد ويؤدي إلى مزيد
من الخسائر، ويسهم في عجز الموازنة".
وأضاف خزيم في حديثه لـ"عربي21": "هناك جوانب
سلبية أخرى للقرار تتمثل في خروج الاستثمارات العربية من البلاد خاصة في توقيت صعب،
وهو جائحة كورونا، وكان الأولى الحفاظ على هذه الاستثمارات نظرا لحاجة البلد لضخ مزيد
من الأموال في السوق المصرية وليس العكس، وهنا علينا أن نقارن بين ما تفعله تركيا مع
الأشقاء السوريين ومنحهم حرية الحركة والتجارة، وهو ما يعود بآثار إيجابية على الاقتصاد
التركي، وبين هذه القرارات من جانب الحكومة المصرية والنتائج العكسية لها".
"قرارات جائرة"
من جانبه توقع الباحث مصطفى إبراهيم أن يتأثر السوريون المقيمون
في مصر "من هذه القرارات الجائرة، والتي لا تراعي الظروف العصيبة التي يتعرض لها
الشعب السوري، وخاصة أن أصحاب المشروعات منهم جمعوا مدخرات أقاربهم وذويهم لإنشاء تلك
المطاعم بعدما فروا من جحيم الأسد وبراميله المتفجرة".
وفي حديثه لـ"عربي21" أبدى إبراهيم تخوفه من أن
تؤدي تلك القرارات إلى "إحداث وقيعة أو التسبب في فتنة بين الشعبين الشقيقين المصري
والسوري، وخاصة بسبب تأثر غالبية الشعب بما يذاع ويبث في وسائل الإعلام"، موضحاً
أن هذه القرارات الجائرة تعد "استكمالاً للحملات الممنهجة لتشويه سمعة الأشقاء
السوريين والدعوة لطردهم من مصر".
"محاولة لصرف الأنظار"
أما رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري فرأى أن القرار يأتي في هذا التوقيت لسببين؛ "الأول هو إعادة
توجيه الرأي العام المصري بعيدا عن الأزمات التي تلاحق النظام داخل مصر، أما السبب
الثاني فهو فتح باب للجباية من السوريين كما فعل النظام مع أشقائهم المصريين".
وحول ما إذا كانت تلك القرارات تعد استكمالا للحملات ضد السوريين
بمصر وطردهم، والتي ارتفعت نبرتها مؤخرا، نفى خضري ذلك، وقال لـ"عربي21": "النظام في مصر
مستفيد من وجود السوريين، حيث يقدر رأسمالهم العامل في مصر بأكثر من عشرة مليارات دولار،
بخلاف التحويلات الدولارية التي تأتي من ذويهم العاملين بالخارج، ولكن الهدف الرئيسي
لنظام السيسي هو حلب أموالهم وليس طردهم وهذا يعد ضررا مباشر لهم لا يقل عن الطرد".
وأضاف: "بعد ما يقارب الـ9 سنوات على بداية التغريبة
السورية؛ أصبح للسوريين خبرة كبيرة في التعامل مع مثل هذه القوانين في معظم دول العالم.
وهم في مصر منذ بداية الأزمة، ولديهم شبكات متعددة من العلاقات الشخصية والأسرية التي
ستمكنهم من الالتفاف على هذا القانون المجحف".
كما نفى خضري أن تؤدي هذه القرارات إلى كراهية السوريين لمصر
والشعب المصري، مؤكدا أنهم "يعلمون أن المصريين يعانون مثلهم من ظلم
نظام السيسي وقهره، ويرون بأعينهم ما يقع على المصريين من مظالم".