ليس بيني وبين الدكتور
عصام العريان، القيادي بجماعة
الإخوان المسلمين، الكثير من المواقف، مثل غيري ممن عرفوا الرجل وتعاملوا معه "من قريب"؛ فلا أذكر سوى ثلاثة مواقف تعاملنا فيها عن قرب.
الموقف الأول، عندما التقيته في مقر الجماعة بالمنيل، وأجريت معه حواراً صحفياً، بعد مبادرة الجماعة للإصلاح في آذار/ مارس 2004، وهجوم وزير الداخلية عليها، وكان فيه شجاعاً وهو يقول إنه ليس من سلطة وزير الداخلية تقييم المبادرات السياسية.
والموقف الثاني، عندما تعرضت قبل هذا اللقاء بخمس سنوات لاعتداء من قبل مليشيات نظام مبارك، وقد اتصل بي هاتفياً مطمئناً علي، متمنياً لي السلامة.
أما الموقف الثالث، فلم يكن سوى حديث عابر عن الحال والأحوال عندما جمعنا مصعد نقابة الصحفيين، وقد تصافحنا بمجرد أن وصل المصعد للطابق الأرضي وانطلق هو إلى خارج المبنى.
وهو تعامل لا يمكن للمرء فيه أن يكوّن صورة للعريان الإنسان؛ كتلك التي يكونها الناس بعد علاقة مباشرة ومعايشة طويلة، لكني بطبيعة الحال، تابعت مسيرته وتحولاته، لا سيما بعد الثورة، وعلى وجه الخصوص في فترة حكم
الرئيس محمد مرسي، لأسباب سيرد ذكرها بعد قليل!
لقد بدأ الدكتور العريان الحياة العامة مبكراً، كرئيس لاتحاد طلاب
مصر، ورئيس اتحاد جامعة القاهرة في فترة حكم الرئيس السادات، فكان من جيل السبعينيات الذي أحدث في الحياة العامة صخباً هو وإخوانه، من أقصى اليمين لأقصى اليسار. وفي ما يختص بالمجموعة الإسلامية، فإنه يعود لهم الفضل في البعث الثاني لجماعة الإخوان المسلمين، والتي كان السادات قد بدأ في الإفراج عن قياداتها، وخرجوا من سجونهم القاسية غرباء عن المجتمع، فكان هؤلاء الشباب هم أكسير الحياة لجماعة بدت أنها انتهت بالضربات الأمنية التي تلقتها على يد النظام الناصري!
وكان العريان ومعه مجموعة من رموز الحركة الإسلامية بجامعة القاهرة، مثل عبد المنعم أبو الفتوح وحلمي الجزار، قد أخذوا على عاتقهم إقناع شباب الحركات الإسلامية بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين.
وفي الحوار الصحفي الذي أجريته معه، قال إنهم وجدوا مشقة في إقناع "الصعايدة"، وبعد ليال طوال من النقاش، قالوا لنا: حتى لو اقتنعنا بأن الجماعة عظيمة فلن ننضم إليها! فلما سألته عن سبب ذلك، أجاب بأنها حالة نفسية.
ولم يخرجوا من هذه المناقشات الطويلة مع رموز الحركة الإسلامية من أهل الصعيد إلا بإقناع محيي الدين عيسى من محافظة المنيا. وما لم يقله لي أن من انضم بعد ذلك من طلاب الحركة الإسلامية للإخوان، ربما بدون أن يكونوا هم سبباً في إقناعه، هو أبو العلا ماضي.
ومن سخريات القدر، أن هذه المجموعة بدأت في التسرب من الجماعة واحداً تلو الآخر، لسبب أو لآخر، فخرج عبد المنعم أبو الفتوح، وخرج أبو العلا، كما غادر محيي الدين عيسى الجماعة، وربما لم يبق منها سوى
عصام العريان لآخر يوم في حياته، وأمير أمراء الجماعة الإسلامية حلمي الجزار الذي اختصه السادات بوابل من الهجوم في خطابه بعد اعتقالات أيلول/ سبتمبر 1981، فارتفعت نجوميته في الشارع، وهو الشاب صغير السن، وقد تساوت الرؤوس بينه وبين رئيس الدولة وفق التقاليد العسكرية؛ فعندما ترتفع الأيدي تتساوى الرُتب!
التهميش:
وإذ تمكن الجزار من الهروب للخارج بعد سنوات السجن عقب الانقلاب العسكري، فقد جرى تهميشه "دوراً وإقامة"، وهذه هي محنة هذا الجيل الذي تأكدت زعامته بدون التنظيم الذي له قيمه الخاصة، ويقلقه الزعماء ويزعجه النجوم ويربكه أن يعلو الشخص على الفكرة، أو تكون له شخصيته المستقلة. وظل التنظيم ينسب هؤلاء إلى عمر التلمساني، المرشد العام الثالث للجماعة، وليس للجماعة، وعلى أساس أنهم لم يمروا بإجراءات الانخراط المعروفة نظراً لظروف المرحلة التي انضموا فيها للإخوان مهما كان لهم من فضل!
لقد تبنى التلمساني هؤلاء الشباب، ووجد في نجوميتهم إضافة للجماعة، ولم يجد في طموح بعضهم ما يزعجه ويقلقه، ربما لأنه وجد فيهم "عزوته"، في جماعة تدار بواسطة مرشدين أحدهما يملك ولا يحكم، والثاني وهو كمال السنانيري هو من يدير وإليه يرد الأمر كله.
ولم يجد التلمساني مشكلة في طموح مختار نوح الذي بشره وهو الشاب الصغير بأنه بعد عشر سنوات، إن لم يصبح المرشد العام للجماعة فسوف يكون نقيب المحامين، ولم يتحقق شيء من هذا، فقد مات التلمساني وضاقت الجماعة بنجوميته، ولم تقبل منه نغمة: أنا المسؤول عن هذا التواجد للجماعة في نقابة المحامين. فقد جمدوا عضويته ودفعوا باثنين غير معروفين تماما، هما جمال تاج ومحمد طوسون، لإدارة الملف، وهما يفتقدان للكاريزما وللحضور، فقط لإثبات أن الفضل كله للجماعة وليس لشخص مختار نوح، وقد حققا نجاحا في انتخابات المحامين لم يحققه نوح بنجوميته وألمعيته!
إن "مجموعة التلمساني" هي التي حققت حضورا غير مسبوق للإخوان في نقابة المحامين، فكان أبو الفتوح
والعريان في الأطباء، ومختار نوح في المحامين، وأبو العلا ماضي في المهندسين، وهو ما مثل قيمة مضافة للجماعة، من حيث التواصل مع الآخر، وإن كان هؤلاء جميعا ظلوا حالة نقابية، رغم تأسيس أبو العلا ماضي حزبا سياسيا في وقت لاحق، وترشح عبد المنعم أبو الفتوح لرئاسة الجمهورية بعد الثورة، في حين تقوقع مختار نوح بداخله مشغولاً بفكرة الانتقام لشخصه والبحث عن ما يمكنه من حظ الدنيا؛ إن لم يكن أبو الفتوح فأحمد شفيق هو البديل، وإن لم يكن سامح عاشور فليكن رجائي عطية. وهو في مرحلة الإخوان وإن كان لم يجد نفسه ضمن أية حسابات سياسية، فإن عصام العريان كان عابرا للعمل النقابي إلى مجال
السياسة العام، بعد أن أثبت وجودا فيه وكانت البداية في عضوية البرلمان في سن مبكرة!
عنوان للإخوان:
لقد كان أصغر نائب في برلمان سنة 1987، وإذا كان
مختار نوح تزامل معه في المجلس، وتحققت نجوميتهما على مستوى القطر المصري بأدائهما المتميز، لا سيما في معارضة وزير الداخلية الأسوأ في تاريخ مصر اللواء زكي بدر، فإنه بحل البرلمان في سنة 1990، انكمش نوح ليصبح في حدود نقابة المحامين، بينما تمدد عصام العريان، الذي كان على تواصل مع قادة الأحزاب السياسية، ومثل جزءاً من الحالة السياسية، وعنواناً مهما لجماعة الإخوان، ومن هنا كانت أزمته!
إنه عنوان في تنظيم لا صوت فيه يعلو على صوت الجماعة، ولا عنوان ينبغي أن يكون بارزاً إلا عنوان واحد هو اسم التنظيم، ثم المرشد العام ليس لشخصه ولكن لمنصبه!
لقد قاطعت جماعة الإخوان ضمن أحزاب سياسية الانتخابات البرلمانية في سنة 1990، لأنها طالبت النظام بضمانات لنزاهتها، وظن مبارك أنه قادر على إقناع الأحزاب بالعدول عن قرارها بدون أية ضمانات. ومبلغ علمي أنه اتصل هاتفياً بمصطفى كامل مراد، رئيس حزب الأحرار، الذي أبلغه بأنه قرار أحزاب المعارضة ولا يمكنه أن يتخذ قرارا منفرداً بالتراجع، فأراد مبارك أن يحسمها من "الكابل الرئيس"؛ فقد كانت اللقاءات في مقر حزب الوفد، وكانت الفكرة للدكتور وحيد رأفت نائب رئيس الحزب، فالتقى برئيس الوفد فؤاد سراج الدين وفشل في إقناعه بالتراجع!
وخاض الإخوان الانتخابات التالية في أعوام 1995، 2000، 2005، 2010، ولم يخض عصام العريان أياً من هذه الانتخابات، ليس فقط لأنه كان حين إجراء بعضها معتقلاً، ولكن لأنه بدا لي أن هناك اتفاقا مع النظام على عدم ترشيح من سبق له الفوز في انتخابات سابقة، لعدم تراكم الخبرة البرلمانية، أو لعدم صناعة الزعماء السياسيين، ولم يخرج على هذا سوى نائب محلي في الصعيد هو الشيخ محمد عبد الرحمن، وحالفه الحظ في المرتين ونجح، فضلا عن "علي فتح الباب" الذي كان محسوبا في المرة الأولى سنة 1995 على حزب العمل، وهو يفتقر للحضور السياسي والأداء الساخن، فموضوعه كان هو العمال باعتباره واحداً من عمال واحد من المصانع بمنطقة حلوان!
وقد ترشح المستشار المأمون الهضيبي (نائب سنة 1987) بعد ذلك وسقط، كما ترشح الدكتور محمد مرسي لبرلمان 2005 وسقط أيضاً، وكان يشغل موقع رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان في برلمان 2000!
ورغم هذا فقد كان الأداء المتميز في البرلمان سبباً في ظهور شخصيات إخوانية فرضت نفسها، في دورة واحدة، مثل محمد مرسي وجمال حشمت في سنة 2000 (رغم الفترة القصيرة التي قضاها الأخير قبل إسقاط عضويته)، والدكتور محمد البلتاجي في برلمان 2005!
ملعب العريان:
ولم يكن البرلمان يحتمل شخصية قوية كالدكتور عصام العريان، يصب بأدائه وقوته لصالح الجماعة التي كان ينعتها النظام بـ"المنحلة"، وربما تلاقت الإرادات على عدم إعادة تجربة ترشيحه لعضوية البرلمان (إرادة التنظيم مع إرادة السلطة)، فلم يكرر العريان التجربة سوى بعد الثورة، مع أن البرلمان والحياة السياسية هي ملعبه الحقيقي، لكن ليس مطلوباً لراحة كل الأطراف أن يكون في ملعبه. وكان النظام يدرك خطورته فاعتقله ست مرات بعد تجربة العضوية في البرلمان، ولن يكون مناسباً أن يكون محتميا بالحصانة البرلمانية فيصعب عليهم اعتقاله عندما يريدون!
وقد أمكن لي الوقوف على عدد عمليات الاعتقال من المتابعة، ففي المرات الأربع الأولى كنت أكتب مقالا عنه عقب اعتقاله في كل مرة، مندداً بذلك، وأتذكر المرة الأولى التي كانت في بداية التسعينيات، وكانت عقب مناظرة بيننا أجرتها محطة تلفزيونية فرنسية، وكنا بطبيعة الحال على طرفي نقيض، وبعد عدة شهور منها كان اعتقال العريان، لكني لم أكتب مع الاعتقال الخامس، والذي كان من شارع القصر العيني بعد أن غادر نقابة الأطباء سيراً على الأقدام في طريقه لنادي القضاة؛ لتأييد القضاة في مسيرتهم للشارع في معركة الاستقلال!
أما المرة السادسة فكانت ليلة جمعة الغضب ضمن عدد من أعضاء مكتب الإرشاد وعدد من أعضاء الجماعة في المحافظات، كان من بينهم الدكتور محمد مرسي وعصام العريان، ومن يمثلون الصقور في الإخوان الذين قادوا الاتجاه بأن تشارك الجماعة في الثورة، وهو القرار الذي صدر بأغلبية طفيفة!
لكن من شاهدناه بعد الثورة، لا سيما في سنة حكم الرئيس محمد مرسي، كان شخصاً آخر، أكثر حدة، ومن دعاة القطيعة، فلم يعد هو همزة الوصل مع القوى الأخرى، فقد حمل الراية الدكتور البلتاجي، وكلاهما كان يتم تهميشه داخل التنظيم الذي لا يحتمل مثل هذه الشخصيات القوية. وكانت هذه أزمة العريان التي نفث عنها في الاتجاه المعاكس، ويبدو أنها حدة مرتبطة بكل من يتعرض لمشكلات داخل الجماعة، فمهنم من ينفخ في اتجاه الجماعة ومنهم من يهاجم القوى الأخرى. انظر إلى أداء مختار نوح، وثروت الخرباوي، وكمال الهلباوي، فضلا عن الشبان الذين غادروا الجماعة في ما عُرف بظاهرة "الإكس اخوان"، يستوي لك الصف!
دولة الإخوان العميقة:
لقد كان العريان قريباً من قادة الأحزاب السياسية ومن الصحفيين، وربما كان كثير من المهتمين بملف الجماعة أو بملف الإسلام السياسي لا يعرفون عنوانا للإخوان غيره. وأذكر أننا كنا في سهرة بروف مبنى النقابة ذات ليلة صيفية، وكان الصحفيون في دهشة لأن عصام العريان ليس عضواً في مكتب الإرشاد بالجماعة. لكن جاء لها من يمثل وصلا بمرحلة عمر التلمساني، والذي لم يستمر طويلا، وهو المرشد العام الأستاذ مهدي عاكف، والذي أصر على ضم العريان لمكتب الإرشاد وقوبل طلبه بالرفض من "دولة الإخوان العميقة"، وغضب الرجل واعتكف في بيته فرضخوا لطلبه.
وإذا كان ينبغي للجماعة بعد الثورة أن تقدم السياسيين لصدارة المشهد، فقد ظل التنظيم هو المتحكم، وإذ فرضت الحالة تأسيس حزب الحرية والعدالة، فإن القرار فيه كان بيد الجماعة وفق فلسفة الاختيار لديها، حيث تفضل دائما التنظيميين على غيرهم!
وبالحسابات السياسية، فقد كان ينبغي أن يكون العريان هو رئيس حزب الحرية والعدالة، لكن رئاسته ذهبت إلى الدكتور محمد مرسي!
وبالحسابات السياسية، كان المفروض أن رئاسة البرلمان تذهب للعريان، وبعده محمد البلتاجي، فذهبت للدكتور سعد الكتاتني، ولم يكن عصام العريان حتى زعيماً للأغلبية وإنما أعطوه رئاسة لجنة الشؤون العربية.. مجرد لجنة!
وعندما دعا الداعي لخوض الإخوان انتخابات الرئاسية، كان المرشحان خيرت الشاطر والدكتور مرسي، وليس عصام العريان ولو بديلا لهما.
وعندما خلا موقع رئيس حزب الحرية والعدالة بانتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسا للبلاد، وكان من الطبيعي أن يكون الرئيس هو عصام العريان، اختارت الأغلبية منافسه الدكتور سعد الكتاتني!
وعندما تم تعيينه عضواً في مجلس الشورى، بعد حل مجلس الشعب، كان رئيس المجلس هو الدكتور أحمد فهمي مجهول النسب الإخواني ومنبّت الصلة بالحياة السياسية، والذي أثبتت الحوادث أنه اختيار خاطئ، لكنه يفسر فلسفة التنظيم في الاختيار، ليصبح العريان رئيس كتلة الإخوان، وليحتد عليه فهمي: يا دكتور عصام لقد تجاوزت الوقت المسموح لك. وهي غلظة لم يمارسها رؤساء البرلمان السابقون ضد زعيم الأغلبية من الحزب الوطني!
ولا تحدثني عن أن الأغلبية هي التي اختارت، وأنها الانتخابات، فعندما يوجد التوجيه فلا قيمة لنتائج العملية الانتخابية.
قنابل اللهب:
والحال كذلك، فقد شهدت الحياة السياسية الكثير من قنابل اللهب التي أطلقها العريان؛ ممثلة في الكثير من التصريحات العدائية في مواجهة القوى السياسية الأخرى، وضد الإمارات، وضد النائب العام، بل وضد الشيخ حازم أبو إسماعيل "فالانقلاب العسكري ليس له وجود إلا في عقل الشيخ حازم"!
إنه كان دائما سيارة إطفاء، فماذا جرى له؟
لقد كان صاحب فكرة طرق أبواب الأحزاب السياسية بوفد من مكتب الإرشاد برئاسة المرشد العام للجماعة، الأستاذ مهدي عاكف، ووقع الاختيار على أن تكون البداية بحزب التجمع اليساري الذي كان رئيسه الدكتور رفعت السعيد والذي لا يكف عن الكتابة ضد الإخوان!
إن الحدة طبع فيه، لكنه صار أكثر حدة، وتلقيت مبكراً واحدة منها!
كان أحد الزملاء يصلي معه الفجر يوميا في مسجده، وكان أحد الأحزاب قد دفع به مرشحاً على قوائم التحالف الوطني التي يعدها الإخوان، لكنهم استبعدوا اسمه من الترشيح، فوقف معه معاتباً بعد الصلاة، وكانت الإدارة بيد البلتاجي ولم تكن له ناقة ولا جمل، ولا أدري لماذا ذكر الزميل اسمي في معرض حديثه عن المستبعدين، ليرتفع صوته وهو يقول: "الغريب أن يتصور سليم عزوز نفسه مرشحاً على قوائم الإخوان"!
ونقل لي الزميل ما جرى، وقلت له إن كلامه صحيح في حالة واحدة أن تكون قائمة الجماعة، لكنهم قالوا إنها قائمة الثورة وليست قائمة الجماعة، وأنها ستضم مرشحين من 44 حزباً، وكنت مرشحاً لواحد من هذه الأحزاب، فضلاً عن أنهم لم يستبعدوا اسمي من أول لحظة ولكنهم فعلوا قبل غلق باب الترشيح بساعات!
وكان هذا بداية لتصريحات حادة، كان لها ما يبررها لكنها مثلت سكبا لمزيد من الوقود على الحرائق ممن عُرف بأنه رجل إطفاء.. هكذا عرفته الحياة السياسية.
فعندما هاجم النائب العام، كان يستحق الهجوم، لكن ما قاله تم حسابه على أنه مستشار للرئيس محمد مرسي في وقت كان الرئيس قد احتوى الأزمة!
وعندما هاجم حكام الإمارات، كان هذا بعد اعتقالهم لعدد من الإخوان وتطاول وزير خارجيتهم على الجماعة، لكن الرئاسة لم تكن راغبة في تبادل التصريحات النارية.
وعندما قال بانتهاء زمن الانقلابات العسكرية، كان اجتهاداً ربما يشاركه فيه كثيرون، لكن التصريح جاء محملا بالكثير من السخرية والاستهانة بالقائل.
وكانت كل هذه الحدة لها ما يبررها، في أي تنظيم في الدنيا تكون لديه شخصية بإمكانيات عصام العريان، ثم لا يُسمح له بتصدر المشهد، ويفضل عليه التنظيميين أهل السمع والطاعة، حيث لا صوت يعلو فوق صوت التنظيم.
ومهما يكن، فالرجل الذي قضى حياته متنقلا بين سجن وسجن، وعدد المرات التي قضاها في بيته قد يكون مساوياً لعدد سنوات سجنه، ليس غريباً أن
يموت هذه الميتة التي ترفع الذكر وتحجز لصاحبها مكاناً متقدماً في صفحات التاريخ.
رحم الله الدكتور عصام العريان رحمة واسعة.
twitter.com/selimazouz1