وقعت مصر واليونان، الخميس، اتفاقية مثيرة للجدل لترسيم الحدود البحرية، وتعيين المنطقة الاقتصادية بين البلدين بالبحر المتوسط، وصفتها الصحافة المصرية بالصفعة القوية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأكد وزير الخارجية المصري،
سامح شكري، خلال مؤتمر صحفي مع وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس، بالقاهرة، أن
"الاتفاقية تتوافق بنودها مع قواعد القانون الدولي".
ومن ناحيته، وصف الوزير اليوناني
هذا اليوم بالتاريخي، مؤكدا أن بلاده ستواجه جميع التحديات في المنطقة بالتعاون مع
مصر.
"الرد التركي والليبي"
من جانبها، أعلنت تركيا أن الاتفاق
باطل، وينتهك الحقوق البحرية الليبية، وأن المنطقة المحددة تقع في الجرف القاري التركي،
مؤكدة أنها لن تسمح بأنشطة بمنطقة الصلاحيات البحرية، وستدافع بحزم عن حدودها.
وأوضحت أن الاتفاقية تتسبب بخسارة
مصر مساحة 11.500 كم مربع من أراضيها، مثلما خسرت مساحة أخرى عندما أبرمت اتفاقية مع
جنوب قبرص عام 2003.
اقرأ أيضا: اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان.. وتركيا ترد
وفي تعقيبه، قال المتحدث باسم
وزارة الخارجية الليبية، محمد القبلاوي، إن "وزارة الخارجية تؤكد على عدم السماح
لأي جهة كانت الاعتداء على حقوقنا البحرية، ونكرر تأكيدنا على تنفيذ مذكرة التفاهم
الموقعة مع تركيا".
ونشر نشطاء عبر مواقع التواصل
الاجتماعي خريطة لاتفاق مصر واليونان، وأخرى لاتفاق تركيا وليبيا، كشفتا حجم خسارة
مصر من المياه الإقليمية باتفاق اليوم.
"يعمل لصالح هؤلاء"
وفي سؤال حول رؤيته لأسباب تضحية
السيسي بمياه إقليمية مصرية وثروات بالبحر المتوسط، قال الكاتب الصحفي المصري جمال
سلطان، إنه "يعمل لحساب محمد بن زايد -ولي عهد أبو ظبي- الذي يموله وينفق عليه،
وليس لحساب مصر وشعبها".
وأكد سلطان في حديثه لـ"عربي21"،
أن "توقيع الاتفاق الآن لا شك أنه يفاقم تداعيات الأزمة مع تركيا، ويعقد المشهد بشرق
المتوسط وليبيا أيضا، ولكن بشكل مرحلي"، مستدركا: "لن يؤدي
الاتفاق لصدام بينهما؛ فالسيسي غير مؤهل لأي مواجهة عسكرية من أي نوع، وسقفه أن
يكون أمنا مركزيا لقمع المصريين فقط".
وشدد سلطان على أن "أي
اتفاقيات ثنائية قابلة للمراجعة"، في إشارة إلى أن تلك الاتفاقيات غير ملزمة لمصر،
ويمكن لها يوما ما أن تعيد النظر بها.
"تخالف القانون الدولي"
من جانبه، قال الخبير في القانون
الدولي والعلاقات الدولية، الدكتور السيد أبو الخير، إنه "في مسلسل تنازل الانقلاب
عن ثروات مصر القومية وُقعت الاتفاقية، وطبقا للقانون الدولي للبحار (اتفاقية جامايكا
لعام 1982م) فهي باطلة".
وأوضح أبو الخير في حديثه لـ"عربي21"،
أن "قانون البحار حدد طريقة قياس المناطق البحرية للدول بقواعد عامة لا يجوز مخالفتها، واتفاقيات الحدود، سواء البرية أو البحرية، يجب أن تكون بين كافة الدول المجاورة طبقا
للقانون الدولي الجديد للبحار".
وأكد الخبير المصري أن
"اتفاقية مصر واليونان لم تسجل بالأمم المتحدة التي لن تقبل تسجيلها، وبالتالي
لن تعترف بها"، موضحا أنه "ومن حق تركيا الاعتراض على ترسيم الحدود البحرية؛ لأنها دولة ملاصقة وجارة يجب أخذ حقوقها بالاعتبار".
وتابع: "لذلك تجد أن الاتفاقية
السابقة التي وقعت من قبل مع قبرص والاحتلال في فلسطين لم تسجل بالمنظمة الدولية؛ لمخالفتها
اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م، أما الاتفاق التركي الليبي لترسيم
الحدود البحرية فتم تسجيله بالأمم المتحدة".
وأضاف: "لذلك، فاتفاقية
مصر واليونان باطلة، ولا يعتد بها لسببين، الأول: مخالفتها الصريحة لقانون البحار الجديد،
وثانيا: لأن من وقعها مغتصب سلطة، وكافة أعمال مغتصب السلطة منعدمة"، وفق قوله.
وجزم أبو الخير بأن "الاتفاق
يضر بتركيا، ويزيد علاقتها مع مصر اضطرابا"، معتقدا أن "ذلك مقصود نكاية
في نجاح تركيا بليبيا وفشل مصر الذريع فيها".
"إيذاء تركيا وخسارة مصر"
وأثار توقيع الاتفاقية حالة
من الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقال الصحفي المتخصص في الشؤون التركية، سمير
العركي، إن "السيسي يحاول إيذاء تركيا حتى لو خسرت مصر"، مضيفا عبر
"فيسبوك" أن "هذا منطق جديد في العلاقات الدولية"، متسائلا:
"لصالح من يعمل السيسي؟".
وطالب الكاتب الصحفي عبد الفتاح
فايد، برد رسمي مصري على "ما ذكرته تركيا أن مصر تهدر ١١٥٠٠ كيلو من مياهها الإقليمية
بهذه الاتفاقية".
وأضاف عبر صفحته بـ"فيسبوك":
"ترسيم الحدود لا يعقل أن يتم بغرض النكاية والكيد السياسي،
ولكن لأهداف ومصالح استراتيجية وسياسية، وإهدار حقول غاز شرق المتوسط أسوأ من الهزيمة
العسكرية".
وقال الأكاديمي المصري الدكتور عصام عبد الشافي: "المؤكد أن مجرم العسكر الذي طالب ترامب برعاية صفقة القرن يقوم هو بتنفيذها على حساب مقدرات مصر وثرواتها".
وأضاف عبر "فيسبوك":
"بعد أن تنازل عن مياه النيل في اتفاق 2015، وتنازل عن تيران وصنافير في اتفاق
2016، يأتي اليوم ليتنازل عن حقوق مصر الاقتصادية بالبحر المتوسط لصالح اليونان".
وعلى الجانب الآخر، قال الباحث في الشؤون الدولية محمد حامد، إن "الاتفاقية استكمال لاتفاقية عام 2003، التي وقعت بعهد حسني مبارك، وتعتبر نواة صلبة في مواجهة التحديات بالمتوسط، ونجاح للقاهرة وأثينا في هيكلة المواقف وتوحيد الرؤى في المتوسط".
وأضاف عبر "فيسبوك"،
أنها "ستقطع الطريق على من يزايدون على مصر بأنها فرطت بحدودها البحرية، وأن أنقرة
أعادت لها حدودها بالترسيم الباطل مع حكومة السراج".
وتوقع أن "تسعى أنقرة مجددا
للحوار مع القاهرة حول الحدود، كما سعت للحوار مع اليونان بواسطة ألمانية".
على مرمى حجر من تركيا.. كيف أصبحت هذه الجزر يونانية؟
هل تحتم "الذاكرة التاريخية" حربا بين تركيا واليونان قريبا؟
هل تدفع دول غربية لمواجهة "مصرية تركية" في ليبيا؟