* تجربة برلمان 2010 أكبر دليل على ضرورة المشاركة بالانتخابات.. والمقاطعة لم تؤتِ ثمارها حتى الآن
* كل مقعد برلماني لا تحصل عليه المعارضة سيؤول لفاسد أو مجرم أو منافق.. والتواجد بالبرلمان سيكون فرصة للتغيير
* نظام السيسي لا عهد ولا شرف له.. وأناشد الجميع مساندة مرشحي الحركة المدنية في الانتخابات
* النظام لا يرغب بسماع أو رؤية أي معارض لكن الضغوط الدولية تجبره على إظهار نوعا من التسامح مع المعارضة
* أتوقع الإفراج عن بعض الشخصيات السياسية المعتقلة عقب الانتهاء من الانتخابات البرلمانية.. وننتظر انفراجة قريبة
* انتهى تماما دور التكنوقراط في المشاركة في إدارة شؤون البلاد.. ومصر تخضع بالكامل للديكتاتورية العسكرية
قال
الحقوقي المصري، رامي حافظ، إنه "لا سبيل للمعارضة المدنية بمصر إلا المشاركة
في كل الانتخابات والمناسبات السياسية؛ فالمشاركة تزيد من حالة الاحتقان واللحظات
الحرجة للنظام الحاكم"، وفق قوله.
وأضاف،
في مقابلة مع "عربي21"، أن "المقاطعة، وإن كانت مبررة في السابق،
وخاصة في فترة التسعينيات وقت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، إلا أنها لم تؤتِ
ثمارها حتى الآن".
"تجربة
برلمان 2010"
وشدّد
"حافظ" على أن "تجربة برلمان 2010 الذي سبق اندلاع ثورة يناير
بشهور قليلة أكبر دليل على ضرورة المشاركة، لأنها إقامة الحجة والذريعة على عدم
جدية نظام ما قبل ثورة يناير 2011 على التحول الديمقراطي والشفافية".
ورأى
أن "كل الانتخابات مهمة ويجب المشاركة فيها بلا تردد، لأنها تعتبر فرصة للأحزاب
لاختبار لقواعدها الحزبية ومدى تأثيرها في الشارع، وإعادة تقييم خططها وبرامجها
السياسية والانتخابية".
وأكد
"حافظ" أن "ضعف الأحزاب المدنية يواجه بالمشاركة والإلحاح عليها،
والدفع بالنظام لفتح المزيد من الفرص للأحزاب"، مُشيدا بمشاركة "بعض أحزاب
الحركة المدنية والمعارضة في الانتخابات على القائمة الوطنية؛ فكل مقعد لم تحصل
المعارضة عليه سيؤول لفاسد أو مجرم أو منافق".
"وسيلة
للتغيير"
وتابع:
"كما أن التواجد بالبرلمان سيكون فرصة ووسيلة للتغيير أو قناة للمعارضة للتعبير عن نفسها،
وتجربة تحالف 25-30 في مجلس النواب دليل صارخ على الداعيين للمقاطعة؛ فلولا موقفهم
البرلماني، والذي يُعد بطوليا وقتها كشف مدى زيف النظام بخصوص الديمقراطية، وأثبت
بما لا يدع مجال للشك فساده وتهديده لمصالح مصر القومية لدى المواطن العادي".
كما
يرى "حافظ"، وهو مؤسس المنتدي المصري الموازي، أن "المعارضة لازالت
قادرة على إحراج النظام؛ فنواب المعارضة كانوا أكثر وضوحا ووطنية وخوفا على مصالح
الوطن".
ولفت
إلى أن "الضغط السياسي ينبغي أن يكون على كل المستويات سواء من خلال الأحزاب
الحليفة للنظام والائتلاف الحاكم، أو القنوات الشرعية مثل مجلس النواب، والتواجد
وسائل الإعلام التي سيطر النظام عليها بالكامل".
ورفض
نظام القائمة المغلقة الذي تم اعتماده في الانتخابات البرلمانية، قائلا: "هو أحد
الأنظمة الانتخابية المعروفة، لكن ثبُت فشله، وأدخلت دول كثيرة العديد من
التعديلات عليه منها العتبة التصويتية لتمثيلها بالبرلمان، وعدد الممثلين يعتمد
على نسبة التصويت في كل دائرة انتخابية، والتي تكون صغيرة، وللأسف الشديد النظام
المصري لم يأخذ بأي من التعديلات، لأن ذلك يصب في مصلحة أنصاره والأحزاب الموالية
له، لكنه يروج لهذا بزعم تمثيل الفئات كالمرأة والأقباط".
اقرأ أيضا: لماذا يسارع برلمان مصر لإقرار 6 قوانين للمؤسسات الدينية؟
وانتقد
قانون الانتخابات واصفا إياه بأنه معيب ويتناقض مع روح الدستور وتطبيق مواده،
مستدركا بالقول: "لكنه يظل خطوة أفضل من النظام الفردي الذي يعتمد على
القبلية والعائلية في الدوائر الانتخابية، وتفتيت المصالح الاقتصادية والاجتماعية
للمكونات الشعبية بالدوائر الانتخابية".
وبسؤاله
عن إمكانية حدوث صفقة ما بين النظام والقوى المدنية داخل مصر خاصة في ظل انضمام بعض
أحزاب المعارضة إلى تحالف القائمة الانتخابية الموحدة التي شكّلها حزب مستقبل وطن
(الموالي للنظام)، لخوض انتخابات مجلس الشيوخ، أجاب: "حديث الصفقات انتهي منذ
كانون الثاني/ يناير 2011، ويجب أن تترفع المعارضة في الداخل والخارج عن مثل هذه
المصطلحات".
"لا
عهد ولا شرف للنظام"
واستطرد
قائلا: "الجميع يعلم أن هذا النظام لا عهد ولا شرف له، لذا كانت دعوتي وتأكيدي
على أن كل فرصة للحصول على مقعد في السلطة سواء البرلمان بمجلسيه الشيوخ والنواب أو
الحكومة أو الهيئات العامة هي خطوة مهمة، وعلى أقل تقدير هي سد مكان لفاسد أو
منافق كما ذكرت سابقا"، مشدّدا على أن "هذا النظام لا صديق له، والكل
يعلم ذلك جيدا، ولكنها معركة طويلة علينا خوضها وتحمل نتائجها".
وأردف:
"بهذه المناسبة أناشد كل صاحب ضمير وطني أن يساند أعضاء الحركة المدنية
المشاركين في الانتخابات، والتوقف على مهاجمة رئيس الحزب المصري الديمقراطي
الاجتماعي، فريد زهران، ورئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات؛ فالفترة
الأخيرة تمت مهاجمتهما أكثر من مهاجمة الرئيس السيسي المتسبب في الأزمة السياسية
التي نعيشها الآن".
"ديكتاتورية
عسكرية واضحة"
ويعتقد
أن "الأحزاب المحسوبة على النظام هي جزء منه، وتأتمر بأجهزة الأمن، وصورة
النظام المصري بالخارج سيئة جدا وموصوف بأنها ديكتاتورية عسكرية واضحة، وتحاول
أجهزة الأمن تحسين هذه الصورة بأنها تسمح للمعارضة المدنية، ولكنها ترفض المعارضة
ذات الخلفية الدينية بحجة مكافحة الإرهاب".
وأشار
إلى أن "النظام لا يرغب بسماع أو رؤية أي معارض لا داخل البرلمان أو خارجه، لكن
الضغوط الدولية من الدول الصديقة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحاد
الأوربي تجبره بإظهار نوع من التسامح مع المعارضة، ولنا في نموذج إجباره على إدخال
مرشح منافس للرئيس في انتخابات 2018 مثال بارز، وتدخلات سفارات دول الاتحاد
الأوربي فيما يتعلق بغلق بعض وسائل الإعلام المحسوبة على المعارضة أو المستقلة".
وتابع:
"أي معارض سوف يمثل تهديدا للرئيس الحالي ونظامه لن يخرج من المعتقل في ظل
الأوضاع الحالية أو على الأقل لحين الانتهاء من الانتخابات"، منوها إلى أن
"الأوضاع السياسية بمصر بالغة السوء، وأصبح لها دوافع اقتصادية واجتماعية،
وهو ما يمثل أكبر تهديد للمجموعة الحاكمة الآن".
"انفراجة
متوقعة"
وتوقع
الإفراج عن بعض الشخصيات السياسية الشهيرة، والمعتقلة حاليا داخل السجون، وخاصة
أصحاب الحالات الصحية الحرجة، وذلك عقب الانتهاء من الانتخابات البرلمانية الجارية،
مضيفا: "يمكن أن تحدث انفراجة ما بالمشهد خلال الفترة المقبلة؛ فوفاة الصحفي
محمد منير كانت أزمة كبير للنظام، ولولا انشغال العالم بأزمة كورونا لحصل على
اهتمام أكبر من ذلك".
"خوف
وقلق النظام"
وعن
تفسيره لاستمرار النظام المصري في شنّ حملات الاعتقال، أضاف: "أي محاولات
لفهم دوافع النظام الحالي للاعتقال محض تكهنات، لكني اعتقد أن الخوف أولا وأخيرا
هو الدافع الرئيسي للاعتقال، فمصدر خوف وقلق النظام هو شجاعة المواطنين على الحديث
وتركيزهم على القضايا الكبرى مثل سد النهضة، والأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وهو
ما يمثل ضغطا على المواطن بعدم السكوت وعلى النظام بالمزيد من البطش".
وشدّد
على أن "أوضاع السجون المصرية في منتهي السوء، حتى قبل ظهور فيروس كورونا
وانتشاره كوباء عالمي، وأبرز مثال على ذلك وفاة الرئيس المصري السابق د. محمد مرسي،
والذي وافته المنية أثناء محاكمته ولم يجرِ تحقيق عادل وشفاف ومستقل، وكذلك وفاة
العديد من المعارضين السياسيين أصحاب الحالات الصحية الحرجة، وبعضهم أصيب بأمراض مختلفة
داخل السجون وتوفوا على أثرها".
ونوّه
مؤسس المنتدي المصري الموازي إلى أن "الوضع الصحي داخل السجون قبل كورونا لا
يفرق كثيرا الأوضاع عقب تفشي تلك الجائحة، بل على العكس مثلت الإصابة بكورونا
مبررا بعيدا عن تسبب النظام المصري بقتل معارضيه".
"خطورة
الانسداد السياسي"
وأشار
مؤسس المنتدي المصري الموازي إلى "خطورة الانسداد السياسي المتعمد الآن في
مصر، الأمر الذي يجعل البيئة خصبة للحركات الإرهابية والأفكار المتطرفة، ويُصعّب أن
تمارس السياسة، وهي حشد الجماهير على قضايا محددة".
وأوضح
"حافظ" أن "مشاركة العسكريين في الحكم ستظل عقبة أمام أي محاولة
لتحول ديمقراطي حقيقي، والحياة السياسية في مصر تمر بصعوبات لا تقارن إلا بعهد جمال
عبد الناصر بعدما ألغى الأحزاب وسيّطر على الحياة المدنية بكافة أشكالها".
وأكمل:
"لن ينفك هذا الوضع إلا بتحرك الشارع من جديد على غرار مظاهرات 1968 بعد المحاكمة الهزلية للمسؤولين عن هزيمة حزيران/ يونيو أو مظاهرات 1977 التي عرفت
بانتفاضة الخبز أو ثورة كانون الثاني/ يناير 2011".
وذكر
أن إقرار القانون الذي يقضي بعدم جواز الترشح لضباط الجيش للانتخابات إلا بعد
موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة يعبر عن "خوف السيسي من المنافسة، ووقف أي
محاولة لكسر استفراده بالسلطة، وللأسف الشديد الكثير من العسكريين المصريين سواء
في الخدمة أو خارجها يظنون أن معارضة السيسي لشخصه، ولا تتضمن موقف عام عن سوء
إدارة العسكريين لمصر ومصالحها القومية واتهامهم جميعا بالفشل في رعايتها".
واستطرد
"حافظ" قائلا: "كما أن قانون منع ترشح العسكريين تعبير واضح عن
الفساد السياسي باستغلال البرلمان في إقرار تشريعات هدفها استئثار شخص أو مجموعة
من الأشخاص بالحكم واستمرارهم في السلطة لأطول فترة ممكنة".
وشدّد
على أن "تعيين مستشار عسكري في جميع محافظات مصر يعتبر خطوة خطيرة جدا وتعبير
واضح أن مصر تخضع بالكامل للديكتاتورية العسكرية، وأيضا هي رشوة سياسية بلا مواربة
الهدف منها كسب ولاء لهؤلاء العسكريين وسيطرة على الجانب المدني في الدولة المصرية
أو الطبقة البيروقراطية بها، وتفريغ لمؤسسات الدولة من التكنوقراط الذين انتهى
دورهم تماما في المشاركة في إدارة شؤون البلاد".
وأشار
إلى أن "رجال التكنوقراط دائما ما يستخدمون لوأد أي تحرك جماهيري بحجة أو
ذريعة الكفاءة أو معرفتهم بإدارة دولاب الدولة لحين إفشال وإبعاد قوى المعارضة عن المشاركة
في الحكم أو لحين انتهاء الزخم الجماهيري ليسلموا السلطة للعسكريين من جديد، وأبرز
هذه الأسماء د. عصام شرف، ود. كمال الجنزوري رؤساء وزراء مصر بعد ثورة يناير
والمعاونين لهم".
أكاديمي مصري: انهيار سد النهضة يعادل ضرر 100 قنبلة نووية
"عربي21" تحاور الحقوقي المصري البارز جمال عيد (1)
حقوقي مصري: البرلمان الحالي هو أسوأ برلمان في تاريخ البلاد