انطلقت المشاورات السياسية التونسية الخميس، برئاسة الرئيس قيس سعيّد، بحثا عن مرشح توافقي لخلافة رئيس الوزراء المستقيل إلياس الفخفاخ، من أجل نيل ثقة البرلمان، تزامنا مع أزمة اجتماعية خانقة، بسبب وباء فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
وقدم الفخفاخ استقالته الأربعاء، بعد
اتهامات وجهت إليه بملف تضارب المصالح، وعقب تمسك حركة النهضة التونسية، بسحب
الثقة منه.
ودفعت الاستقالة بسعيّد أستاذ
القانون الدستوري السابق والمدافع عن مبادئ ثورة 2011، من جديد ليكون لاعبا أساسيا
في المشهد السياسي وفقا لما ينص عليه الدستور، وليقود مشاورات مع الأحزاب السياسية
والكتل النيابة والمنظمات، على أن يقدم مرشحه خلال مهلة عشرة أيام.
مرشح سعيّد سيكون مقيدا وفقا للدستور
بتشكيل حكومة خلال شهر، وعرضها على البرلمان لنيل الثقة.
غير أن مهمّة سعيّد لن تكون بالهيّنة،
في ظل التباينات المختلفة داخل الأحزاب البرلمانية، وما استغرقته المفاوضات
السابقة من أربعة شهور، قبل التوصل إلى اتفاق على منح الفخفاخ مهمة تشكيل الحكومة،
ونيلها الثقة نهاية شباط/ فبراير الماضي.
وضعية حرجة
بدوره، وصف المحلل السياسي صلاح
الدين الجورشي وضع الرئيس التونسي، بأنه "شخص يمشي على خيط رفيع"، مبينا
أنه "أصبح في وضعية حرجة، لأنه يجب أن يحسن اختيار المرشح، حتى يتمكن من
الحصول على الأغلبية البرلمانية".
وتابع الجورشي؛ "إن فشل سعيّد
في ذلك، سيعرض البلاد إلى مرحلة دقيقة، وربما انتخابات مبكرة"، معتقدا أن
المشهد السياسي المستقبلي ربما "يشهد تحولا في التحالفات، من ما كان يسمى
بائتلاف الثورة (حكومة الفخفاخ)، إلى الشق الآخر البراغماتي".
وأوضح أنه "ربما يتم الانتقال
من منطق الثورة إلى منطق البراغماتية المبنية على المصلحة السياسية".
اقرأ أيضا: سعيّد يقبل استقالة الفخفاخ.. ولائحة لسحب الثقة من الغنوشي
وظهر في الآونة الأخير توافق علني
بين حزب النهضة وحزب "قلب تونس" (27 نائبا) الذي يترأسه رجل الأعمال
نبيل القروي، وأصرّت النهضة منذ البداية على إشراك "قلب تونس في الحكم"،
لكن قوبل طلبها برفض متواصل من الفخفاخ.
ليس بالأمر الهين تحديد توجه
الرئيس التونسي لاختيار مرشحه، فقد عبّر في أكثر من مناسبة عن كرهه الشديد
للمناورات السياسية "داخل الغرف السوداء"، كما أن له كامل الصلاحيات في أن
يفرض شخصية ربما لا تفضلها الأحزاب.
الانتخابات المبكرة
يقول أستاذ القانون الدستوري سليم
اللغماني؛ إن الرئيس "يملك صلاحية حلّ" البرلمان، بينما "ستخسر
الكتل النيابية الكثير" إن تم إقرار انتخابات مبكرة.
وفي حال فشل مرشح سعيد في كسب ثقة
البرلمان بـ109 أصوات، فتتعزز فرضية المرور إلى انتخابات نيابية مبكرة نهاية العام
2020، والبلاد لم تخرج بعد من أزمة اقتصادية واجتماعية حادة.
وتتواصل في الجنوب التونسي منذ
أسابيع احتجاجات اجتماعية، للمطالبة بالتشغيل بالقرب من حقول لاستخراج النفط
والغاز، ويهدد المحتجون بوقف الإنتاج في منشآت نفطية في ولاية تطاوين.
كما أثرت أزمة كوفيد-19 على اقتصاد
البلاد المهدد بانكماش، قد تبلغ نسبته 6.8 في المئة وبخسارة أكثر من 130 ألف شخص
وظائفهم، حسب تقديرات رسمية، بينما يقدر اقتصاديون أن الأرقام ربما تتجاوز المعلن
عنه بكثير مع تواصل غياب الاستقرار الحكومي.
بالموازاة مع ذلك، فإن المفاوضات مع
المانحين الدوليين ربما تتأثر بتغير المسؤولين والبلاد في حاجة مستمرة لتمويلات
خارجية لإصلاح وضع المالية العمومية، وقد أقرّ الفخفاخ سابقا بأن غالبية الشركات
الحكومية مفلسة تقريبا.
انسداد سياسي بتونس.. خبراء يسردون لـ"عربي21" تداعياته
رئيس شورى "النهضة" التونسية: لا نقبل أي شبهة في الحكومة
التعقيد سيد الموقف بتونس.. والاستقطاب يفتح باب "المجهول"