ضمن سعيه لقطع الطريق على أي وساطة روسية محتملة، مع رجل الأعمال رامي مخلوف، من شأنها إعادة الأخير إلى الواجهة الاقتصادية مجددا، أعلن النظام عن إجراء مزايدة علنية لاستثمار الأسواق الحرة (المناطق الحرة) في سوريا، وذلك بعد فسخ العقود السابقة الممنوحة لمخلوف (ابن خال رئيس النظام بشار الأسد)، في حزيران/يونيو الماضي، بتهمة تهريب مخدرات وأموال من أسواق المناطق الحرة.
وفي التفاصيل، أصدرت وزارة الاقتصاد التابعة للنظام السوري، الثلاثاء، قرارا يقضي بإجراء مزايدة علنية للمستثمرين الأجانب والعرب لإشغال وتجهيز واستثمار كافة الأسواق الحرة البرية (جديدة يابوس مع لبنان ومركز نصيب مع الأردن)، والبحرية (مرفأ طرطوس واللاذقية) والجوية (مطارا دمشق وحلب) في البلاد.
وأبدت مؤسسة "المناطق الحرة"، رغبتها بإجراء مزايدة علنية بالظرف المختوم لإشغال وتجهيز كافة الأسواق الحرة واستثمارها لمدة خمس سنوات قابلة للتمديد، طالبة تأمينات أولية بقيمة نصف مليون دولار أمريكي، على أن تفض العروض لمعرفة أسماء المستثمرين الجدد.
وفي قراءته لدلالات الخطوة، أكد الباحث بالشأن الاقتصادي السوري، يونس الكريم، في حديث لـ"عربي21"، أن النظام يريد القول بأنه لن يسمح بعودة مخلوف مجددا إلى الواجهة الاقتصادية السورية، وأن فترة تصدره المشهد المالي قد انتهت إلى غير رجعة.
اقرأ أيضا: وساطة روسية لتسوية قضية رامي مخلوف.. هذه بنودها
وأوضح، أن النظام بدأ بالتصرف باستثمارات وأموال مخلوف، لقطع الطريق عن عودة محتملة له، عبر ضغوط روسية، وعلق بقوله: "النظام يريد القول للروس بأن عليهم أن يلتزموا بدور الحليف، وليس الشريك".
وكانت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، قد كشفت عن وساطة روسية، تقضي بإحصاء كامل أملاك وأموال مخلوف خارج سوريا، على أن يتسلمها النظام السوري، عبر شبكات من رجال أعمال متعاونين معه، ثم يتم بيعها وتنقل الأموال إلى الداخل، مقابل التعهد بسلامة مخلوف وعائلته، وتأمين خروجهم من سوريا، إذا أرادوا ذلك.
مرحلة جديدة.. أكثر شفافية!
وأردف الكريم، أن النظام يريد كذلك إيصال رسالة للمستثمرين العرب وغيرهم، مفادها أن سوريا دخلت في مرحلة اقتصادية جديدة، أكثر تنظيما وشفافية من السابق، يشرف عليها رأس النظام وزوجته أسماء الأسد و"الحكومة" عن كثب، وأن الدخول إلى الاقتصاد السوري عن طريق شخصيات تمسك بالمشهد الاقتصادي، قد انتهى.
وتابع الباحث، أن النظام يتطلع من خلال ذلك إلى تشجيع المستثمرين، لأن مخلوف سابقا كان يضع شروطه على كل المستثمرين الأجانب، قبل السماح لهم بدخول السوق السورية.
الالتفاف على "قيصر"
من جانب آخر، يرى المفتش المالي، والمراقب الاقتصادي منذر محمد، أن استعجال النظام السيطرة على استثمارات مخلوف، مرده إلى الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها، والتي اشتدت بعد سريان قانون "قيصر" الشهر الماضي.
وقال لـ"عربي21": "يحاول النظام أن يستفيد من هذه الاستثمارات، في جذب استثمارات جديدة، للالتفاف على عقوبات "قيصر" التي تهدد بسقوطه".
اقرأ أيضا: مخلوف بعد اعتقال نظام الأسد لموظّفيه: لم يبق سوى النساء
وفي السياق ذاته، أوضح يونس الكريم، أن "المناطق الحرة" تعتبر أهم مورد للعملات الأجنبية للنظام السوري، وقال: "يريد النظام بناء استراتيجية جديدة للحصول على العملات الأجنبية".
وبعد ظهور الخلاف بين مخلوف ونظام الأسد، منذ مطلع أيار/مايو الماضي، انتزع الأخير ممتلكات كثيرة لمخلوف، من بينها شركة الاتصالات الخلوية (سيرتيل)، وبنوك ومصارف، وجمعيات وشركات تأمين أخرى، إلى جانب مضايقات أمنية واعتقالات طالت عددا من المقربين من مخلوف.
ودفع كل ذلك بمخلوف، إلى القول صراحة، إن الاعتقالات لموظفيه لم تتوقف، وقال: "اعتقلوا أغلب الرجال من الصف الأول ولم يبقَ لدينا إلا النساء".
مخلوف بعد اعتقال نظام الأسد لموظّفيه: لم يبق سوى النساء
تحقيق بمقتل متظاهر بالسودان.. وانشقاق بـ"المهنيين" (شاهد)