نحو
شهر واحد يتبقى على وعد قطعه رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي للمصريين، بأن
"مصر ستصبح دولة ثانية"، وأن المصريين سيكونون في منطقة أخرى غير التي
يعيشون فيها، وذلك بحلول 30 حزيران/ يونيو 2020، وسط تأكيده أنه صادق في وعده هذا.
وقال
السيسي، بمؤتمر الشباب السادس 29 تموز/ يوليو 2018، إن "مصر ستكون بموضع آخر
في 2020"، مؤكدا أنه بحلول هذا التاريخ سيكون قد أنجز عددا كبيرا من
المشروعات بكل مصر.
وفي
9 أيلول/ سبتمبر 2018، قال السيسي بافتتاح الطريق الدائري الإقليمي: "سنقدم
دولة بشكل مختلف خالص غير اللي (التي) أنتم فيها، في 30 حزيران/ يونيو 2020".
ووعد
السيسي حينها بالاكتفاء الذاتي من الغاز وتصديره، والانتهاء من شبكة الطرق
وتطويرها، وتطوير منظومة السكك الحديدية، وبناء عدد من الجامعات، وتطوير
المستشفيات.
كما
وعد بنقل الحكومة بكل وزارتها وهيئاتها والبنك المركزي والبنوك للعاصمة الجديدة،
وإخلاء القاهرة من الزحام، وذلك بعد إنهاء المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية،
والعلمين الجديدة، ومدينة الِإسماعيلية، ومدينة السلام شرق بورسعيد.
كما
وعد السيسي بالانطلاق إلى الصعيد، وافتتاح مشروعات خاصة في أسيوط، وتنمية مناطق
أخرى عديدة بالجمهورية، في 30 جزيران/ يونيو 2020.
وتداول
نشطاء مقطع فيديو لأذرع النظام الإعلامية تروج بأن العام 2017 سيكون هو عام
الخروج من عنق الزجاجة، ثم حديثهم عن رخاء مؤكد في 2018، ثم عن جني ثمار الإصلاح
في 2019، ثم الحديث عن أنه في 30 حزيران/ يونيو 2020 سيكون المصريون في "بلد آخر".
وسخر
نشطاء، من حديث السيسي، مشيرين إلى أنه وعد بالاكتفاء من الغاز، ثم استورده من
إسرائيل، ثم وعد بالانتقال للعاصمة الجديدة منتصف العام الجاري ولم يتحقق وعده،
كما أنه لم ينجز تطوير السكك الحديدية، وانهارت الطرق العملاقة التي أنشأها في أول
أزمة أمطار، وأنه لم ينشئ جامعات ولا مستشفيات، ويعاني الصعيد من الفقر المدقع.
"ديكتاتور.. محدود الرؤية"
وفي
رؤيته، قال أحد السياسيين المصريين من المعارضة المدنية في الداخل: "السيسي
لم يمتلك يوما أي أداة من أدوات الحكم"، مؤكدا أنه "لا يمتلك حسن
الإدارة، ولا كاريزما القيادة، ولا دبلوماسية الحكم ولا الفكر السياسي".
القيادي
بأحد الأحزاب المدنية، الذي رفض ذكر اسمه، أضاف بحديثه لـ"عربي21"، أنه
"لم يزيد عن كونه لواء جيش يقود مجموعة ضباط ومجندين".
وتابع:
"لذلك، فإنه تصدى لكل ما سبق بفكر لواء جيش، لو امتلك الدعم المادي فسيكون أول
تفكيره استكمال بناء ثكنة، وتمهيد طريق وصنع ممشي وإقامة كوبري".
ووصفه
بأنه "شخص محدود الرؤية، ويتعامل بفكر ديكتاتور، ولا يرى إلا بفكره المحدود،
ويرى أن أذرعه في الحكم مجرد سكرتارية تابعة"، مضيفا: "والطبيعي مع
شخصية كهذه ألا ينفذ ما وعد؛ لأنه لا يدري كيفية تنفيذه، فالجاهل يعتقد أن الجميع
مثله، والغبي من يعتقد أن الجميع أغبياء مثله".
"مصلحة الجماهير هي المقياس"
وفي
رؤية اقتصادية لما تحقق من مشروعات السيسي، في المهلة التي حدّدها بنفسه، يرى
الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله، أن "الحديث عن المشروعات التي وعد
بها السيسي يمكن حصره في جزئيتين، الأولى: ما يتعلق بتكلفة هذه المشروعات،
والثانية: حول أولوياتها".
الأكاديمي
المصري، أكد لـ"عربي21"، أن "تلك المشروعات جاءت على حساب ديون
ضخمة جدا داخلية وخارجية"، مشيرا لاستدانة السيسي، التي "زادت الديون
الخارجية من 39 مليار دولار عام 2013، لما يزيد على 120 مليار دولار بالربع الأول
من 2020".
ولفت
ذكر الله إلى أن "السيسي زاد الديون الداخلية من أقل من 2 تريليون جنيه لنحو
5.5 تريليون جنيه"، موضحا أن "هذه الديون الكبرى قال رأس النظام إنه
سيمول بها المشروعات التي وعد بها".
وقال
رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بأكاديمية العلاقات الدولية بتركيا، إن
"النقطة الثانية تتعلق بأولويات الحكومة بتلك المشروعات"، مؤكدا أن
"هناك مشكلة بتحديد أولويات المشروعات وفي دراسات الجدوى لها، التي لا توجد
من الأساس".
وأضاف
أن "تركيز الدولة ينصب على قطاع الإنشاءات والطرق والكباري وإهمال باقي
القطاعات حتى التي تعاني منها مصر، مثل مشروعات الري والصرف التي أهملتها الدولة
بصورة كبيرة".
ويعتقد
أستاذ الاقتصاد، كلية التجارة، جامعة الأزهر، أنه "وحتى على نطاق ما يتعلق
بالإنجاز، نجد أن هناك تقصيرا في الجودة والكفاءة والأهمية لهذه الطرق والكباري التي
أصبحت على المحك بعد انهيار العديد منها أثناء الإنشاء وبعد فترة تسليمها بفعل
موجة مطر أو عواصف".
وأضاف
أنه "وبالتالي فهذه المشروعات محل جدل كبير من حيث جدواها، وتكلفتها، ومن قام
ببنائها، ومن حيث الجودة النهائية لها".
ويرى
ذكر الله، أن "الأهم من ذلك وهو المقياس الذي يمكن أن نقيس عليه نجاح أو فشل
أي سلطة؛ وهو إمكانية هذه السلطة على الوصول لمصلحة الجماهير".
ويعتقد
أنه "حتى الآن اعتمد النظام على جيوب المصريين في تمويل تضخم كبير للإيرادات
العامة للدولة، ولم تحصل الجماهير حتى الآن على المقابل بأي مستوى؛ بل كانت
النتيجة وقوع نحو 32 بالمئة من المصريين تحت خط الفقر و28 بالمئة منهم حوله،
والـ60 بالمئة الباقية بكاملها الآن تحت خط الفقر بعد جائحة كورونا".
وتابع:
"نستطيع القول إن هذه المشروعات لم توجد لها خطة من الأساس، وإن عناصر هذه
الخطة مبعثرة ومفككة وغير مترابطة، ولا يجمعها رابط تنموي حقيقي؛ وبالتالي لم نلمس
تقدما على أي مستوى بداية من محاربة الفقر، ولا الخدمات المقدمة للمصريين، ولا
التعليم والصحة وغيرها".
وجزم
الخبير المصري بأن "الإنجازات كانت بقطاعات محدودة جدا، وينقصها دراسات جدوى،
وكان يمكن تأجيل بعضها لسنوات، أو عدم إقامتها على الإطلاق، دون تأثير على حياة
المواطنين، الذين كانت تكلفة تلك المشروعات باهظة عليهم".
وختم
بالقول: "وللأسف من طبيعة أنظمة الحكم الاستبدادية التوغل في المشروعات التي
لا تهم المواطنين لحد كبير".
"صدق السيسي"
وعبر
مواقع التواصل الاجتماعي، قال نشطاء إن السيسي صادق في حديثه، وجعل مصر في وضع آخر
في 2020، مشيرين إلى أن مصر وشعبها أصبحا أكثر فقرا وخوفا.
وقال
المعارض المصري الدكتور حسام فوزي جبر، عبر "تويتر": "باقي من
الزمن الذي حدده السيسي بنفسه 35 يوما"، مضيفا أنه "كذاب أشر؛ ولكن ستجد
من يؤيده ويلتمس له الأعذار".
نقابي مصري يحذر من قرب انهيار المنظومة الصحية
السيسي يوجه بتقليل فحوصات كورونا للشرطة والمعتقلين
"عار على مصر".. هكذا هاجم رواد مواقع التواصل "السيسي"