أثار قرار رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بالعفو
الرئاسي عن 3157 سجينا جنائيا، الجدل لكونه جاء خاليا من أسماء المعتقلين
السياسيين ومسجوني الرأي والمحبوسين احتياطيا.
كما أثار قرار السيسي، الذي يأتي بمناسبة عيد الفطر،
الغضب في أوساط مصرية عديدة، وذلك لشموله اسم أحد ضباط أمن الدولة السابقين
المحبوسين على ذمة قضية مقتل مطربة لبنانية أثارت الرأي العام في مصر ولبنان
والإمارات قبل 12 عاما في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وتضمن القرار؛ العفو عن محسن السكري، ضابط أمن الدولة
الأسبق المحكوم بالمؤيد في اتهامه بقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، في شقتها
بدبي 28 تموز/ يوليو 2008، بتحريض من رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، والصادر بحقه
عقوبة السجن المؤبد 25 عاما.
وكان السيسي قد منح هشام طلعت مصطفى، -صاحب أكبر مشروع
سكني للأثرياء "مدينتي" بشرق القاهرة- عفوا رئاسيا في أيلول/ سبتمبر عام
2017، بعد إدانته واعتراف السكري عليه وحكم بالسجن بحقه لمدة 15 عاما.
وفي سلسلة من الإفراجات، منح السيسي، قرارات عفو عن
جنائيين مثيرين للجدل قبل انتهاء مدد أحكامهم؛ حيث أفرج السيسي أيضا عن أحد أشهر
بلطجية مصر أثناء ثورة يناير 2011، وخلال عام حكم الرئيس الراحل محمد مرسي،
والمعروف باسم "صبري نخنوخ" عفوا رئاسيا عام 2018.
وفي 27 كانون الثاني/ يناير 2019، أصدر السيسي عفوا عن
السجينة البريطانية، لورا بلامر، رغم الحكم عليها ثلاث سنوات في 26 كانون الأول/ ديسمبر
2017، بتهمة تهريب 290 قرص ترامادول لمصر.
والسؤال: "لماذا يصر السيسي على الإفراج عن سجناء
جنائيين أثاروا الجدل في قضايا "بلطجة، وقتل، وتجارة مخدرات"، وفي
المقابل يرفض الإفراج عن المعتقلين السياسيين؟".
"انتقائية وتربص"
وفي رده، قال الحقوقي المصري خلف بيومي: "بداية؛
نحن نثمن قرار العفو عن هذا العدد من السجناء، والذي سبقه قرار بالعفو عن عدد تعدى
الألف سجين خلال الشهر الماضي".
وأوضح مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، في حديثه
لـ"عربي21"، أن "ذلك القرار نراه خطوة نحو تخفيف حدة التكدس داخل
السجون، وهي الأزمة التي نطالب بوضع حد أو علاج لها".
اقرأ أيضا: السيسي يعفو عن رجل أعمال مصري بارز مدان في قضية قتل
وأضاف أنه "لا يعنيننا الآن قرار الإفراج عن صبري
نخنوخ أو محسن السكري فهم أولاد نظام بلطجي يقتل المئات كل يوم".
وأكد بيومي، أن "الذي نتحفظ عليه كحقوقيين هو إصرار
النظام على عدم الإفراج عن الفئات الأكثر ضعفا (كالنساء والمرضى وكبار السن
والأطفال)".
وتابع: "نتعجب كثيرا من الإصرار على الاستمرار في
القبض التعسفي على المئات من المعارضين وإخفائهم قسريا؛ ونستنكر الاستمرار في
استخدام الحبس الاحتياطي بلا مسوغ".
وقال الحقوقي المصري: "نعلم تماما حالة الانتقائية
في قرارات العفو، وحالة التربص لدى النظام بمعارضيه؛ ولكننا لن نفقد الأمل،
وسنستمر في الضغط على النظام لإطلاق سراح كل السجناء".
"لا دولة ولا قانون"
وفي إجابته، ومن وجهة نظر قانونية، قال الأكاديمي
المتخصص في القانون، صلاح حسني، إن "الأمر ليس بحاجة إلى إجابة قانونية أو رد
من منظور قانوني؛ فالسؤال عن القانون يكون في دولة القانون، أما إذا كنا في لا
دولة ولا قانون فمن غير المنطقي أن تتكلم عن الشرعية القانونية".
حسني، أضاف في حديثه لـ"عربي21": "وتبقى
الإجابة على السؤال هي توجيه رسالة مزدوجة، أولها: إلى الأوساط المعارضة أو التي
على الأدق ما زالت تحمل مسحة من معارضة والقصد منها قتل ما بقي من أمل".
وأكد حسني أن "الرسالة الثانية هي إلى القطيع الذي
لا يعنيه إلا المأكل والمشرب والتكاثر"، موضحا أنه "ولهؤلاء يريد أن
يقول: أنا أحيي وأميت، فهل علمتم لكم من إله غيري".
وختم بقوله: "لكنني أراه أمرا إيجابيا، ليس تعويلا على
القطيع، ولكن هديا بالسنة التي سنها رب الأنام، فلكل شأن ذروة ونقطة حرجة بعد
بلوغها يبدأ الانحدار، وأرى فيما يجري هذه الأيام بلوغا لتلك النقطة".
"غضب وسخرية"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، سخر معارضون من القرار،
وكتب السياسي المصري مجدي حمدان موسى، يقول: "تقتل.. تسرق.. تبلطج.. تأخد
عفو"، مضيفا: "تتكلم سياسة تعارض.. تطلع من السجن علي القبر".
وأضاف الحقوقي المصري البارز، بهي الدين حسن، على
"تويتر"،: "الطيور على أشكالها تقع.لا أظن أن المصريين يندهشون لإفراج السيسي عن قاتل جديد. لقد سبق
أن أفرج عن صبري نخنوخ ثم هشام طلعت وأدخله في مشاريع مع دولته. ثم أفرج الشهر
الماضي عن عدد كبير من المجرمين الجنائيين، ليس بينهم سجين رأي واحد، لكنه أفرج عن
روح (مخرج أغنية بلحة) شادي حبش".
وقال الصحفي المعارض محمد منير، إن مصر الدولة الوحيدة
في العالم التي تقدر قيمة القتلة والسفاحين، مشيرا لأسماء بعض المعتقلين السياسيين
والصحفيين الذين يرفض السيسي، إخلاء سبيلهم مثل "عادل صبري، وزياد العليمي،
وهشام فؤاد".
وقال الناشط يوسف مسلم، إن العفو عن قاتل مأجور، وقبلها
كان عفو عن المحرض على القتل هشام طلعت مصطفى، وعن بلطجي وتاجر سلاح مثل نخنوخ؛
إنما علاء عبد الفتاح، وأحمد ماهر، ودومة، وغيرهم من المحبوسين بدون تهمة ليس له
عفو، وشادي يموت في السجن ويقولوا أصله شرب كحول.
واعتبر الكاتب الصحفي وائل قنديل تلك القضية من نتائج
الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، ساخرا
بقوله عبر "فيسبوك": "ثورة 30 يونيو العظيمة، تواصل عطاءها: الحرية
للقاتل الأجير محسن السكري، منفذ عملية اغتيال المطربة سوزان تميم لصالح الفارس
النبيل هشام طلعت مصطفى".
وعبّر الصحفي إلهامي الميرغني، بكلمات ساخرة للشاعر الراحل نجيب سرور قال فيها: "وقلنا ننضف قالو بلا وكسة.. والله لا يجي بدال النكسة ميت نكسة.. وربك خلقها كدة راح نعمل إيه فيها".
قام بإخراج أغنية "بلحة".. وفاة فنان مصري داخل محبسه
"العمل الوطني" تتهم صندوق النقد الدولي بتوريط مصر بالديون
إفراج عن 4011 سجينا بمصر وتجاهل للمعتقلين السياسيين