فنون منوعة

"سوبرمان".. توبة الشيوعي الأحمر بطل موسكو قبل متروبوليس

أرشيفية

هل كنت تتخيل أن يكون بطل "دي سي" الخارق، الذي يحمي مدينة "متروبوليس"، الرجل الأقوى حتى الآن في شخصيات الأبطال الخارقين، والذي عاد من الموت، ليحمي العالم، هو بالأصل "شيوعي أحمر" روسي سوفيتي اسمه "سوميشكا"؟

هذا ما فعلته "دي سي" هذه المرة في فيلم "الابن الأحمر"، كسرت قالبا صلبا وضعت فيه سوبرمان منذ الثلاثينيات، فبدلا من أن يكون طفلا خارقا وصل إلى الأرض ناجيا من الموت على كوكبه كريبتون، رسمت قالبا جديدا سوفيتيا شيوعيا باللون الأحمر.

فكيف يكون المدافع عن العالم شيوعيا من "أبناء" ستالين؟

وهل تتخلى أمريكا عن أحد أبرز أبطالها، لتقول إنه كان سوفيتيا، شيوعيا، يحمل شعار المطرقة والمنجل على صدره، ويحارب من أجل أفكار كارل ماركس، ويحب فتاة روسية "سفيتلانا" بدلا من محبوبته الصحفية الأمريكية "لويس لين"؟

 

اقرأ أيضا: "باراسايت": أخلاق "المسحوقين".. والعيش على فتات الآخرين

وبين الآلة الدعائية السوفيتية، والصحافة "الحرة" الأمريكية، ينظر الغرب إلى سوبرمان على أنه شكل جديد من أشكال التسلح، وعليه على الغرب أيضا أن يصنع "رجلا خارقا" خاصا به.

يتآمر الأمريكيون على أنفسهم، يسقطون قمرا صناعيا بشكل متعمد على "متروبوليس" أملا في أن تكون خطة ناجحة ليسافر الرجل الخارق إلى عقر دار الأعداء وينقذ ضحايا الرأسمالية الأمريكية. ليعبر بعدها عن عدائه للصحافة "الحرة" التي يرى فيها عدو الشعب، هي نفسها الصحافة التي سترسل "لويس لين" لتزرع الشك في نفس سوبرمان تجاه الأب ستالين الذي يؤمن بأن موت حفنة من الضعفاء لتعيش الأمة أمر طبيعي، "حلال على أمريكا، حرام على الاتحاد السوفيتي".

وعلى عكس ما يصرح به الأمريكيون اليوم، بأنهم يريدون الخير للشعب الإيراني، ويحاربون نظامه، والخير للشعب العراقي، بإسقاط النظام هناك، والخير للشعب الروسي، ويناكفون قيادته، في نسخة "الابن الأحمر"، يريد سوبرمان الشيوعي الخير للشعب الأمريكي، رغم العداء مع قيادته "الرأسمالية" التي تضطهد الشعب الأمريكي، ويرفض إجراء مقابلة مع الصحافة الأمريكية التي ستحرف كلماته لتوظفها ضده.

 

اقرأ أيضا: أبناء الذئب.. من نحن وماذا نريد أن نكون؟

فيلم سياسي بامتياز، ليس فيه تشويق، ولا الكثير من الأكشن، حرب باردة بين السوفييت والغرب، لكن أبطالها هذه المرة سوبرمان السوفييتي، والمرأة الخارقة المحايدة التي تحاول أن تكون وسيطا بين الغرب والشرق، وباتمان الأمريكي، وغرين لانترين.

يقتل سوبرمان أباه الشيوعي ستالين في محاولة لردم الفجوة الكبيرة بين الأفكار الشيوعية الرائعة، والواقع القاسي على الأرض، ولم يلبث أن أصبح هو المسيطر في الاتحاد السوفيتي.

يرسل الأمريكيون نسختهم المصنعة مخبريا من سوبرمان لكنها لا تفلح في القضاء على الأصل، فيلجأون إلى باتمان، الرجل الوحيد الذي استطاع قتل سوبرمان سابقا، فهو يرى أن العالم لا يحتاج بطلا خارقا.

ويبدأ بعدها نقاش الغازي والمحرر، ومن يريد قمع الشعوب والآخر الذي يعمل على تحريرها، لكنه في هذه النسخة مختلط، فهذه الادعاءات ليست حكرا على الغرب، بل يدعيها السوفييت أيضا، ولك أن تختار أيهما تصدق.

 

اقرأ أيضا: "Spirited Away".. حين تودي بنا شهواتنا وننسى أسماءنا

يهدم الشيوعي الأحمر سور برلين، بعد أن أنهى الحرب الكورية، وكل ذلك بدعوى تحرير الشعوب من الاضطهاد، ومن العبودية التي تسببت بها النخبة الرأسمالية.

ومع تزايد سلطته، رغم أنه بطل خارق في الأصل، يبدأ خليفة ستالين بالانزلاق إلى المربع الذي حذره منه سابقا، وفيه قذارة الحكومات "الضرورية"، فيبدأ تدريجيا بالقبول بالأضرار البسيطة، ولا يمانع في غسل العقول.

لكنه بعدما أوغل في شيوعيته حتى كاد يحتل الولايات المتحدة الأمريكية، انتقل دراماتيكيا إلى المربع الرأسمالي، وحارب إلى جانب النخبة، بعد أن ظهر عدو مشترك للبشرية بطرفيها الشيوعي والرأسمالي.

 

اقرأ أيضا: "الجوكر".. "يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا"

لم يعلن سوبرمان الشيوعي توبته صراحة، لكنه ظهر مرتديا زيه الغربي، في مؤتمر للصحافة التي اتهمها بأنها عدوة الشعب، ويبدو أنه سيبدأ قريبا قصة حبه مع الصحفية لويس لاين التي لمحته وابتسمت، وليس سرا أن اسمه سيصبح لاحقا "كلارك كنت".

ليست فكرة جديدة، وليس صراعا جديدا بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، لكنه قالب جديد، ربما يفتح الطريق أمام تحولات أخرى لاحقا.