قررت الحكومة المصرية
جعل 27 من شهر كانون الثاني/ يناير يوما وطنيا للبيئة؛ بهدف التوعية بمخاطر
التلوث، وضرورة الحفاظ على البيئة، في الوقت الذي تحاصر القمامة أحياء وميادين
وشوارع مدن وقرى كثيرة في مصر.
ويرى خبراء ومتخصصون
في حديثهم لـ"عربي21" أن مصر تعاني من أزمة كبيرة في انتشار القمامة،
وتنعكس آثارها بالسلب على المجتمع، وهي جزء من أدوات التلوث المنتشرة، وتحتاج إلى
وضع برنامج حقيقي على الأرض للقضاء عليها.
مراسل
"عربي21" رصد كارثة إلقاء القمامة والمخلفات البيئية على ضفاف الترع
المتفرعة من نهر النيل، وحرقها من وقت لآخر لتضيف نوعا آخر من التلوث، إلى جانب
محاصرة القمامة ومقالبها الكثير من الأحياء، وبجوار بعض المنشآت كالمدارس والمشافي
والمساجد.
اقرأ أيضا: كيف أصبحت مصر من أسوأ الدول في "انتشار القمامة"؟
ويتهم مواطنون الحكومة
المصرية بالتقصير في نظافة البيئة على الرغم من تحصيل رسوم نظافة شهرية تضاف على
فواتير عدادات الكهرباء، دون رؤية أي تحسن يذكر باستثناء الاهتمام ببعض المدن
والأحياء والشوارع لطبيعة من يسكنها.
وخلال كلمتها في
المؤتمر الصحفي، للاحتفال بيوم البيئة الوطني، رهنت وزيرة البيئة المصرية، تحقيق
أي تقدم في هذا الملف بمشاركة المواطن، مشيرة إلى أن يوم البيئة الوطني ليس مجرد
احتفال، لكنه يعتمد في الأساس على إيجاد فرصة للمشاركة من الجميع في جعل البيئة
أفضل.
وقالت الحكومة المصرية إنها انتهت من إعداد منظومة جديدة لجمع القمامة
بمحافظات مصر، تمهيدًا لتطبيقها العام الجاري، فيما أكد رئيس البرلمان المصري أن
مصر ستشهد خلال الفترة المقبلة منظومة نموذجية لحل مشكلة القمامة التي تعانى منها
كل محافظات مصر.
في 14 كانون الثاني/
يناير الجاري، أعلن وزير الكهرباء
والطاقة، المصري، أن فواتير الكهرباء ستكون خالية من رسوم النظافة، إلا أن جهاز
تنظيم إدارة المخلفات بوزارة البيئة أعلن أن 80% من المواطنين سيدفعون رسومًا ما بين أربعة إلى عشرة جنيهات شهريا.
في أيلول/ سبتمبر
2019، وافقت الحكومة المصرية على مشروع قانون تنظيم إدارة المخلفات، حيث نصّ مشروع
القانون على أن تنشأ هيئة عامة تسمى "جهاز تنظيم إدارة المخلفات" تكون
له الشخصية الاعتبارية العامة، ومقره الرئيسي مدينة القاهرة، ويتبع الوزير المختص.
حجم المخلفات والتلوث
وأطلقت مصر مبادرة
وحملة بيئية بعنوان "أتحضر للأخضر"، في إطار الاستراتيجية القومية
للتنمية المستدامة 2030؛ حيث تهدف الحكومة المصرية إلى خفض التلوث بالجسيمات
الصلبة بنسبة 50% بنهاية عام 2030.
تقول وزارة البيئة، إن
كمية المخلفات البلدية "الصلبة" المتولدة سنويا تبلغ 26 مليون طن، في
حين كشف الجهاز المركزي للإحصاء، أن 44.8% من الأسر المصرية تتخلص من القمامة عبر
إلقائها في الشارع بطريقة عشوائية، نظرا لعدم وجود صناديق لها.
واحتلت القاهرة المركز
الثاني لأكثر مدن العالم تلوثًا في الهواء المحيط ضمن دراسة أصدرتها منظمة الصحة
العالمية في 2016.
ووفقًا لتقديرات البنك الدولي لحساب مؤشر تكلفة التدهور البيئي، يحدد تكلفة
تلوث الهواء بنحو 5% من الناتج القومي الإجمالي السنوي، ما يعادل 2.42 مليار دولار
سنويا.
عشوائية المعالجة
قال المستشار الأسبق
لوزير البيئة، حسام محرم، إن "تحديد الاحتفاليات السنوية لها دور رمزي في
تذكير الشعوب بحدث أو قضية بهدف الارتقاء بالوعي الجماهيري أو الجمعي تجاه تلك،
ولكن عدم فاعلية التدابير الحكومية والمجتمعية تجاه تلك القضايا أو الملفات، يدفع
المجتمع تدريجيا إلى فقدان الاهتمام لمثل تلك الاحتفاليات السنوية أيا كان محتواها
ورسالتها المباشرة أو الضمنية".
وأوضح في تصريح
لـ"عربي21" أن "ملف إعادة تدوير المخلفات الصلبة كان يدار بطريقة
عشوائية منذ 5 سنوات، واعتبر أن ملف إدارة المخلفات الصلبة والخطرة بالسهل
الممتنع، إلا أن هناك بوادر لحل تلك القضية إذا تم إدارة الجهود الحالية بحرفية
تراعي جميع الأبعاد التي يتضمنها ملف المخلفات الصلبة وهي الأبعاد التنظيمية
والمؤسسية والتعاقدية، وكذلك الأبعاد المتعلقة بالتمويل والبنية الأساسية".
وكشف أن "المواطن
ينتج حوالي نصف كيلو مخلفات صلبة "القمامة" يوميا فضلا عن باقي بنود
المخلفات الأخرى، ويبلغ حجم المخلفات سنويا حوالي 22 مليون طن، يتم إعادة تدوير
12% فقط منها، بينما يهدر المتبقي وهو الجزء الأكبر إما بالحرق أو الدفن"،
لافتا إلى أن "معظم مدافن القمامة الراهنة في مصر عشوائية، ولهذه المخلفات
آثار بيئية سلبية على الصحة العامة".
لماذا فشل ملف القمامة؟
علق أمين عام اتحاد خبراء
البيئة العرب، مجدي علام، مشكلة القمامة في مصر سببها أمرين، الأول: الزيادة
السكانية وبالتالي زيادة إنتاج المخلفات الصلبة، وينتج الفرد في المدن كيلو جرام،
ونصف كيلو في المناطق الشعبية، وربع كيلو في الريف، ما يعني إنتاج 37 مليون طن
مخلفات سنويا"، مشيرا إلى أن "البعض يطلق عليها "زبالة"، ونحن
كخبراء نقول عنها مدخلات صناعية "ثروة"، لا تفرطوا فيها".
مضيفا
لـ"عربي21": "الأمر الثاني، أن مصر تراجعت في هذا الملف، وسبقتنا
دول كثيرة، على الرغم من أننا أول من بدأ موضوع إعادة تدوير المخلفات، في منطقة
منشية ناصر، هذا الموضوع ينطبق عليه أحد أهداف التنمية المستدامة ، وهو ما يطلق
عليه الاستهلاك المستدام، والإنتاج المستدام، وخلاصتهما صفر مواد جديدة وصفر
مخلفات قديمة".
وعزا الفشل في القضاء
على أزمة القمامة في مصر إلى "اعتبار الملف ملفا حكوميا، فالقطاع الخاص في
العالم هو من يدير ملف القمامة من خلال شركات متخصصة قادرة على تدويرها من خلال
مراحلها الخمس".
البرادعي ينتقد "الاستقطاب المدمر" في المجتمعات العربية
مناورات بحرية للجيش المصري في البحر المتوسط
الأزهر: أي تدخل خارجي في ليبيا "فساد في الأرض"