حذر خبير فلسطيني بارز، من التداعيات الخطيرة المترتبة على "سياسة التعطيش" التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق الأغوار الفلسطينية.
تجفيف الينابيع
وأوضح خبير الاستيطان والانتهاكات الإسرائيلية في الأغوار، عارف دراغمة، أن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي بدأت منذ احتلال الأغوار عام 1967، بعمليات حفر آبار في أعماق الأرض تجاوزت ألف متر، ما تسبب بتجفيف نحو 60 نبع ماء، إضافة إلى 13 بئر ماء في المناطق المختلفة بالأغوار".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21": "ما فعلته السلطات الإسرائيلية أجبر السكان على التوجه لأخذ المياه من شركة المياه الإسرائيلية "مكوروت" التي تعطيهم المياه بالقطارة، بما يصل إلى 18 في المئة فقط من احتياجاتهم".
ولفت دراغمة إلى أن "هناك قرابة 36 قرية وخربة في الأغوار لا يوجد بها أي مصدر للمياه، لذا يضطر السكان الفلسطينيون إلى إحضار المياه بواسطة صهاريج متنقلة، وهو ما يضاعف سعر كوب الماء ليصل إلى ما بين 20 وحتى 35 شيكل"، ويذكر هنا، أن متوسط سعر كوب الماء في مدينة القدس المحتلة يصل لنحو 10 شيكلات، وفي الضفة الغربية المحتلة إلى 5 شيكلات، وفي قطاع غزة يصل متوسط الكوب لشيكل واحد فقط تقريبا.
وأما بعض القرى التي تصلها مياه الشركة الإسرائيلية، "فيتحكم الاحتلال بكميات المياه الواصلة إليها، فمثلا؛ في قرية بردلة وبحسب الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، من المفترض أن تزود من قبل الاحتلال بـ240 كوب في الساعة، ولكن في الواقع، الاحتلال لا يلتزم بذلك والكمية الواصلة لا تزيد على 100 كوب فقط؛ للاستخدام المنزلي والزراعي".
تهجير السكان
وأكد أن "هناك معاناة حقيقية لدى سكان مناطق الأغوار البالغ عددهم نحو 35 ألف نسمة (بدون مدينة أريحا)، حيث تمر خطوط المياه الإسرائيلية من أراضيهم المسجلة في الطابو، ولا يستطيع السكان أخذ أي شيء منها".
ونوه الخبير، أن "سكان الأغوار يعيشون على بحر من المياه ولكنهم يعانون من العطش، ولا يسمح لهم بحفر أي بئر ماء ولا حتى ترميم الآبار الجوفية القائمة"، موضحا أن "سياسة التعطيش الإسرائيلية مرادفة أيضا لسياسات مختلفة، تتحالف وتتعاون فيها كافة مؤسسات الاحتلال، لتقويض المواطن الفلسطيني ومصادرة أرضه تمهيدا لتهجيره وطرده من الأغوار".
اقرأ أيضا: "سياسة التعطيش".. نهج الاحتلال لطرد الفلسطينيين من أرضهم
وتابع: "عندما تقوم سلطات الاحتلال بمصادرة ممتلكات السكان ومعداتهم الزراعة، وهدم منشآتهم وبيوتهم البسيطة، يعمل المواطن جاهدا على إعادة بناء ما هدم واسترجاع ما تمت مصادرته، واليوم بدأ الاحتلال بسياسة قطع المياه عن سكان الأغوار ومزارعهم، وهو ما تسبب بتجفيف الأراضي الزراعية".
ومع "سياسة التعطيش" التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق المواطن الفلسطيني في الأغوار، يقوم الاحتلال بحسب دراغمة بـ"ضخ كميات كبيرة من المياه للمستوطنات الإسرائيلية بالأغوار، وكل ذلك يأتي في محاولة لترحيل المواطن الفلسطيني تمهيدا للقضاء على الوجود الفلسطيني في الأغوار".
وأشار إلى أن "المستوطن الإسرائيلي في الأغوار، يحصل على كمية المياه التي يريدها، ويقوم بالاستيلاء على أراضي السكان هناك وزراعتها"، لافتا إلى أن "المزارع الفلسطيني في الأغوار يعاني بشكل كبير بسبب عدم توفر المياه لري الأراضي الزراعية، ما دفع بالكثير منهم لتقليص مساحة الأرض المزروعة؛ فمنهم من كان يزرع 70 دونما واليوم يكتفي بـ 20 فقط".
حقوق منهوبة
ونبه إلى أن "العديد من الخرب كانت بها ينابيع مياه تروي آلاف الدونمات، هذه الينابيع جفت اليوم بسبب الحفر العميق للاحتلال في أعماق الأرض الذي وصل لأكثر من 1000 متر، ومن ثم يتم ضخ المياه للمستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية".
وفي ذات السياق، سلطت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية الضوء على مشكلة المياه التي تعاني منها مناطق غور الأردن، مؤكدة أن الغور سيبقى يعاني من نقص المياه والعطش.
وذكرت في تقرير لمراسلها العسكري إليشع بن كيمون، أن "الحكومة الإسرائيلية قررت في 2019 إقامة مشروع استراتيجي غايته التصدي لفترات الجفاف، وتقرر ضمن أمور أخرى توجيه سلطة المياه (الإسرائيلية) لإنتاج خطة غايتها والهدف منها، خلق مصداقية كاملة لتوريد مياه الشرب ،وزيادة توريد المياه المنتظم للزراعة".
وأضافت: "مر الزمن، وفي الشهر الماضي كان هناك تطور ما، واكتشف أن سلطة المياه تعمل على خطة تربط البلدات ببحيرة طبريا وليس بالشبكة القطرية".
وبحسب محافل في الغور، فإنه "يدور الحديث عن قرار غير موضوعي، لأن الارتباط ببحيرة طبريا مصداقيته أقل من الارتباط بالشبكة القطرية، وفي أزمنة الجفاف من شأن الغور أن يجد نفسه مرة أخرى بدون مياه كافية".
وفي تعليقها على الموضوع، ذكرت سلطة المياه الإسرائيلية، أنه "في هذه المرحلة تبحث سلطة المياه البدائل المبدئية لتنفيذ القرار انطلاقا من رؤية عمومية شاملة لاقتصاد المياه، بما في ذلك حماية بحيرة طبريا كمصدر دائم للمياه يتيح توريد المياه لغور الأردن في الزمن الأقصر وبالكلفة الأدنى".
كيف أقامت دلال "الجمهورية الفلسطينية" في "باص"؟
"تنكيل الجرافة".. نهج إسرائيلي للانتقام من الشعب الفلسطيني
هذه حكاية فلسطيني "عشق الصيد" على مدار 35 عاما (شاهد)