بعد استعادة الأردن لأراضي الباقورة والغمر، طالب المواطنون الأردنيون الحكومة باستغلالهما، خاصة أنهما تحويان العديد من الموارد الطبيعية أهمها المياه الجوفية.
وبدأت تساؤلات تثار حول الطريقة التي سيستغل فيها الأردن هاتين المنطقتين، إضافة إلى تساؤلات حول ما إن كان هناك بنود في اتفاقية وادي عربة تمنع الاستثمار الأردني فيها.
تمويه للرأي العام
وشكك الخبير الأردني الدولي في مجال الطاقة والبيئة الدكتور سفيان التل في احتمالية استثمار الأردن لمنطقتي الباقورة والغمر، قائلا: "لن يستثمر الأردن المناطق المستعادة، وأرى أن كل التصريحات والإعلانات الرسمية كانت فقط للتمويه على الرأي العام".
وتابع التل في حديث لـ"عربي21": "أيضا سيستمر المزارعون الإسرائيليون بالعمل تحت العلم الأردني كما كانوا يفعلون تحت العلم الإسرائيلي، وعمليا لم يتم استعادة المنطقتين، وأكبر دليل على ذلك أن وزير الخارجية الأردني أعلن عن نيته عقد مؤتمر صحفي في الباقورة، ولكن تم منعه من الدخول وأجرى مؤتمره الصحفي في وزارة الخارجية في عمان".
ملحق وادي عربة
وحول ما إذا كانت هناك بنود داخل ملحق اتفاقية وادي عربة تمنع استغلال أو استثمار الأردن للباقورة والغمر قال التل: "النص الواضح في ملحقات وادي عربة عن الغمر والباقورة أنه إذا أحد الطرفين قرر إنهاء الاتفاقية فإنه يبدأ بالمشاورات مع الطرف الآخر، لكن السؤال المهم: هل تم إطلاع الشعب على هذه المشاورات؟ بالتأكيد لا، بل بقيت سرية".
من جهته قال وزير الشؤون البلدية الأردني السابق حازم قشوع: "لا يوجد بند في اتفاقية وادي عربة يمنع استغلال الأردن للمنطقتين والاستثمار فيهما، والاتفاقية كانت واضحة بأنه بعد انتهاء فترة التأجير، تصبح كلها تابعة للأردن دون شروط".
وأشار قشوع في حديث لـ"عربي21" إلى أن "الباقورة والغمر الآن تحت السيادة الأردنية، والأردن هو الجهة الوحيدة المخولة بالاستثمار فيهما"، مضيفا أنه "بالتالي كل الاستثمارات الموجودة فيها إن كانت في الموارد الطبيعية أو غيرها هي ملك للأردن وهو قادر على الاستثمار فيها".
وأضاف: "البعض تحدث عن الباقورة بأن هناك شركات تتبع لبعض الجهات، هذه ملكيات خاصة يمكن للأردن التفاوض عليها، ولكن في النهاية فإن السيادة للأردن بغض النظر عن وجود ملكيات خاصة فيها".
وأكد الوزير السابق أن "الباقورة والغمر أراض لها رمزية وطنية وسيادية عند الدولة الأردنية وبالتالي هنا تأتي أولوية الاستثمار فيهما".
مخطط شمولي
وحول الطريقة التي يمكن للأردن فيها استثمار المناطق المستعادة قال قشوع: "يوجد في الباقورة والغمر موارد كثيرة وعلى رأسها المياه، بالتالي أعتقد أن الدولة الأردنية تعي ما الذي تريد أن تقدمه حيال ذلك وستقوم بواجبها".
وأضاف: "ربما الدولة الأردنية تريد إعطاء الأولوية للاستثمار في هاتين المنطقتين، ولكن هذا يعتمد على برنامج الحكومة الخاص في ذلك، لكن التوجيه الملكي الخاص والذي كان واضحا في خطاب العرش، أشار بكل وضوح إلى ضرورة الاستفادة من هاتين المنطقتين، وضرورة العمل على تشييد ما يمكن بناؤه لبناء منجز عربي أردني جديد".
وأردف: "من واجب الحكومة الأردنية أن تقوم أولا بإيجاد مخطط شمولي للمنطقة، وهذا المخطط سيتيح للمستثمرين الأردنيين والعرب والأجانب معرفة آلية وكيفية الاستثمار والمجالات التي يمكن الاستثمار فيها".
وأكمل قشوع: "فالباقورة إن كنا نريد استثمارها صناعيا أو زراعيا أو نعيد إنتاج المشروع الذي تم إنشاء المنطقة لأجله ألا وهو محطة كهرباء جديدة تخدم الصالح العام، فإننا نحتاج لمخطط شمولي للمنطقتين".
وأشار إلى أنه "مطلوب من الحكومة القيام فورا بتشكيل مجلس بلدي للباقورة والغمر، وذلك لأهمية وجود جهاز إداري، وأولى خطوات تكوينه تبدأ في البلديات، لذا فإن علينا ابتداء اعتبار المنطقتين إما جزءا من مجلس بلدي سابق أو إيجاد جهاز بلدي يقوم بالمطلوب منه".
وأكمل: "أيضا علينا إعطاء المستثمرين رزم تحفيز ضريبية، تُشعر المستثمر بأن أمامه خيارات متعددة منها إعفاءات ضريبية، أيضا يجب إطلاق منصة إعلامية لتوجيه المستثمر العربي والدولي والأردني للمنطقة".
استغلال المياه
وأشار الخبراء إلى أن هناك كميات وافرة من المياه في الغمر، ما طرح تساؤلاته أنه "في ظل الشح المائي الذي يعانيه الأردن، هل سيتم الاستثمار المهم في هذا القطاع داخل المناطق المستعادة؟".
وقال الخبير الدولي سفيان التل: "تم احتلال الغمر عام 1967، وهي منطقة غنية جدا بالمياه الجوفية، أيضا، تم حفر عدد كبير من الآبار الأرتوازية فيها، وتم التكتم على عددها، وإسرائيل تضخ المياه منها منذ 1968 إلى الكيان المحتل ويتكتمون على كمية المياه المضخة، بالتالي إذا تم فعلا إعادة المنطقة للأردن فإننا نريد أن يشعر الشعب بأن مياه المنطقة تضخ للبلد".
وأضاف: "لكن ممنوع على الأردن استغلال المياه في الغمر، وبموجب اتفاقية وادي عربة يستمر فقط بحمايتها وحراستها وإسرائيل تضخ المياه لأراضيها، وإذا فعلا عادت فيجب أن نلمس ذلك بجر المياه للداخل الأردني".
ووفقا للتل: "النص الذي ورد في اتفاقية وادي عربة وملحقاتها يمنع الأردن أو أي مزارع أردني من حفر أي بئر في الأراضي الأردنية من شأنه أن يؤثر على كمية ونوعية المياه في الغمر التي تضخها إسرائيل لها".
وختم حديثه بالقول: "وفي ملحق اتفاقية وادي عربة، قام وزير المياه الأردني الأسبق بتدمير آبار كثيرة بكل أنحاء الأردن حتى لا تؤثر على كمية المياه التي يتم ضخها لإسرائيل".
كاتب إسرائيلي: هذا ما قاله لي "مثقف" سعودي زار إسرائيل
ما أوراق الأردن لمواجهة موقف أمريكا بشأن المستوطنات؟
كيف شكّل العامل الشعبي ضغطا لإنهاء ملفي "الباقورة" و"الغمر"؟